قبل أن يموت الجلاد حكاية وطن تحاكي التجربة الاعتقالية في سجون الاحتلال الإسرائيلي من البدايات وحتى النهايات. وقبل أن يموت الجلاد هو مأخوذ عن كتاب تمت طباعته منتصف هذا العام للروائي الفلسطيني الأسير المحرر محمد محمد أبو شاويش ذو الستين عاماً. فالروائي أبو شاويش عاش طفولته داخل أزقة مخيمات الشتات واللجوء بقطاع غزة وترعرع شبابه وهو ينظر للحرية والاستقلال وهو داخل أقبية سجون الاحتلال الإسرائيلي. فقد عاش كاتب قبل أن يموت الجلاد حالة انشطارية فجر كل تجربته الحياتية من المهد وحتى صدور الكتاب في بوتقة واحدة كاملة متكاملة مترابطة الاطراف من خلال سرده المفصل لسيرته الذاتية التي عاشها بعد هزيمة حزيران عام 1967 وتناول طفولة اللجوء والمخيم وانعكاساتها على حياته في ريعان الشباب. وقام بتسليط الضوء على عوامل اللجوء والاحتلال وما رافقهما معا من فقر ومأساة وحرمان التي تحطمت أحلام طفولته على عتبة الرجاء والتمني والعودة للديار واصل الحكاية والمكان. و كما قدم الروائي ابو شاويش في قبل أن يموت الجلاد حالته الشبابية وكيف كانت مقارعة المحتل من مكان لآخر دون أن بهدأ بركان الوطن الحزين أو يستكين. ليعلم الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل إلى أن حطت به رحى الأيام الثائرة لعتمة المعتقل وأقبية الزنازين وصدر بحق روائي قبل أن يموت الجلاد حكماً بالسجن لمدة تزيد عن عشر أعوام في بداية الثمانينات إثر تنفيذه عملية فدائية هو ورفاق دربه الذي أعدم بعضهم على يد قوات الاحتلال في ذلك الوقت. وهنا تبذأ حكاية الرواية ضمن السيرة المختلفة لتجربة الأسر والاعتقال وتستعرض أدق التفاصيل من العالم الأخر على شخص الكاتب من أسطورة وصمود وثبات الحركة الأسيرة الفلسطينية على مختلف مراحلها النضالية من خلال استخدام الاحتلال أبشع وسائل القسوة والتعذيب في عتمة الأقبية والزنازين وصولاً لمرحلة التحرر من القيد والأسر بعد انتهاء كامل محكوميته. فالكتاب ذات البعد الروائي يتحدث عن شريحة مجتمعية سياسية فلسطينية للأسرى المعتقلين وكيفية صمودهم المتواصل للواقع المعاش بالمعتقلات الإسرائيلية ويعبر عن صوت الأسرى وعذاباتهم المتواصلة ودفاعهم المستميت عن جوهر القضية الفلسطينية والمعادلة التكوينية لدائرة الصراع المستمر و ديمومة روح العمل الوطني المفاوم في وجه المحتل الغاصب. وذلك برغم كل الأوجاع وذل الأسر والعزل والحرمان تطرق الكاتب بكل موضوعية وشفافية مطلقة عن الحالة الإنعتاقية لعالم الفكرة والانسان الحالم بعيون الواقع الكئيب والمرير للغد الأجمل نحو عالم الحرية وصولاً بها إلى أهازيج النصر للوطن القادم. وهنا قام الروائي بإضافة نوعية للحركة الأسيرة بالوطن المحتل عبر روايته التي حرص بأن تنجز صفحاتها في غياب العدالة و اللجوء وطول الترحال وشهادة المحتل ضمن الوصف التحليلي في قبل أن يموت الجلاد.