تساءل الاعلامي فيصل القاسم امس في برنامجه المشهور الاتجاه المعاكس مستغربا عن عدم خروج الشعوب العربية للانتفاض والتظاهر من اجل القدس والانتهاكات المتكررة في المسجد الاقصى والاعدامات بحق الشعب الفلسطيني الاعزل، القاسم ابدى استغرابه من عدم خروج المسيرات الا في الاردن وبهذا الزخم الشعبي الكبير للتعبير عن موقف ابناء الشعب الاردني مع اشقائهم المرابطين في المسجد الاقصى تحديدا وعلى اسوار القدس وخلف الجدران العازلة لمدن فلسطين الاخرى.
من حق الاعلامي القاسم الاستغراب من حالة السبات العربي بأنظمتها وشعوبها على جرائم الاحتلال الاسرائيلي ونحن نضم صوتنا لصوته في استغرابه هذا سيما وان فلسطين والقدس اليوم بكافة مقدساتها باتت تشهد تصعيدا خطيرا تبرر مخاوف الغيورين من الامة الاسلامية والعربية بقيام قوات الاحتلال بتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف.
على الساحة الاردنية هبت وقفات شعبية عبرت عن غضب دفين تجاه تصعيد الاحتلال الاسرائيلي وهذه الوقفات الشعبية من مسيرات وحراكات وتجمعات وبيانات شديدة اللهجة من نقابات ومنتديات واحزاب وغيرها حيث تزامن هذا الغضب الشعبي الاردني مع غضبة رسمية من اعلى المستويات تكللت بالمواقف والحراك الذي عبر عنه راس الدولة في اتصالاته وتحركاته التي جعلت الحكومة الاسرائيلية ورئيسها نتنياهو يحاول مرارا الاتصال بعمان دون جدوى، جعلت الاخير يقع في حرج كبير وهو يحاول تفسير جرائم قوات احتلاله في الاراضي الفلسطينية وما جرى مؤخرا من إعدامات بحق شبان فلسطينيين يحاولون الرد الشجاع تجاه الانتهاكات الاسرائيلية بحق شعب اعزل ويرافق تلك الاعتداءات حالة الهيجان والهستيريا التي باتت تصاحب المستوطنين اليهود والمتطرفين الذين لم يتوقعوا تلك الانتفاضة الشعبية والرد الفلسطيني على جرائمهم المتكررة حيث باتت حالة الخوف ترافقهم دوما وكأنهم ليسوا محميين بكل هذه الجيوش والاسلحة والجدران وان الغضب الفلسطيني سيطالهم وان كانوا متحصنين بكل تلك الأسلحة والحمايات التي لم تمنع الخوف من احتلال قلوبهم قبل عقولهم.
نشامى الشعب الاردني ولأنهم الاقرب دوما لأشقائهم الفلسطينيين يفهمون جيدا معادلة ان ثمة رابطاً وثيقاً يتعلق به الشعبان الاردني والفلسطيني وحالة اللحمة الشعبية الاردنية الفلسطينية والتي تؤكد دوما اعمق اواصر الوحدة بين شعبين هم في الحقيقة نتاج لشعب واحد تعلق قلبه وعقله بالقدس والمقدسات وبفلسطين ارضا عربية حيث ان دماء الجيش العربي الاردني الماثلة في قرى فلسطين كلها تتحدث وان ليس ثمة بيت اردني الا له احد الاقرباء من روت دماؤهم الزكية ارض فلسطين في حروب الجيش العربي الاردني ضد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
حالة الغضب الاردني التي يقودها الاردن وعلى راسه جلالة الملك الهاشمي عبدالله الثاني ليست مستغربة سيما وان المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس هي تحت حماية الوصاية الهاشمية وتعمل تحت اشراف وزارة الاوقاف الاردنية والاحتلال الاسرائيلي اكثر ما يخيفه حالة التصعيد الرسمية بالطرق الدبلوماسية لجعل اسرائيل تتراجع عن اية محاولات تغيير للوضع القائم بالحرم القدسي الشريف والاشارات الرسمية التي صدرت عن الموقف الرسمي الاردني بان كل الخيارات مفتوحة امام الجانب الاردني لإرغام اسرائيل على وقف الانتهاكات وهذه الخيارات اولها طرد السفير واتفاقية السلام وما يتبعها من وسائل ضغط يبدو ان الدور الرسمي الاردني يدرس جيدا هذه الخيارات وبالتأكيد ان الاسرائيليين ومن يدعمهم سيما الامريكيين يعون جيدا معنى هذه الخيارات الأردنية وهذا يفسر قدوم وزير الخارجية الامريكية الى المنطقة في وقت لاحق من اجل احتواء العنجهية الاسرائيلية في المنطقة والقدس تحديدا.
وعودا الى سبب هذا المقال نقول كلمة للإعلامي القاسم من حقك الاستغراب من صمت الشعوب العربية اما نحن في الاردن فلاننا الاقرب دوما لفلسطين سنكون الاكثر انتفاضا لها قيادة وشعبا.