أخر الأخبار
أدلجة السياسة أم برغمتها في عالمنا العربي
أدلجة السياسة أم برغمتها في عالمنا العربي

ان السياسة وهي تسعى الى طرح الحلول الواقعية لمشاكل العصر تنطلق دائما من منطلقين اثنين فإما يحكمها ايديولوجية عقائدية تسعى في نهجها الى سياسات ثابتة ام ببراغماتية متقلبة لا يراعى فيها إلا المصالح وبغض النظر عن المبادئ وعلى سبيل التوضيح فان الشيوعية الماركسية هي مثال ساطع على عقائدية النهج السياسي المحدد الذي تسعى من خلاله الى اقامة الأحلاف والكنتونات الشيوعية بهدف خلق سياسات ضمن اطار ايديولوجية معينة ،ولنا ايضا باسلمة السياسة من خلال احزاب وجمعيات في عالمنا العربي دليل اخر على ادلجة السياسة ، في حين نرى ان البعض الآخر في الغرب كان يبني سياساته على مفهوم ان لاصداقات دائمة ولاعداوات مستمرة وانما مصالح مشتركة لا تراعى فيها المبادئ او ما يعرف بالبراغماتية الميكافيلية ، فاين نحن من ذلك وتلك.
ولكي نقرأ تاريخ السياسات في عالمنا العربي علينا ان نشخص اولا منطلقات وجوهر السياسات القائمة في عالمنا العربي بعد الحرب العالمية الثانية ونتساءل هل نجحنا في سياساتنا عندما ادلجنا سياستنا تبعا لايديولوجيات مختلفة وذلك في مطلع الخمسينات والسيتينات من القرن التاسع عشر او بعد الربيع العربي ، وما صاحبه من فوضى خلاقة اتت على استقرار دول كثيرة حاولت تبني ايديولوجية معينة بل تنحاز الى حزبية ضيقة حتى لو اتى هذا النهج على حساب اهداف استراتيجية اسقطت في سبيل خدمة الايديولوجية الضيقة..
ونظرا لما يمر به عالمنا العربي اليوم من اقتتال دام يسعى البعض فيه الى ادلجة السياسة ومعسكر اخر يسعى لبراغماتية مصلحية لا تراعى فيها المبادئ ويغض الطرف فيها عن العروبة والتآخي المجتمعي الذي تميز بها عيشنا المشترك والذي لم يعرف الطائفية المقيتة طوال سنين خلت ، علينا ان نحكم العقل ونسعى الى سياسات واقعية بعيدة عن الشعارات تراعي وحدة الشعوب العربية ومصالحها المشتركة في ظل من التسامح المجتمعي ، ولنا ان نتساءل كيف ان دولا كثيرة وكبيرة كانت تسقط لآتها المتعددة في سبيل مصالحها وحتى تسقط حلفاءها القدامى نظرا لبراغماتيات مصلحية تخالف عناوين سياسية كانت قد اطلقتها في السابق ( امريكا والصين وامريكا وايران وتركيا واسرائيل وازمة مرمرة ).
فهل آن الاوان ان نستفيد من متغيرات هذه الأزمة التي تعصف بعالمنا العربي ونقر سياسات مستقلة بعالمنا العربي تسعى لمصالح مشتركة بعيدة عن التخندق والتحزب ديدنها حب الاوطان والسعي الى نهوض مجتمعي يسعى لوأد الجراح ويستفيد من متناقضات حدثت بين دول واخرها بين روسيا وتركيا طمعا في منع تقسيم العراق والشام وحماية اجوائنا العربية من اختراقها ،فمزيدا من التسامح ومزيدا من الإنفتاح على الآخر واسقاط ايديولوجيات متحجرة بالتعامل مع مصالحنا سعيا لمصلحة امة عربية قال سبحانه وتعالى عنها في قرآننا العظيم كنتم خير امة اخرجت للناس ولكن عندما نتسامح مع بعضنا البعض ونحب بعضنا بعضا ،فكفى تكفيرا وكفى اراقة دماء طاهرة في هذه الحروب الفتنوية البغيضة والتي سيسأل كل فرد عنها امام الحي القيوم ،يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم ،فيارب العالمين اناشدك بنورك الأسمى واسمائك الحسنى ان تؤلف بين قلوبنا وتنور عقولنا لوأد هذه الفتنة.
واخيرا وليس اخرا لنا حكمة في تجارب البعض عندما اسقطوا ايديولوجيات معينة وجامدة من قاموس سياساتهم فهذه الصين حينما مزجت بين الرأسمالية والإشتراكية وتخلت عن ايديولوجيتها الشيوعية كتب لها العظمة في الإقتصاد ، وحين تخلى الاتحاد السوفياتي عن ايديولوجيته الشيوعية كتب له التقدم والإقتدار، في حين ان امريكا ببرغمتها لسياساتها نجحت في ابرام اتفاق نووي مع ايران بعد تخليها عن لآتها السابقة بعدم التفاوض . 
 فعالمنا العربي لا يحتاج الى فرض ايديولوجيات عقائدية في السياسة وانما الى حكمة وتسامح واخوة وعدم احتكار الحقيقة و السعي الى مصالح مشتركة في ظل شفافية مطلقة، فما يجمعنا الكثير الكثير ولكن علينا وأد الطائفية المقيتة والسعي الى وأد الخلاف ، فنعم لدينا العقول والإمكانيات ولكن ندعو الله ان يؤلف بين قلوبنا .