أخر الأخبار
وأنـــا « مــالـــي »
وأنـــا « مــالـــي »

ربما تكون جملة وأنا مالي، أكثر الجُمل سلبية وفردية في قاموس اللغة العربية ، وهي اكثر الاسباب الموجبة للقراءة والمراجعة بعد أن ابتلت كل ذقوننا بالماء الآسن على كل الصُعد والمجالات الحيوية، ولأن دولة مالي الافريقية تتعرض الى ما يشي بأنه عمل ارهابي فإنها مناسبة لمراجعة هذا المصطلح الغائر في السلوك العربي ولكن بقراءة جديدة تشير الى التضامن مع هذه الدولة الافريقية ، فالحرب الارهابية تطال الجميع ولا مناص من المواجهة الجمعية معها بكل الوسائل الممكنة وعنوان المقال تضامني واستنكاري فنحن لنا وليس ما لنا او ولسنا بريئين من فيروس الارهاب والتطرف سواء بضعف المواجهة او بالصمت العاجز واختلاق المبررات . الكيان الصهيوني كيان ارهابي بكل المقاييس ومواجهته لا تتطلب ارهابا ولا تخلق ارهابا حتى نقفل الباب على من ينسب ولادة الارهاب الى الكيان الصهيوني الذي لم يصل اليه الارهاب المخلوق بسببه وما زالت كياناته وعربداته بمنأى عن الارهاب والارهابيين ، بل ان ارهابا جرى تخليقه في دول عصرية ومتقدمة وتكفل حقوق الانسان بأكثر مما جرى تخليقه في دول رجعية بالمعنى السياسي ، يكفي ان نقرأ المؤشر البياني لتأييد الارهاب على مواقع التواصل الاجتماعي والذي احتلت فيه دولا ديمقراطية مراكز متقدمة وعلى لائحة العشر الاوائل ، وباستعراض زمن الثورة والمقاومة الجميلين للكيان الصهيوني لوجدنا انه خالٍ من سلوك ارهابي او تطرفي . كذلك يجب اقفال باب الفقر كأحد ابواب الدعم الاساس للارهاب او الرفد الارهابي ، فعدد الارهابيين القادمين من دول متقدمة وثرية اضعاف نظرائهم من دول الفقر ، وحركة التنظيمات الارهابية في الطبقة الوسطى وما فوقها اعلى من حركتها في اوساط الفقراء بدليل ان معظم الاستقطابات تأتي من الانترنت وهو نمط استهلاكي لمن يقعون فوق خط الفقر وليس اسفله ، فمعظم الاجيال العربية والاردنية عاشت وتعيش ظروف الفقر ولكنها لم تتحول الى قنابل بشرية ولم تتلوث عقول الفقراء بالافكار الارهابية او العداء للبشرية ، وما زالت جيوب الفقر ومناطقه خزّانات بشرية للانظمة ولكل الراغبين بالفوز الانتخابي مقابل حفنة دنانير . جملة وأنا مالي ، اكثر جملة تمنح الارهابيين فرصتهم للتغلغل والانتشار واكثر جملة ارهابية في عصرنا الحديث ، ومع ذلك لا تجد اية مقاومة او مقارعة او تحليل ومواجهة ، فهي تعني ببساطة ادارة الظهر للمجموع العام وقيمه وافكاره وادواته اي انها تعني ادارة الظهر للدولة التي هي تعبير حر عن مصالح المجاميع البشرية التي تقطن على مساحة جغرافية متصلة وتحت سيادة واحدة ، ويجب مراجعة اسباب هذا الانحياز الذاتي او التطرف الاجتماعي لصالح الذات او الآنا ، وما ينتج عن هذا الانحياز من ازاحة فكرية نحو التطرف الذي هو بيت الداء واول الدواء معالجته ، فنحن مجتمعات متطرفة يمكن ان تصل الى الارهاب بسهولة ، فالنقد مرفوض وغائب ، وكل نقد يصل الى مصلحة المنقود او المنتقد يواجه بعنف وارهاب لفظي او اجرائي حسب مقدرة الشخص او المؤسسة او الحكومة على البطش . التطرف الجائل على قدمين او على عجلات هو اول روافد الارهاب وهو ليس محكوما او مختصا بفئة او طبقة او مكان ، بل هو عقل منفلت يمسك به الجميع ، فلا رأي الا رأي الفرد ولا قوة الا لمجموعة تحالفت فيها المصالح المحكومة لكل ( أنا ) منهم ، فكل الاحلاف القائمة حتى اللحظة احلاف غير نبيلة وغير مقدسة حتى لو رفعت شعارا نبيلا ومقدسا ، وترسب في اول فحص نقدي وكذلك الافراد ، فالمواجهة يجب ان تبدأ مع التطرف أما الحرب فيجب ان تكون على الارهاب ، والسؤال الحقيقي المطروح ، هل نحن العرب جاهزون او لدينا مشروع لمواجهة التطرف واعلاء الجماعة بالمشاركة الشعبية الحقيقة ام لا ؟ واذا امتلكنا الاجابة او سعينا الى توسيع دائرة المجيبين والمستجيبين فسنعرف آلية القضاء على الجملة المتطرفة والارهابية وانا مالي وحينها سننجو .