برغم الحديث عن مفاوضات بين دمشق الرسمية، والمعارضة السورية، الا أن مؤشرات الفشل واضحة منذ الآن، وابرز هذه المؤشرات ما يتعلق بوقف اطلاق النار، المفترض أن ترعاه الامم المتحدة. تحدثت الامم المتحدة عن وقف اطلاق النار في قرارها الاخير، وتمحورت الآلية لتنفيذه بالتعاون مع مراقبين سوريين، في داخل سورية، وتركت بقية القصة، وجذرها الأخطر، مجهولا. في تجارب سابقة، تعرض فريق جامعة الدول العربية في سورية العام 2012 الى حوادث امنية؛ ما اضطر الجامعة لسحب الفريق، وانهاء مهمته بعد اربعة شهور من بدايتها، كما تعرضت قوات الامم المتحدة في الجولان السوري الى اطلاق نيران واختطاف وقضايا كثيرة. الساحة السورية معقدة جدا، وهناك مئات الفصائل، وربما الحي الواحد يتم تقاسمه بين فصائل عدة، واتجاهات متناقضة، عسكريا وسياسيا، فكيف يمكن خلع الشوك من القطن بهذه البساطة. كيف يمكن للامم المتحدة ان تضمن وقف اطلاق النار، وهناك مقاتلون اجانب، لايأبهون بكل التسويات السياسية، وهناك جماعات سياسية وعسكرية سورية، ضد التسوية السياسية، وخارجها ايضا؟!. هناك جماعات اخرى ايضا، غير كل تلك الاصناف، من النصرة وداعش، وهؤلاء يضافون الى قائمة الجماعات المعترضة اساسا على فكرة مصالحة النظام، اذ في ذات الحزمة ايضا، جماعات سورية كما اشرت بعيدة عن هؤلاء لكنها ايضا لا تريد تسوية سياسية. كيف يمكن اذن وقف اطلاق النار، وكل هؤلاء خارج السيطرة، خصوصا، ان لا احد يضمن -ايضا- ان العواصم المرجعية لبعض الجماعات تريد وقف اطلاق النار حقا، حتى لو اشهرت ذلك سياسيا؟!. الامم المتحدة هنا لن ترسل قوات من قواتها، للفصل بين كل هؤلاء، اذ تعرف انها ترسلهم في هذه الحالة الى الموت ولاشيء غير الموت، ولذلك تهرب باتجاه مراقبين محليين. يمكن القول، إن الكلام عن وقف اطلاق النار، مجرد هلوسة دبلوماسية، اذ في داخل سورية -ايضا- جماعات ايرانية ولبنانية وروسية تقاتل ضد الجماعات الأخرى، والنظام ذاته يمنحها شرعية الاستدعاء، وهي شرعية لا تقبلها المعارضة. ما من حل هنا، سوف يصل اليه العالم، الا تحديث السيناريو، بالقول: ان وقف اطلاق النار، يصير مؤجلا الى حين تطهير الداخل السوري، من كل الجماعات المناهضة للتسوية السياسية. وهذا مجرد عنوان، لانه سوف يعيدنا الى المربع الاول، اي استمرار الصراع داخل سورية، هذا فوق ان عقدة الاسد، وتوقيت رحيله عقدة تهدد كل المفاوضات، التي تقول المؤشرات من جهة اخرى، انها محاولة جديدة لابتلاع المعارضة في جسم حكومي يتورط بادامة الاوضاع في سورية، على اعتبار ان الجسم الامني والعسكري التنفيذي سيبقى قائما، وهو المسيطر، وبحيث تكون المعارضة هنا، بمثابة حبة كرز تتزين بها دمشق الرسمية، في ما تسميه «حكومة وطنية». كل هذا يقول: إن التفاؤل بتسوية سياسية، العام الجديد، مجرد وهم كبير.