استقبل بلدنا, المملكة الأردنية الهاشمية, خلال أيام قليلة ثلاثة مسؤولين كباراً من ثلاث دول كبرى إنْ هي ليست دولاً عظمى .. وحقيقة أنها دول عظمى هي: روسيا والهند وفرنسا وهذا لا يشير بل يؤكد على أن هذا البلد يحظى باحترام وتقدير وثقة دول العالم كلها وبدون استثناء وأنه يشكل رقماً أساسيَّاً وكبيراً في المعادلة الدولية وهذا ما سمعناه من هؤلاء الضيوف الكرام كلهم وما نعرفه من خلال ما نقرأه ونسمعه وما يقال عن «مملكتنا» التي تبدو كواحة أمانٍ واستقرار.. وأيضاً انجازات في منطقة تهتز كريشة في مهب الريح
في بدايات هذا «الربيع» سال أحد القادة العرب, الذين لم يسلموا من هذه العواصف التي بدأت تضرب بعض دول الوطن العربي في مشرقه ومغربه, جلالة «سيدنا» في اتصال هاتفي عمَّا من الممكن أن يفعله «هو» لتفادي ما يحدث في دول عربية أخرى بعد حادثة جرت في إحدى مدن بلده أتضح منذ اللحظة الأولى أنها ستكون الشرارة التي ستشعل النيران في الحقل كله وكان الجواب الذي حمله مسؤول كبير: عليك بمسألتين.. الأولى ألا تبتعد عن شعبك والثانية أن تتحمل كثيراً وألا تلجأ إلى معالجة الأمور بالعنف والقوة .
وبالطبع فإن هذا المسؤول, الذي أفهمه المحيطون به أنه: «مبعوث العناية الإلهية» وإن عليه أن يفعل ما كان فعله الذين أوصلوا الحلم إليه, لم يأخذ بهذه النصيحة التي تساوي ألف جمل.. في حين أن العرب قالوا: «إنَو النصيحة بجمل واحد» فكانت النتيجة كل هذا الذي نراه الآن والذي غير معروف كيف سينتهي وكيف ستكون النتائج وبخاصة بعد هذه المستجدات الأخيرة التي ستدخل إلى هذا «القطر الشقيق» كل غيلان الكرة الأرضية وضباعها .
اللهم لا شماتة.. فبلدنا, الذي يقع في قلب الوطن العربي والذي أُنشئ على أساس الرسالة القومية التي رفع رايتها الطلائعيون الأوائل والتي سار على هديها اللاحقون الذين اجترحوا كل هذه الانجازات العظيمة.. وأهمها أن هذا البلد الذي هو بحجم وردة جورية يحتل هذه المكانة الكونية التي يحتلها الآن ويشكل رقماً صعباً في المعادلة الدولية وهذه حقيقة يلهج بها الآخرون ومن بينهم الضيوف الكبار الذين زاروا بلدنا خلال الأيام الأخيرة .. لا يعرف الشماتة وهو لا يمكن أن يشمت ووجع هذا البلد الشقيق هو وجعه ووجع شعبه هو وجع الشعب الأردني .
إنه لا شك في أن الأردنيين كلهم يعرفون هذا كله وهم يعرفون أيضاً معنى أن يصبح هذا البلد المحمي بعناية الله وسعة أفق قيادته وإخلاص شعبه قبلة للأشقاء الذين لجأوا إليه هروباً من النيران الهوجاء التي اشتعلت في بلدانهم الشقيقة وهروباً من ويلات صنعتها السياسات الخاطئة والممارسات السيئة والاستبداد الآسيوي البدائي والفرقة بين أبناء الوطن الواحد .
وهذا يعني إنه على كل أردني أن يضع هذا البلد في بؤبؤ عينه وإنه على كل أردني أنْ يكون خفيراً وجنديّاً ينام في الخندق كالذئب «عينٌ مفتحة وعين مغمضة» فهذا الاستقرار أعداؤه كثر.
وعلينا أن نكون كلنا في حالة الاستنفار القصوى... علينا أن لا نسمح لأيٍّ كان باختراق صفوفنا.. وعلينا أن نضرب وبقوة على يد كل ما نشعر بأنه يستهدف وحدتنا الوطنية ويستهدف صمودنا وتماسكنا.. فهذه مسائل لا تهاون فيها ولا مساومة عليها... إن هذا الأردن واحة عز واستقرار وعلينا أن نحرسه ونحميه وأن يضعه كل واحد منا في بؤبؤ عينه .