بداية الخلاف مع الرئيس عباس ليس من اجل الخلاف واستخدام لغة الهجاء في كل الاحوال والمواضع وللخلاف قواعده الوطنية والاخلاقية، وان كان السلوك الذي استخدم ضد شرفاء من حركة فتح يبتعد عن قواعد الخلاف وقواعده، اما ما تمليه علينا قواعد الوطنية والانتماء ان نكون منصفين غير نرجسيين في قواعد خلافاتنا، وددت ان اضع هذه المقدمة من واقع اسس الخلاف بيننا وبين الرئيس وبطانته.... وسنمضي للامام في اصول الخلاف بقواعد وطنية نشجع الايجابيات ان وجدت ونقف امام الفساد والخطأ ايضا.
تابعنا خطاب الرئيس عباس في الدورة 70 للجمعية العامة، ولملمنا كل ما قلنا عن قنبلة الرئيس المنتظرة لنسمع ماذا سيقول الرئيس.
في كلمته لم يفجر الرئيس قنبلة بل اختار ان يضع نصف قنبلة بنصف صاعق، وهذا السلوك والخيار والاداء يرجع لبرنامجه السياسي المعروف والمعلن منذ عقود وقبل تسلمه السلطة، اجاد الرئيس عباس وصف محنة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال بشكل عاطفي يأخذ مشاهد المليودراما من محطة دير ياسين الى تطور الارهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الذي اضيف له احراق وسلوك الحرق كتطور للارهاب.... لغة العاطفة التي يتبعها الرئيس عباس تعبر عن خطه السياسي السلمي الذي يتجنب فيه التصعيد بالمقاومة او الكفاح المسلح او الانتفاضة، حاز الرئيس عباس على التصفيق من الحضور اكثر من مرة ، وربما اثيلرت لدى الحضور كل معاني الشفقة والحزن على الشعب الفلسطيني، ولكن ما في السياسة وحساب الارقام وخطوط الجغرافيا والامن والسياسة والنفوذ الدولي والمصالح قد تنحي العواطف فلا مكان للعواطف في الخرائط السياسية والمصالح، وهكذا تبنى سياسات الدول ومواقفها.
في وجه نظري اهم ما اتي في هذا الخطاب:
1- الفقرة الخاصة والمشار فيها للقرار 181 قرار التقسيم الصادر عام 1947 وهو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي: 1. دولة عربية: وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. 2. دولة يهودية: على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حاليا. 3. القدس وبيت لحم والاراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.
وهو القرار الذي تم الاعتراف فيه باسرائيل مقابل الاعتراف بدولة فلسطين وكما ذكر الرئيس عباس في خطابه لم ينفذ فيه الجانب الاخر....قلت عتدئذ لقد وضع الرئيس القنبلة ووضع المجتمع الدولي تحت مسؤلياته.... ولكن ما لبث الرئيس ان تراجع في محطات تالية.
2- ذكر الرئيس قرار 194 والمبادرة العربية وخارطة الطريق وكانه اعادنا للواقع وبرنامج قد فشل بمجمل التنازلات التي تحملها المبادرة العربية وخارطة الطريق التي تعني التنسيق الامني
3-سحب الرئيس اعترافه بكل الاتفاقيات والتفاهمات بموجب اوسلو مادامت اسرائيل لا تعترف بها... وهنا انسحاب غير مؤكد يرتبط بمبادرات قادمة وجعل الباب مفتوحا للمفاوضات على اسس وقواعد جديدة عندما قال لا يمكن ان يبقى الوضع كما هو عليه
4- سحب الرئيس اعترافة بالاتفاقيات ولم يسحب اعترافه باسرائيل وهو اعتراف بموجب اتفاقية اوسلو عندما قال :نني لازلت أمد يدي للسلام العادل، الذي يضمن حقوق شعبي وحريته وكرامته الإنسانية، وأقول لجيراننا أبناء الشعب الإسرائيلي، إن السلام مصلحة لكم ولنا ولأجيالنا وأجيالكم القادمة جميعاً
5-إننا نعلن أنه لا يمكننا الاستمرار في الالتزام بهذه الاتفاقيات، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره، وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في شهر آذار الماضي محددة وملزمة.
إن دولة فلسطين على خطوط الرابع من حزيران 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، هي دولة تحت الاحتلال، تماماً كما كان هذا الحال لدول عديدة خلال الحرب العالمية الثانية، علماً بأن 137 دولة اعترفت بدولتنا وهذا العدد هو أربعة أضعاف الدول التي اعترفت بإسرائيل، هناك إجماع عالمي على حق شعبنا في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله.
وأذكركم بقرار الجمعية العامة 19/67 لعام 2012 الذي أكد بأن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ستكون الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين، وأن المجلس الوطني الفلسطيني هو برلمان دولة فلسطين.
6--نرحب بالجهود الدولية والأوروبية، بما فيها المبادرة الفرنسية الداعية لتشكيل مجموعة دعم دولية لتحقيق السلام، وقد أكدت الدول العربية في قمتها الأخيرة، تأييدها لإصدار قرار من مجلس الأمن يتضمن المعايير الواضحة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين على حدود 1967، وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، إذ لم يعد من المفيد تضييع الوقت في مفاوضات من أجل المفاوضات، بل المطلوب إيجاد مظلة دولية تشرف على إنهاء هذا الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية، وإلى حين ذلك، فإنني أطالب الأمم المتحدة السيد الأمين العام والسيد رئيس الجمعية العامة، بتوفير نظام حماية دولية لشعبنا الفلسطيني وفقاً للقانون الإنساني الدولي.
بالتاكيد ان الرئيس عباس كان موفقا و خطاب قوي ولكن متناقض في محطات كثيره فيه قد تفك الايام القادمة ما جاء من تناقضات، والتي على اساسها تحدد مقدرة الرئيس على التمسك وتطبيق ما جاء بخصوص دولة فلسطين تحت الاحتلال وباعتبار ان اللجنة التنفيذية هي حكومة دولة فلسطين ومما يستوجب
اولا : اعادة النظر في السياسة الداخلية والتنظيمية والبرنامج السياسي لحركة فتح والذهاب الى قرارات عاجلة وفورية بالغاء كل القرارات التي ادت لضعف فتح باعتبارها الفصيل الاكبر والمؤثر في اي عملية وطنية وخاصة عودة المفصولين وفك الاشكالية مع عضو المركزية محمد دحلان والتوقف عن استهداف المناصرين له والاحتكام دائما للنظام وما يترتب عليه من اجراءات لا تسعى للعقاب بل للتوافق.
ثانيا:دعوة الاطار المؤقت لمنظمة التحرير ولجنة تفعيل منظمة التحرير والعمل المتسارع لعقد المجلس الوطني بناء على انتخابات حرة زكما جاء في اتفاقيات القاهرة
ثالثا: السعي لانهاء الانقسام على اسس وطنية جامعة
رابعا: تشكيل حكومة انتقالية في المنفى تمثل الكل الفلسطيني الوطنية والاسلامية والمستقلين
خامسا التاكيد على سد كل الابواب لحلقات من التفاوض مجددا التي يمكن ان ترجعنا للمربع الاول
سادسا : عقد المؤتمر الحركي العام السابع بالكل الفتحاوي واعادة النظر فب الحسابات القديمة المبنية على قواعد الاقصاء والاتهام والتشويش والتزييف
سابعا: وقف الحملات الاعلامية المبنية على المناكفة والمساجلة والتحريض
قد نستطيع القول ان الخطاب كان بنصف قنبلة وبنصف صاعق وعلى الرئيس اكمال تجهيز هذه القنبلة لصياغة برنامج سياسي واضح من احد اهم اساسياته دعم المقاومة الشعبية بكل الطرق والاساليب لردع الاحتلال والاستيطان ولكي نقول للعالم ان شعبنا مصر وفق القوانيين الدولية على نيل حريته واقامة دولته على ارضه، وبالتاكيد ان ما بعد الخطاب يجب ان تشكل ورش عمل متكاملة في كل النواحي السياسية والاقتصادية والامنية والشعبية لترجمة قرار اعلان الدولة تحت الاحتلال.......والجميع ينتظر ما بعد الخطاب.... مع الاخذ بالحسبان ردات الفعل الاسرائيلية واخذ اجراءات المقاومة والدفاع تجاه تلك الردود التي قد تاخذ اشكال من البدائل وتقويض ما جاء في الخطاب بالاضافة الى تفقييد الحركة والاجراءات الامنية والاقتصادية الاخرى.