أخر الأخبار
“مأسسة الوطنية الفلسطينية المعاصرة”..بات ضرورة!
“مأسسة الوطنية الفلسطينية المعاصرة”..بات ضرورة!

حضرت ذكرى انطلاقة "الانتفاضة الوطنية الكبرى" في 8 ديسمبر عام 1987، دون أن تحضر روحها التي مثلت عنصر تغيير جوهري للواقع الإقليمي عامة والفلسطيني خاصة، وفرضت مسارا سياسيا لم يكن ضمن حسابات دوائر التآمر على انهاء مرحلة الثورة الفلسطينية المعاصرة وما جسدته بكفاحها المسلح والشعبي من قيم جديدة ردا على الهزيمة منطقا وأدوات.. الانتفاضة الوطنية الكبرى، ستبقى تمثل "العامود الكفاحي" لاستمرار فلسطين قضية وواقعا سياسيا، والبوابة التي دخلت منها "الكيانية الفلسطينية" لرحلة التأسيس المعاصر، جسدها بناء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، وما أفرزته لاحقا من إعتراف رسمي بدولة فلسطين عضوا مراقبا في الإمم المتحدة، حتى مع بقاء القرار حبيسا لمكتب الرئيس محمود عباس.. لكنه بات حقيقة سياسية لن يتم شطبه من خرائط العالم السياسية، حتى وإن تقاعس من يمثل الشعب الفلسطيني على تجسيده واقعا، ومشروعا رافضا للمشروع الاحتلالي التهويدي.. كان لذكرى الانتفاضة الوطنية الكبرى، في لحظات "هبة الغضب"، ان تكون عنصر جذب وطني لاعادة رسم المشهد الفلسطيني، نحو "مأسسة الوطنية الفلسطينية" ضمن متغيرات جذرية تجري داخل "الوطن التاريخي" وما حوله، ووحدها دون أي مضاف ومضاف اليه، كانت كفيلة أن تعيد إنتاج تلك المأسسة المعاصرة.. ليس عيبا سياسيا أن يتم البحث والتفكير في إعادة صياغة "المؤسسة الوطنية الفلسطينية" التي أنتجتها الثورة الفلسطينية المعاصرة، برصاصة حركة فتح الإولى في الفاتح من يناير 1965، صياغة تعيد البحث في جوهر المتغيرات التي طالت المسار والمسيرة، رؤية وأدوات، لإنتاج "مؤسسة وطنية حديثة"، تفتح الباب لتجسيد الكيانية الفلسطينية المعاصرة.. روح الانتفاضة الوطنية الكبرى، ومنتجها الحالي "هبة الغضب"، ليست حدثا وذكرى لمواجهة المحتل، بل في جوهرها ردا استراتيجيا لحماية "الكيانية الفلسطينية" التي كادت أن تصبح حلما يضاف لـ"مجمع الأحلام الوطنية" لشعب يعلم يقينا أن "الحلم الوطني" هو ايضا سلاح وطني.. انطلاقة الانتفاضة الوطنية الكبرى عام 1987 مثلت الجدار الأكبر للديمومة الفلسطينية، بعد أن بدأت أمريكا وتحالفها السياسي في رسم الترتيبات لاكمال مخطط "التهويد والتذويب" للهوية الفلسطينية، واعادة انتاج "تغريبة جديدة"، بدأت من خلال الحرب العدوانية على الثورة - المنظمة في لبنان عام 1982، مرورا بمحاولات مصادرة "الشرعية السياسية الوطنية" بمسميات "ثورية"، الى محاولات حصار التمثيل الوطني - الشرعي عبر "الرسمية العربية" يونيو 1987.. قيمة الانتفاضة الوطنية الكبرى، ليست فيما صنعته مجدا كفاحيا للفلسطيني في العالم، عبر حجارة أطفال كسروا كل حواجز الخوف، بحيث بات الاسم الرسمي الشعبي لها، انتفاضة اطفال الحجارة، لكنها شكلت "الانطلاقة الثورية الثانية" في التاريخ الكفاحي منذ اغتصاب فلسطين وتشريد أهلها في "التغريبة الكبرى" عام 1948.. ورغم كل محاولات السيطرة وحصار تلك "الإنطلاقة الثورية"، واصلت مسارها في عنفوان لم ينال منه محاولة "شطب التمثيل الوطني" عبر مؤتمر مدريد وصياغة الحضور الفلسطيني، والتي للأسف يتغنى بها البعض دون ادراك أنها جاءت لتسرق روح الانطلاقة الثورية الجديدة، وتفرض رؤية تم صياغتها في واشنطن عام 1988 للخلاص من مرحلة الثورة ومنظمة التحرير بكل ما تمثل للفلسطيني وطنا ومهجرا، كيانا وهوية.. الانتفاضة الوطنية الكبرى، فرضت اعادة الرؤية السياسية الفلسطينية نحو بلورة مبادئ "الكيانية الوطنية"، التي قادها الخالد ياسر عرفات، في مسار تفاوضي خارج الصندوق، ما عرف لاحقا بمسار أوسلو، والذي منه وعبره بدأت "صياغة الكيانية الفلسطينية الجديدة"..بعيدا عن كل الاجراءات والاليات التي نصت عليها الاتفاقات اللاحقة، والتي باتت الآن بغير ذي صلة وطنيا وسياسيا، والتمسك بها ليس سوى تعبير عن العجز و"الهمالة السياسية".. الآن، رحلة تجسيد "الكيانية الفلسطينية ودولتها" تفرض رؤية جذرية ليس للحديث عن "مصالحة فصائلية"، أثبتت الأيام أنها لن ترى النور ضمن الواقع القائم، بل ما يجب التفكير به وبشكل جذري هو العمل على إعادة صياغة جديدة لمفهوم "المؤسسة الوطنية الفلسطينية"، ضمن رحلة "التأسيس الكياني"، رؤية ومنهجا وأدوات.. وهذه مسألة تستوجب الكف الصبياني بالحديث الساذج عن "مصالحة فصائلية" لم يعد لها جدوى، ولكن الضرورة تفرض تغييرا جذريا في التعامل مع جوهر الوطنية الفلسطينية، بمسارها الثوري الكفاحي وضمن رؤية تطور المشهد السياسي.. هل نجد من يعمل له..أم ننتظر "قدرا سياسيا" مثيلا ليوم 8 ديسمبر بعملية "دهس" تعيد الروح الخلاقة لتكريس "الكيانية الوطنية الفلسطينية"..من هنا يكون التحدي! ملاحظة: لماذا الصمت المهين والمعيب وطنيا ودينيا على تسريب الفاشي الصغير نتنياهو حول قدرته على هدم المسجد الأقصى.. الاستخفاف بما قال تفاهة سياسية لا أكثر! تنويه خاص: مجددا عودة حركة الانفاق في غزة للعمل لن تجلب الخير لأهله، سواء من يقوم بها "افراد" او "جماعات"..تزامن الكشف عنها مع عودة عمليات الارهاب في سيناء ليست عفوية، ولن تمر مرور الكرام..الرسالة لأمن حماس قبل قيادتها..