غزة - الكاشف نيوز : نشر أحد النشطاء في موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك"، صورة لأنبوبة غاز الطهي في منزله، وكتب أعلاها: " أصدقائي، شاركوا معي الدعاء بأن يطيل الله في عمر أنبوبتنا أطال الله في عمر أنابيبكم وجنبكم تجار الدم".. لا أبلغ من هذه السخرية السوداء في وصف ما وصل له حال المواطن " الغزّي" اليوم!
هذا الأسبوع كان مسرحا لعرض هزلي تراجيدي، تكرر كثيرا في الأعوام الثمانية الماضية، إنه: شح غاز الطهي، وارتفاع أسعاره في السوق السوداء.
فلم يتردد تاجر في السوق السوداء النشطة بالقطاع، من طلب الحصول على ثمانين شيكلا لقاء اسطوانة من أحد زبائنه، متذرعاً بأنه يتعرض لنفس الاستغلال من جهات وصفها بـ" الكبيرة".
وقال التاجر الذي طلب من مراسلنا، حجب اسمه، حتى يمكنه التحدث بمصداقية ودون خوف من التعرض له من قبل أمن حماس، إن العمل دون هذه الطريقة في هذه الأيام سيكون صعباً جداً لتواضع كميات الغاز الواردة لمحطات التعبئة.
"حيتان" كبيرة!
وشكك التاجر الصغير، في رغبة الجهات الرقابية في حكومة حماس، بفرض عقوبات عليهم لأن متنفذين من الحركة هم من يديرون فعليا هذه التجارة، وأنه وغيره من الموزعين ما هم سوى وكلاء صغار لـ " الحيتان" الكبيرة في هذه التجارة السوداء.
أما المستهلك فاضطر الى دفع المبلغ الذي يزيد على الثمن الطبيعي للاسطوانة البالغ 54 شيكلاً.
وبرر المستهلك صمته بحصوله على اسطوانة مليئة بسبب اقدام المحطات مؤخراً على تعبئة نصف الاسطوانة للتغلب على ازمة نقص الغاز.
فيما اشتكى المواطن خليل نصار ( 42عاما) وهو سائق على سيارة أجرة تعمل بنظام الغاز من ارتفاع سعر الاسطوانة باكثر من 100 في المئة خلال الايام الاخيرة.
وقال: ان ارتفاع أسعار الغاز في السوق السوداء يضعف صافي دخله بشكل كبير جداً، داعياً لمحاربة الاحتكار والبيع في السوق السوداء، ولكنه وفي الوقت ذاته رفض الافصاح عن أسماء التجار الذين يتعامل معهم، مبرراً ذلك بعدم قدرته على الحصول على الغاز في أي وقت يشاء.
اما المستهلك سمير خفاجة ( 37 عاما)، فلم يستطع شراء نصف الاسطوانة بخمسين شيكلاً، أي بضعف ثمنها الاصلي.
وقال خفاجة، ان قدراته المادية لا تسمح له بذلك، مضيفاً انه سيبحث عن مصدر بديل للطاقة حتى انتهاء الازمة الحالية، والذي استبعد قرب انتهائها رئيس لجنة الغاز في جمعية البترول في قطاع غزة سمير حمادة نظراً لتراجع الكميات الواردة الى قطاع غزة منذ مطلع الأسبوع الجاري.
فساد وسوء إدارة!
وكأن الاحتلال بعدوانه وحصاره المستمران، لا يكفي لتنغيص حياة المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، لتشترك سوء الإدارة والفساد في كل من حكومتي الأمر الواقع في كل من رام الله وغزة، في تعميق معاناته!
يقول حمادة إن الجانب الاسرائيلي ومنذ مطلع الاسبوع الجاري قلص بشكل كبير الكميات الواردة الى قطاع غزة باكثر من النصف، مبيناً انه من اصل 260 طنا اعتاد الجانب الاسرائيلي على ادخالها خلال الاسابيع الاخيرة بشكل يومي اكتفى بادخال 80 طنا فقط يومياً منذ مطلع الاسبوع.
ووصف حمادة وضع غاز الطهي في قطاع غزة بالكارثي بسبب النقص المتواصل في امدادات الغاز والذي يحتاج القطاع منه يومياً في الوضع الطبيعي اكثر من 400 طن.
ورجح حمادة ان تستمر الازمة، لعدم وجود شروط جزائية على شركة باز الاسرائيلية الموردة للغاز لمناطق السلطة.
ومالم يقله حمادة، واكتفى بالإشارة له، تقوله نحن بصراحة: فساد وسوء إدارة السلطة، سبب ضاعف من معاناة أهل القطاع فيما يتعلق بشح غاز الطهي، اذ تبرم جهات متنفذة في السلطة عقودا مع الشركات" الإسرائيلية" لا تراعي فيها مصالح الشعب الفلسطيني، وهو ما تقبض ثمنه هذه الجهات من وراء مثل هذه العقود المريحة للمورد " الإسرائيلي"!
وقدر حمادة نسبة اسطوانات الغاز الفارغة في قطاع غزة باكثر من 95 في المئة غالبيتها تقبع في محطات التعبئة.
وقال حمادة: ان محطات التعبئة تواجه وضعاً قاسياً مرده عدم تفهم الكثير من المواطنين لقسوة الازمة واسبابها.
وحذر حمادة من مخاطر استمرار الازمة خلال الايام القادمة والتي من المتوقع تتفاقم مع المنخفضات الجوية المتوقعة بحسب الراصد الجوي، والتي تتسبب في زيادة استهلاك الغاز سواء للاستخدام المنزلي أو التجاري.