أخر الأخبار
ضجة لا ضرورة لها !
ضجة لا ضرورة لها !

حتى لو أن طائرة سيناء الروسية قد تعرضت فعلاً لهجوم إرهابي أدى إلى سقوطها وتحطمها وقتل كل ركابها فإنه لا ضرورة لكل هذه الضجة وكل هذا الاستغراب طالما أن الإرهابيين ضربوا في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 في قلب أكبر وأهم دولة في العالم, في نيويورك وفي واشنطن العاصمة, حيث المفترض ألَّا تستطيع «القاعدة» اختراق الحصون الأمنية الأميركية ودخول أهم مطارات أميركا واختطاف طائرات عملاقة حولوها إلى قنابل هائلة دمروا فيها أبراجاً شاهقة واستهدفوا مبنى «البنتاغون» الذي من المفترض أنه المكان الأكثر تحصيناً في الكرة الأرضية . 
إنه لا يجوز كل هذا الاستغراب وكل هذا «التشفي» بمصر والإدانة بها لأن مأجوراً تمكن من دسِّ متفجرة في حقيبة أحد الركاب أو أن التنظيم الإرهابي الذي ادعى مسؤوليته عن هذا العمل الإجرامي استطاع فعلاً إصابة هذه الطائرة المدنية المسالمة بصاروخ ربما كان «مُخزَّناً» في سيناء منذ حرب عام 1967 أو حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 أو فترة الانفلات الأمني خلال حكم الإخوان المسلمين في مصر وحيث كانوا هددوا بأنهم سيطلقون الإرهاب من عقاله ومن هذه المنطقة إذا تعرض نظامهم وحكمهم لأي تهديد . 
ثم ويجب ألا يكون هناك أي استغراب لامتلاك الإرهابيين, الذين كانوا تجذَّروا في سيناء في فترات مبكرة, لصاروخ أو عشرات الصواريخ طالما أن إيران قد تمكنت من إقامة قاعدة لها في هذه المنطقة أرادتها رديفة للـ «قواعد» التي كانت أقامتها في بعض جزر البحر الأحمر القريبة من شواطئه الغربية وأيضاً للقواعد التي كانت أقامتها على الأراضي السودانية في فترات الانفلات الأمني قبل أن يتخذ الرئيس السوداني عمر البشير قراره بـ «طرد»الإيرانيين من بلاده بعد أن عاثوا فيها فساداً وحاولوا تحويلها إلى ما هي عليه اليمن الآن . 
 وهكذا وقبل كل هذا التحامل الظالم والمقصود على مصر, والأسباب هنا معروفة, وهي تأتي على خلفية إطاحة حكم الإخوان المسلمين, فإنه على المتحاملين أن لا ينسوا أن هذا الذي ضرب في سيناء وقد يضرب مرة أخرى كان قد ضرب في معظم العواصم والدول العربية وفي كل الدول الغربية وفي موسكو وفي العالم بأسره... إن الإرهاب غدا ظاهرة العصر ومصيبة المصائب وبات بإمكانه أن يضرب في كل مكان طالما أنه ضرب في نيويورك وواشنطن ولندن وباريس ولذلك فإنه لا ضرورة فعلاً لإثارة كل هذه الضجة بعد جريمة بالإمكان أن تُرْتكب وفي وضع النهار في أي دولة أخرى وحتى في أي مكان أمني وعسكري يعتقد أصحابه أنه محصن ولا يمكن الوصول إليه . 
 وبالطبع فإنه لا جدال إطلاقاً في أنه على مصر, المستهدفة في هذه الفترة وأيضاً منذ سنوات طويلة وبعيدة, أن تكون أكثر حرصاً وبخاصة وأن هذه المنطقة المستهدفة من سيناء هي منطقة اقتصادية «إستراتيجية» وأن الذين يستهدفونها الآن وكانوا قد استهدفوها مراراً وتكراراً, سابقاً ولاحقاً, لا يريدون الدفاع لا عن دولة عربية مستهدفة ولا عن فلسطين ولكن إيذاء مصر وإغلاق أحد مرافقها السياحية الرئيسية وبخاصة في بداية هذا الموسم السياحي الذي كان واعداً والذي يجب أن يبقى واعداً . 
والغريب.. وأيضاً المستغرب ونحن بصدد الحديث عن هذا أنَّ روسيا قد بادرت إلى ما خدمت به الإرهاب ربما بدون أن تعرف فالإسراع إلى ترحيل عشرات الألوف من السياح الروس من مصر يعني أنَّ موسكو تشعر بفداحة خطأها بـ «احتلالها» لسوريا وارتكاب مذابح غير مبررة ضد الشعب العربي السوري وضد هذه «الفئة» التي بقيت مستهدفة ولا تزال مستهدفة منذ بداية حكم نظام عائلة «الأسد» في عام 1970 وحتى الآن ويقيناً أن ما تفعله حكومة الرئيس فلاديمير بوتين من خلال حملات الترحيل هذه التي ستطال «80» ألفاً من الروس المتواجدين في مصر سوف تشجع «داعش» سواءً كان ارتكب هذه الجريمة النكراء أم لم يرتكبها على الإمعان في استهداف مصر وارتكاب جرائم أخرى فالتنظيمات الإرهابية كلها يفرحها أن يجري تحميلها أي جريمة كهذه الجريمة ويفرحها أكثر أن يقوم الروس بما يقومون به الآن وأن يبادروا إلى عمليات الترحيل هذه التي ستظهرهم أمام السُّذج والأغبياء على أنهم المدافعون عن الإسلام وعن سوريا والشعب السوري.. وهذا غير صحيح بالطبع !!