اعتاد العرب منذ القدم على نصرة المظلوم ونجدة وحماية الملهوف، وأن يرحبوا بالضيف.. وتكون ديارهم وبيوتهم ملاذاً آمناً لكل مَنْ يطلب الحماية والامان والنجدة والاستقرار، كيف لا، وهم ابناء قبائل وعشائر عربية اصيلة، فهذه من صفاتهم الحميدة التي يتصفون بها اينما حلّوا وسكنوا، تمسكوا بها واخذوها عن الرسول الكريم محمد عليه السلام في اكرام الضيف ونخوته.
والمجتمع الاردني، هو واحد من بين هذه الشعوب والمجتمعات العربية والاسلامية، نشأ ابناؤه وتربوا على هذه الخصال وتوارثوها جيلاً بعد جيل واخذها الابناء عن الاباء والاجداد.
ولان الاردن هو بلد الامن والامان، منذ الأزل وعلى مرّ الازمنة وحتى يومنا الحاضر، فلا غرابة من ان يستقبل على اراضيه موجات اللجوء والهجرات القسرية المتتابعة من مواطنها المختلفة في هذا العالم ومن مختلف الاجناس والاعراق والاقليات، التي كانت وما تزال ترى في الاردن الملجأ والموطن الآمن.
فلقد رأينا كيف توافد اخوتنا من الشركس والشيشان وقبائل التركمان وغيرهم من بلدانهم الاصلية الى هذا البلد وذلك في اوائل القرن الماضي بعدما تهجّروا قسرياً، واختلطوا مع ابناء الاردن، الذين رحبوا بهم وآووهم واعطوهم نفس حقوق الاردنيين ولم يقصروا معهم في ذلك.
كذلك، لم يبخل الاردن عن استقبال هجرات الاخوة الفلسطينيين بعدما حلت بهم نكبة عام 1948م إثر العدوان الاسرائيلي على فلسطين واحتلاله للقسم الاكبر منها، وايضاً بعد نكسة حرب 1967م وضم اسرائيل لما تبقى من الاراضي الفلسطينية واستيلائها عليها.
وتتابعت موجات لجوء اخوتنا العرب في ثمانينات وبداية تسعينيات القرن الماضي، فها هم الاخوة الفلسطينيون والعراقيون، يحطون رحالهم على ارض الاردن، بعد حرب الخليج والحرب العراقية الايرانية وغزو العراق للكويت الشقيقة وما تبعه من الاحتلال الاجنبي للعراق، وما خلفته هذه الحروب من تشريد الآلاف من الاخوة العرب، فوجدوا في الاردن، البلد الذي يحميهم ويستقبلهم بكل الحب ويوفر العيش الآمن لهم.
ومع بداية هذا القرن الجديد، وما أطلق عليه بالربيع العربي، والذي اصاب بعض الاقطار العربية وعصفت به الأزمات السياسية والاقتصادية، لم يدخر الاردن جهداً وكعادته، عن استقبال عشرات الآلاف من المواطنين الليبيين واليمنيين سواء طلباً للعلاج او اللجوء والاقامة في هذا البلد الآمن.
ومنذ نحو خمسة اعوام، والاردن يستقبل في كل يوم العشرات والمئات من الاخوة اللاجئين السوريين الفارين من المعارك والدمار والارهاب الذي حل بسوريا ارضاً وشعباً، حتى وصلت اعداد هؤلاء السوريين الى قرابة المليون ونصف المليون لاجئ على ارض مملكتنا الحبيبة.
فالاردن لم يمنع يوماً اي مواطن من حق اللجوء اليه، ولم يُغلق يوماً حدوده في وجه اي عربي، وها هو يتقاسم مع هؤلاء الاخوة اللاجئين مياهه وموارده الاقتصادية ويتحمّل هذا العبء الكبير الذي لم يتحمله اي بلد في العالم، والذي اثر هذا الواقع على بنيته التحتية ومرافقه الحيوية كالمدارس والمستشفيات والايدي العاملة وغيرها.
ويبقى الاردن بلد الأمن والأمان بجهود القيادة الهاشمية، وجهود ابناء الاردن الشرفاء الذين يستلهمون قوتهم من قوة قائدهم الاعلى جلالة الملك عبدالله الثاني أيده الله ورعاه.