أخر الأخبار
الكارثة الأكبر!
الكارثة الأكبر!

لم تعد الصهيونية تتاجر بالسلام في المنطقة، لانها لم تعد بحاجة اليه فما يجري في سوريا ولبنان والعراق ومصر يقدم لاسرائيل شرعية وجودها كدولة اليهود الى جانب ايران دولة الشيعة،وسوريا دولة العلويين، والعراق جزء منه دولة للشيعة وجزء منه دولة للاكراد.. وباقي العراقيين يبحثون عن مغترب يسعهم.
وفي فلسطين رتبت اسرائيل وجود الفلسطينيين على الشكل التالي: في الضفة يقدم الحكم الذاتي الاداري وهو الاسم المتفق عليه في اوسلو، الظروف الملائمة للاستيعاب الممنهج للضفة الغربية، بداية من ضم القدس الشرقية وتوحيد المدينة في حجم القدس الدولية التي قررتها الأمم المتحدة في قرار تقسيم فلسطين. وانتهاء بتقسيمها الى مناطق (أ) و(ب) و(ج)، في علاقة ملتبسة مع الهيمنة الأمنية الاسرائيلية، الى مشاركة شرطية مع السلطة في منطقة (أ) فقط!!. في حين تمتد المشاركة – حسب الجنرال ديتون – الى كل الضفة وغزة فيما نتواضع ونسميه «التعاون الامني».
والآن وضعت اسرائيل امام السلطة والرئيس عباس خيارات احلاها مر، فإما ان تقبل الحكم الذاتي رسميا في ظل احتلال متفق عليه.. او تنتهي السلطة..دون اعلان رسمي، بانتهاء ولاية الرئيس عباس.. ايا كانت بالاستقالة او بتدمير السلطة من الداخل وهناك طامعون كثيرون.. ومستعدون.
بقية فلسطين هي غزة التي ستبقى ولاية اسلامية. واسرائيل لا تمانع في فكفكة حصارها، ولا تمانع في تمويل ايران او قطر لها. طالما انها موصولة الشرايين والاوردة في الجسم الاسرائيلي الاقتصادي وخاضعة، دون اتفاقات، للامن الاسرائيلي.
وبقية فلسطين هي الجليل والمثلث والنقب، وهذا هو الجسم الحي الفلسطيني الذي يرفض بنجاح الذوبان في الدولة واعلان ولائه لها، ويرفض التخلي عن كيانه القومي. ويستطيع اي متابع لما يقوم به نتنياهو والاحزاب العنصرية التي تدور حوله، يدرك انه يلعب مع الفلسطينيين لعبة العصا والجزرة المكشوفة دون نجاح.
الى هنا وصلنا مع الكارثة الفلسطينية التي لم تعد الكارثة القومية الوحيدة، ولكننا في الاردن ما نزال نعتبرها كارثتنا الاولى. وقد قبلنا منذ سقط مؤسس المملكة على ابواب المسجد الاقصى ان نتوحد في الكارثة فكنا – دون الكذب القومي – جرح فلسطين، ووترها وثأرها.. حتى وقعنا على وجهنا في حزيران، لاننا حسبنا انفسنا اننا مع العرب، حتى اكتشفنا بعد عامين من حزيران الاسود اننا: الخونة الذين يتآمرون على فلسطين.. وان الاسود صار ايلول، وليس حزيران.
لقد اعيدت فلسطين، بالنسبة لنا، في الرباط عام 1974، وتكررت اعادتها بفك ارتباط الضفة القانوني والاداري.. اعيدت فلسطين لاهلها ولمنظمة التحرير.. وليس لإسرائيل.
فلسطين الآن أمام كارثة حقيقية ولكن الجسم الاسفنجي العربي لا يشعر بعمق السكين التي تحزّ في منحرها.. فالاسفنج حيوان لا اعصاب له.. ونحن لا نملك الا ان نجمّد السلام مع اسرائيل وندعو مصر الى تجميده. ولكننا أمام حالة الجنون القومي التي تضرب كل مكان في وطننا، لا نملك خيارات كثيرة.. وهذا ما يوجع.