أخر الأخبار
تيـــتي .. تيـــتي .. !!
تيـــتي .. تيـــتي .. !!

اليوم ، إنفرجت أساريري ، وضحكت حتى بانت مني النواجذ ، و قهقهت حتى كدت أقع من مجلسي ، و أنا استمع إلى فيروز ، و أغنية " كتبنا و ما كتبنا .. و يا خسارة ما كتبنا " ، و تذكرت ما كتبتُ و كتبَ غيري ، عن المصالحة ، و اللقاءات الأخوية ، طوابير من المُتنبئين ، و المحللين ، و الشُعراء و المُغردين ، جيشٌ من التعبويين مع و ضد .. و كلنا نسينا ، أن الناس لا تقرأ .. الناس لا تقرأ .. و لا تريد أن تقرأ .. و إذا قرأت فهي تفضل القراءة بالعين ، ولا تسمح للفكرة بالتسرب إلى مناطق الإدراك و الوعي في المخ .. صدقوني .. و أول هؤلاء الناس : صفوتهم ، و قادتهم .. إنهم لا يقرأون لا كلاماً مكتوباً ، و لا أحوالاً معاشة وواقعاً ملموساً .. إنهم يعيشون لقراءة و سماع صوت واحد و فهم شئ واحد ووحيد هو : مصالحهم .
كنت أتراهن و بعض رفاقي ، بأن الأيام القادمة ستشهد هدوءاً في اللهجة ، و ربما يخرج علينا مذيعي فضائية معينة ، و نجمها الساطع كثير الجلبة و المشاغبة و المشاكسة .. لينعت " عباس " ب" السيد الرئيس " و " الأخ الرئيس " ، كعادتهم عندما تقتضي المصلحة ذلك ، فهم قادرون على تحويل من كانوا يصفونه بالخائن إلى قائد و طني .. بجرة قلم ، و تحويل مسار أسطول كامل من السفن في غضون ثوانٍ من الشرق إلى الغرب أو العكس .. حسب الهوى ، و إتجاه الريح .. و هذا ليس هو المشكل .. المشكل في من يستمع و يشاهد و يقرأ لهم.. فكما يقول المثل إذا كان المتكلم مجنوناً .. فالمستمع عاقل .. و لكن الغريب ، أن كثيراً من المستمعين و المشاهدين " يبصم" بالعشرة ، و "على كل لون يا باتيستا .. معاك معاك ، عليك عليك" ..
اليوم ، و بعد أن أصبح العنوان الأكثر تداولاً ، بطعم " تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي " .. أعتقد أن لهجة الإستعلاء و التحدي ، و ألفاظ التطاول و القدح و التخوين ، ستعود لتشنف آذاننا .. و تشفي قلوب قوم حاقدين ، و تسر كل عُتل جَواظٍ زَنيم مَشَّاءٍ بِنَميم ..
و إذا ظل هذا هو الحال ، سواء من قبل الصفوة المختارة ، التي تقود الناس ، إعلاماً ، و سياسة ، و إقتصاداً ، و حتى فناً و رياضةً .. فستظل تيتي ، تروح و تأتي .. بخفي حنين .. صفر اليدين .. و إسمحوا لي ، أن أجلد هنا ذاتي ، بسوط سوداني مغموس بزيت الكِتَّان و الملح .. لعلي أنا و أهلي و ناسي نشعر بشئ من الوجع ، و الخجل ، و نتوقف عن كيل الإتهام للصفوة و النخب و القيادات ، و نشعر أننا نحن أيضاً ، فاسدون ، نعم نحن فاسدون ، و نحن من أنبت خُياب الأمل هؤلاء .. نحن من رباهم و كبَّرهم ، و عظَّم شأنهم .. نحن من إختارهم و سيَّدهم و حَمَلهُم على الأكتاف .. نحن من أعطاهم الحق في سياستنا و نحن الذين نستمع لقولهم و نُنصت ، و نحن من عودهم على الطاعة .. نحن أيضاً نتحمل المسؤولية ، ولا يمكننا أن نستمر في دفن رؤوسنا في التراب ، و ترحيل كل خيباتنا و هزائمنا و فشلنا على قيادات ، و ألهة نحن صنعناها بأيدينا .. و عبدناها و صدقنا كذبنا على أنفسنا . نحن كما قال نزار : شعوب من الجاهليهْ ونحن التقلبُ ..نحن التذبذبُ ..والباطنيهْ ..نبايع أربابنا فى الصباح ..ونأكلهم .. حين تأتى العشيةْ ..
نحن أنصار " تيتي " نحب مشيتها و غنجها ، و دلعها و دلالها و هي تتمايل ، و تجر خلفها أذيال الخيبة و الخزي و الإنقسام ، نحن نحب " تيتي " و نرغب دائما إليها ، لنراقب خطواتها وهي تروح و تأتي .. لنغني لها بكل حماسة و عشق :
تيتي تيتي زي ما رحتي .. زي ما جيتي ..