أخر الأخبار
فضل شاكر.. من شعلة الغناء اللبناني إلى السلفية
فضل شاكر.. من شعلة الغناء اللبناني إلى السلفية

الكاشف نيوز-خاص

منذ وقت ليس طويلاً، كان فضل شاكر مغنياً لبنانياً واسع الانتشار. الآن، وبعدما غير اسمه إلى الحاج فضل، فإنه يقدم نفسه بوصفه متطرفاً من السافيين الجدد. وفي نهاية حزيران/ينويو الفائت، حمل السلاح جنباً إلى جنب مع معلّمه الشيخ الأسير، في حصار عنيف بجامع العبرة في مدينة صيدا بجنوب لبنان.  

بالإضافة إلى أن كلمة "حاج" مرتبطة بتأدية شعائر ركن الحج في مكة، فإنها اعتُمِدت من قبَل مقاتلي حزب الله لتأكيد تقواهم. لكنّ شاكر (44 عاماً) ليس لديه ما هو مشترك مع الحزب الشيعيّ الأقوى في لبنان.

وفي الواقع، كان الموقف المهيمن لحزب الله هو ما دفع بشاكر إلى احتضان التطرف السني، ليصبح ـ في نهاية المطاف ـ اليد اليمنى للأسير. "عندما كان حزب إيران ـ حزب الله ـ يقاتل إسرائيل، كنت، كلياً، إلى جانبه"، يقول شاكر موضحاً وهو في مكتبه بالعبرة، قبل الحصار بوقت قصير.

"لكن، بعد ذلك، جرى اغتيال رئيس الوزراء السبق، رفيق الحريري، في عام 2005، بوجود أربعة مقاتلين من حزب الله متهمين من قبل المدعين العامين الدوليين. وفي آب/أغسطس من عام 2008، هاجم مقاتلون من حزب الله مسلمين سنيين في بيروت. وتوجوا ذلك كله بتأييدهم الرئيس السوريّ بشار الأسد. شعر السنيون بالإحباط، ولم يكن ثمة من يحميهم. إن الشيخ محمد الأسير يقول الحقيقة"، يضيف نج الغناء.      
لقد كانت الثورة السورية مثل الصاعق. "كيف يمكننا مجرد الوقوف إلى جانب الناس المذبوحين، والنساء المغتصبات، والأطفال الذُّبَّح، والمساجد المدمرة؟"، يتساءل شاكر.

انطلقت مسيرة شاكر الحقيقية في البدايات الأولى لعام 2000، جالبة له الشهرة في جميع أنحاء العالم العربيّ. غير أن الأمور سارت على نحو خاطئ في آذار/مارس من السنة الفائتة عندما ظهر في اجتماع للسلفيين نظمه محمد الأسير بوسط بيروت. بُهِتَ الناس لذلك، وأكثرهم اعتادوا على رؤيته يؤدي أغنيته "يا غايب". أما الآن، فها هو والزعيم الديني الذي يتخذ العبرة مقراً له يقبِّله على جبينه. قلل التجمع من شعبية شاكر، غير أنه لفت الأنظار إلى معلمه.  

يقول شاكر إنه يعيش ـ الآن ـ حياة دينية، ويتابع: "إنني في سلام، ولا اشعر بأي ندم على الماضي. من واجبي محاربة الاضطهاد والدفاع عن الذين يشاركونني الإيمان". ومع ذلك، لم يتخل شاكر من فوره عن مهنته السابقة وزخارفها: فثمة منزل فخم تقدر قيمته بـ 4,5 دولار أميركي، بالإضافة إلى أملاك ومطعم في صيدا. وفي أيار من عام 2012 ظهر في مهرجان في المغرب جنباً إلى جنب مع ليني كرافيتس، وماريا كيري، وجيمي كليف من بين آخرين. غير أنه يدعي ـ الآن ـ أنّ كل ذلك وراءه، وأن الغناء حرام. وكمثْل المسلم (الحقيقيّ)، فإنه يرفض مصافحة النساء.    

تدخين السيجار هو السيئة الوحيدة التي ما زال يسمح لنفسه أن يمارسها، حتى مع اعترافه أنها حرام. كما إنه لا يلبس مثل المتطرفين التقليديين، مفضلاً المظهر الرياضيّ. وآخذاً تلميحاته من محمد الأسير، فإنه يعتني كثيراً بالتواصل. فالإمام يظهر كثيراً على شاشات التلفزيون، مدافعاً عن التعايش السلميّ ومناصراً للعملية القانونية (ضد الأسلحة التي المكدَّسة التي راكمها حزب الله، بعدما رفض نزع السلاح في أعقاب الحرب الأهلية في الفترة 1975-1990).    

في الشهور الأخيرة، تصلب خط الشيخ الأسير، داعياً إلى الجهاد في سوريا رداً على التدخل العسكريّ لحزب الله جنباً إلى جنب مع نظام بشار الأسد. قبيل حصار الجامع، اصطحب اصطحب الأسير مؤيديه في هجوم على مبنى يضم مخبأ للأسلحة تابع لحزب الله. تبع هذا تبادل لإطلاق النار مع مجموعة مقاتلين متحالفين مع المنظمة الشيعية. شارك شاكر في القتال.     

في بداية حياته السلفية، بقي شاكر بعيداً عن الأنظار، غير أنه انتقل إلى الواجهة، غيرَ مُخْفٍ كراهيته للمسلمين الشيعة. "في سوريا يقتلون إخواننا السنيين ويدمرون مساجدنا. إنهم مستعدون لقتل السنيين جميعاً، على طول الطريق إلى الخليج. إنهم كفار، وليسوا مسلمين. ليس صحيحاً أن القرآن كتابهم. إنهم كاذبون، يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر". هكذا، نحن أمام نظرية "التقية" القديمة (السماح بالتستر على عقيدة شخص هرباً من الاضطهاد)، التي تؤكد أن الشيعة كلهم كذابون بالتعريف [بالبديهة]. الفكرة قديمة قِدَم الإسلام، وتعود إلى انشقاق القرن السابع بين الفرعين (السني والشيعي).      

مع تصاعد التوتر الذي تغذيه الحرب في سوريا، حيث يدعم السنيون الثوار والشيعيون النظام، فإن لكلمات شاكر وزناً كبيراً. علاوة على ذلك، فإنه يستخدم ثروته الخاصة لدعم القضية. وبحسب وسائل الإعلام المقربة من حزب الله، فإنه واحد من الداعمين للأسير وقناة للحصول على أموال من الإمارات. وهو يزعم أن أمواله تستخدم لدعم الثوار. "لقد ساعدتُ الثورة دائماً بإرسال الدواء، والطعام، والأسلحة".     

لكنه الآن في حالة فرار. في 23 حزيران/ يونيو، هاجم أنصار للأسير حاجزاً للجيش بالقرب من جامع العبرة في صيدا، في محاولة لكسر ما رأوه حصاراً. وصدرت أوامر بالقبض على شاكر ومعلمه. المغني السابق ليس نادماً. وقد نشر شريط فيديو على موقع يوتيوب زاعماً أنه قتل جنديينِ وجرح أربعة آخرين.