أبو عمار ليس مجرد ذكرى تتجدد في مثل هذا اليوم من كل سنة ، بل هو تلخيص عبقري لحكاية شعب، شعبنا الفلسطيني، لأن كفاحنا الوطني المعاصر إرتبط بزعامة أبو عمار ، و لان تراجعنا الراهن و المؤسف إرتبط بغيابه ، أو بتغييبه القسري عن قيادة المرحلة الحاسمة من نضالنا الوطني، و هكذا هو الحال دوما حين يترجل الفارس مُكرَهاً قبل اللحظة الوطنية الحاسمة .
غموض أسباب و ظروف رحيل الزعيم المؤسس، بما في ذلك غموض التقرير الطبي الفرنسي ، فسح المجال للكثير من التأويل، و سبب حيرة كبيرة لنا كشعب، لكني اليوم ، و بعد 11 عام على ذلك الرحيل المفجع، كثيراً ما اسأل نفسي ، هل كان ابو عمار ليرضى برحيل عادي، أو كرجل يلفظ أنفاسه الاخيرة على فراش الموت، أم انه كان مسكونا بألام و دموع خالد إبن الوليد، و هو يقاوم جزعا فكرة الموت الطبيعي ، و بعيداً عن ميادين القتال ؟
شخصيا ، و بعد كل هذه السنين ، انا مؤمن بأن ابو عمار قاتل مثل خالد إبن الوليد، كما أني مؤمن بأن أبو عمار استشهد مثل ابو عبيدة الجراح ، فقد ولد و عاش جنديا فدائياً في ميدان المعركة، و أستشهد قائداً و جنرالاً في ميدان المعركة أيضاً، لكن الاّراء الشخصية لم تكن يوما قيداً على أبو عمار في حياته، و حتماً لن تكون أكثر من إستنتاج مغامر للفصل الأخير من حياته ، لان ابو عمار ما كان ليرحل مشغولاً بمسببات موته ، قدر إنشغاله بطقوس و غموض و جلال الغياب، أما الاسباب الحقيقية لرحيله، فقد تصبح واحدة من الأسرار الأسطورية في حياتنا الفلسطينية .
في مثل هذا اليوم أقول لكل شعبنا، و في كل مكان ، يكفينا فخراً انه كان قائدنا و زعيمنا ، و يكفيه مجداً انه يسكن قلوب و عقول الجميع ، بل و حتى في عقول و قلوب اولئك الصبية الذين أبصروا نور الدنيا ، بعد أن أطفأت الحياة أنوارها في عيون ابو عمار .
المجد و النصر لشعبنا
الرحمة و الخلود لزعيمنا