تسرب اسرائيل بين وقت وآخر نيتها فصل الاحياء العربية المقدسية في مدينة القدس، عن المدينة، وضمها للضفة الغربية تحت سلطة اوسلو، والتسريبات تشتد مع اكتشاف اسرائيل ان هذه الاحياء باتت مصدرا لمرتبكي حوادث الدهس والطعن في القدس ضد الاسرائيليين. التهديد الاسرائيلي يراد منه اثارة خوف المقدسيين، وتطويع الاحياء الفلسطينية العربية، بحيث تبقى القدس هادئة، ويخرج ربع مليون فلسطيني من دائرة تهديد اسرائيل يوميا. من ناحية قانونية لااحد يعرف امكانية ارتكاب اسرائيل لهذه الفعلة، اذ كيف يمكن ضم هذه الاحياء للضفة الغربية فنيا، واجبار السلطة الوطنية الفلسطينية على تولي مسؤولياتها، وهل سيتم ذلك بقرار ام بجدار جديد يعيد ترسيم الحدود الفاصلة بين الضفة والقدس. الاجراء الاسرائيلي الذي تهدد به تل ابيب، سيؤدي فعليا ان تفريغ القدس من المقدسيين والفلسطينيين، بما يؤدي الى هجر المسجد الاقصى، واختفاء السوار الشعبي الذي يحيط بالمدينة ويحميها، وتداعيات القرار ستؤدي الى تحويل القدس الى مدينة يهودية، وايضا القدس بلا مقدسيين مجرد مدينة اثرية، وحتى المسجد الاقصى بلا مصلين، يصبح موقعا مفتوحا للسياحة وللتغييرات الجذرية على بنيته. التهديد الاسرائيلي غبي، لان هذا الاجراء اذا حدث العام المقبل، سيؤدي الى تداعيات اكبر، والضم للضفة الغربية لن يؤدي الى التهدئة، والكل يعرف ان الخليل الواقعة تحت حكم السلطة الوطنية وضمن الضفة الغربية، هي المصدر الاكبر لعمليات الطعن واطلاق النار ضد الاسرائيليين، فوجود الخليل بعيدا عن سلطة الاحتلال، لم يؤد الى التهدئة. لكنه التهديد الذي يترافق مع تهديد آخر يتعلق بألغاء اقامات المقدسيين في القدس، وهي اقامات صالحة لعشر سنين، والغاية ايضا خلع اظافر المقدسيين كليا، وتطويعهم امام الاحتلال. لم تترك اسرائيل تهديدا الا وارتكبته، مرورا بالتهديد بالنفي الى غزة، لكنها لم تسلم برغم كل تهديداتها، فلا يمكن للمحتل الذي يعبث بمقدساتك وارضك ان يسلم ايا كانت الاجراءات المتخذة ضده، وبدلا من نزع اسباب الغضب الفلسطيني المتمثلة بالاحتلال، يصر الاحتلال على ادامة وجوده بمزيد من الاجراءات. على ان ملف الاحياء العربية في القدس ملف يتجاوز السلطة الوطنية الفلسطنيية، وهي اخر قلعة في الدفاع عن القدس، مما يوجب رد فعل عربي واسلامي ودولي، لان الاجراء ومجرد التهديد به، يعني تطهيرا عرقيا، لاتقبله اي شرائع او قوانين، ولايمكن ان يمر هكذا بأعتباره حقا من حقوق اسرائيل. يقال هذا الكلام حتى نفهم ان اسرائيل تشتد محنتها، وهي تنزع كل يوم الى ماهو اسوأ من اجراءات، وما التهديد بأخراج الاحياء العربية، الا اخطر واسوأ التهديدات التي توجب رد فعل يساوي مغزاها ومعناها.