أخر الأخبار
خاطرة.. في ذكرى الرحيل
خاطرة.. في ذكرى الرحيل

في ذكرى رحيل الملك الحسين تهتز المشاعر فتثير في القلب حنينا وفي الضمائر شوقا وفي الصدر آهات, يا سيفاً يبقى هيبةً وهو مغمود, يا تاريخاً للفخار والجلال والكبرياء, يا جبلاً لا تهزه الأنواء, يا وطناً لا يظلم أبناءه أبداً, يا من ترك في كل بيتٍ شمعةً وغطاء, عشنا بك الزهو والشموخ والتعالي, يا قرةً للعين وبهجةً للسرور, جمعت سيرتك من خيار الأخبار, يا صوتاً هزًّ المنابر وكسر للأعداء خاطر, رحلت والجو غائم والسماء تملأها العواصف والأرض حبلى بالزلازل.
يا أبن ملوك العرب, ووارث ثورتها العربية الكبرى, يا رمز نهضتها و يا فجرها الساطع ونجمها اللامع, يا من احسن الولاية وأدى الأمانة وتبوأ مقدمة الامة, قادَ طلائع الركب, ساس الرعية, تولى أمرها بقدم سابق وشرف باسق, يا من أختزل مروءة قريش وتاريخ بني هاشم.
عشت تحمل مجد السيف والرمح وبلاغة القرطاس والقلم, قطع كلامك قول خطيب, تحيط بك هالة القيادة وعبقرية القدرة على أسر الضمائر والقلوب, استحوذت على احترام زعماء العالم, انحنى أمام قامتك التاريخ إعترافاً بحنكة القرار وصلابة العود وقوة الشكيمة وعمق الخبرة وسيادة الحكمة وحسن التدبير وسداد الرأي.
بنيت دولة المعجزة في الزمن الصعب, كنت المبتدأ والخبر, احتليت فيها محل القطب من الرحى, أنزلت شعبك منزلاً ينحدر عنه السيل ولا يصل إليه الطير, في تاريخك واجهت كل الأحداث التي مرت في العالم العربي, فكنت رجل المهمات الصعبة والبطولات النادرة, التي لم يجرؤ أحد على القيام بها, لأنك تملك استعدادا فطريا لمواجهة الخطر, لا يرف لك جفن ولا يرتعش لك فؤاد.
الموت خلّد تاريخك المُشبع بالمجد, النابض بالبصمات الخالدة, والقرارات الشعبية التي تعمق الشعور الوطني والاعتزاز القومي والانتماء الإسلامي, تنال الإعجاب, تحظى بالرضى, تعكس الطمأنينة, تعالج أوجاع الوطن, تضمد الجراح, تصون مقدرات الأجيال, تتلمس حاجات الناس, تفوح برائحة المسك والعنبر والبخور, عامرة بثقة البشر والشجر والحجر, تحفظ العهد وتصون الوعد, طاهرة كنور الشمس, نقية كنسمات الصبح, تبقى النموذج الأكمل والمثال الأمثل.
يا من أشعل شعلة الأمل في بيوت الفقراء والمهمشين والمحرومين, حمل رسالة المصطفى ذات الشرعية الدينية والأخلاقية والحضارية, رسالة الخبز والكرامة الإنسانية, رسالة العدالة الاجتماعية التي تراعي معايير حقوق الإنسان, تلبي متطلبات الأمن الإنساني (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) ستبقى في قلوبنا كجبل أحد يحبنا ونحبه, لك الرحمة والمغفرة والعفو والجنة, ولنا فضيلة الصبر.