أخر الأخبار
مع مصر أو ضدها!
مع مصر أو ضدها!

طارق الحميد

ملخص ما حدث في مصر، وبعد فض اعتصامات الإخوان المسلمين هناك، هو أنه جرت استعادة الدولة المصرية والباقي تفاصيل، سواء أعمال العنف التي يقوم بها الإخوان، أو ردود الفعل الدولية التي تبدو للحظة محاولات للقول لقد فعلنا ما بوسعنا، سواء من قبل أميركا، أو أوروبا.

اليوم في مصر واقع جديد لا ينكره إلا متعام؛ واقع يقول لنا إن الإخوان لا يواجهون الجيش، بل إنهم يواجهون السواد الأعظم من المصريين، مسلمين ومسيحيين، ويواجهون، أي الإخوان، المؤسسات المصرية كافة، ويكفي هنا تأمل احترام المصريين لعملية حظر التجول المطبقة الآن، ففي أيام مرسي الأخيرة كان حظر التجول الذي فرضه المعزول مجرد مدعاة للسخرية، بينما اليوم نجد أن حظر التجول يحظى باحترام كل المصريين. صحيح أنه لا أحد يرضى بإراقة الدماء، ولا أحد يبرر القتل، كما يحاول البعض القول الآن في عملية التباكي على الإخوان، لكن الحقائق تقول لنا إن الإخوان هم من لجأوا للعنف، وهم من يقومون بإحراق مصر في عملية ابتزاز قد يستجيب لها الغرب، لكن ليس المصريين!

ومن هنا فإنه من غير المهم ما يقوله أوباما اليوم، أو الغرب، بل الأهم هو أن الشعب المصري ملتف حول مؤسسات الدولة ضد عبث الإخوان الذين تغولوا على كل مصر، وها هم يريدون إحراقها اليوم ما دام لم يتسنَ لهم حكمها كما يريدون، وهو الحكم الذي أضاعه الإخوان برعونتهم السياسية، وعنادهم، يوم اعتقدوا أن مصر غنيمة، وليست دولة تحكم من دون إقصاء أو تغول. ولذا فإن ما يحدث بمصر، وحتى كتابة المقال، هو أنه جرت استعادة هيبة الدولة، والالتفاف حولها من جديد في لحمة شعبية، واليوم نحن أمام إرادة مصر، والمصريين، وليس ما يريده الغرب، أو المرشد، أو تركيا، أو من هم في الدوحة. اليوم المصريون هم من يمتلكون قرارهم، ويرسمون مستقبلهم، وواجب الدول العربية، والعقلاء، مساعدة مصر والمصريين، ليس بجهود مصالحة مزعومة، أو تدخل في الشؤون الداخلية، وإنما بالوقوف مع مصر دبلوماسيا في الخارج، ومساعدة المشاريع الاقتصادية المعطلة بالداخل، وهذه ليست مساعدة لمصر وحدها بقدر ما أنها مساعدة للمنطقة ككل لتتخلص من آفة التدخل الخارجي غربياً كان أو إيرانياً أو تركياً!

اليوم مصر، والمنطقة، أمام واقع جديد جرت فيه استعادة الدولة المصرية، والقرار المصري، لكن هذا الواقع خطير بالطبع، ويتطلب الكثير من الحذر والحكمة، لأن حمالة الحطب في كل مكان، سواء بالخليج، أو تركيا وإيران، وكذلك في الغرب. اليوم ليس يوم إمساك العصا من المنتصف، بل إنه يوم من هو مع مصر ومن هو ضدها، فاستقرار مصر أمر لا يقبل المساومة، وأيا كانت المبررات، حيث قضي الأمر وجرت استعادة الدولة، وكل ما نشاهده ونسمعه الآن هو تفاصيل، وبالطبع فإن الشيطان في التفاصيل، كما يقال، والمطلوب مزيد من الانضباط والعقلانية من قِبل السلطة الحاكمة بمصر، ومزيد من الوضوح والحسم في المواقف الداعمة للدولة المصرية، والمصريين.