البطل الفلسطيني الثائر (عيد الصانع) والمعروف في التاريخ والوجدان الشعبي بـ(هبوب الريح)، كان كلما ضاقت به الارض بما رحبت يتوجه نحو شرقي الاردن قاصدا ضانا وبصيرا وحاطا رحاله في نهاية المطاف عند اصدقائه الشوابكة، وعند حاكمهم الاداري الحر (مصطفى وهبي التل)، الذي كان يقدم له الرعاية والحماية واحيانا يزوده بالسلاح، ويبعث معه من يحرسه حتى يصل الى غايته الامنة.
ذات يوم علم (فريدرك بيك) بوجود الصانع في الشوبك، فجهز قوة للقبض عليه، وتوجه بها نحو الشوبك، وهو يحلم بصيد ثمين يقربه من أسياده صانعي القرار ومن يدور في فلكهم، وعندما علم (عرار) بذلك طلب من بعض اصدقائه من رجالات الشوبك ان يستعدوا للقائه إن اراد حربا او اراد سلما لانه قرر ان لايسلم الصانع له مهما كانت النتائج.
وجاء( بيك) وسال عرار هل تعرف أين يختبئ لصانع في الشوبك؟ فأجابه بكل شجاعة: نعم أنا اعلم مكانه، فقال له: يجب ان تسلمني هذا المجرم لينال عقابه، فقال له:هذا الثائر الفلسطيني في حمى سمو سيدي (الامير عبدالله) وهو ضيف على الاردن وفي رعاية شعبه، ونحن لا نسلم من استجار بسيد البلاد مهما كانت العواقب، فأحتد (بيك) ولكنه رآى الرجال حول حاكمهم الاداري فادرك حراج الموقف ورأى بعين الثعلب المستعمر ان الظرف ليس في صالحه وأن انسحابه بكرامة أفضل له، حاملا بداخله حقدا على (عرار) وعلى الشوابكة.
هذه وقفة في زمن هاشمي، عاش مدافعا عن فلسطين بشكل عام وعن القدس بشكل خاص، واستشهد على ابواب القدس، خاتما حياته بكل إباء وكرامة وعزة، وكانت هذه وقفة كبرياءوطنية للتاريخ في عهد الامير (الملك) عبدالله بن الحسين. ويدور الزمن دوراته، وتتقلب صفحات التاريخ، فإذا صورة جلالة الملك عبدالله الثاني تظهر بكل وضوح ونقاء وشفافية، وبذات المواقف، الدفاع عن فلسطين الارض والانسان وعن القدس التي باركها الله وبارك من حولها.حيث أكد جلالته أننا في الاردن نتعامل مع مسؤولياتنا الدينية والتاريخية تجاه كامل الحرم الشريف، والاماكن الاسلامية والمسيحية المقدسة، بمنتهى الالتزام والجدية.
هذا الاصرار الهاشمي على حماية المقدسات ورعايتها، إنما ينبع من مسؤولية واعية للدور التاريخي الذي قام به بنو هاشم عبر التاريخ الطويل من أجل الحفاظ على عروبة القدس، وتمسكهم بالوصاية الاردنية على هذه المقدسات، واصرارهم على إفشال المخططات الاسرائيلية التي تهدد المسجد الاقصى، وما حوله.
ومما هو جدير بالذكر ان الفلسطينيين على شتى اطيافهم السياسية، وبالذات أهل القدس، يفخرون بهذه الرعاية الهاشمية على كافة الاماكن المقدسة، لان التاريخ اثبت ان الاردن على قدركبير من الوعي والادراك وبكامل القدرة على تحمل مسؤولياته دونما غرور او إدعاءات فارغة، وخطب رنانة.
ما بين عيد الصانع(هبوب الريح) وبين ابطال الحجارة والسكاكين والانتفاضات على طول ارض فلسطين، حركة تاريخية لاتعطي للمستعمر قديما ولا حديثا فرصة للتنفس، وفي كل العصور نجد ابناء هاشم هم الحماة وهم المكان الامن لكل ثوار فلسطين على مر العصور.