أخر الأخبار
ضياع عشرة آلاف طفل سوري فقط...!
ضياع عشرة آلاف طفل سوري فقط...!

تماما كما يعلن البعض عن ضياع قطته المدللة ، ويعد من يجدها بمكافأة مالية ،  تمّ الإعلان عن فقدان عشرة آلاف طفل سوري مهاجر في أوروبا  ..!  مرّ هذا الخبر المرعب على شاشات العالم وفضائه الإلكتروني  بلا ضجة  .. والفارق أن لا أحد أعلن عن مكافأة لمن يجد أطفال سوريا المفقودين في أوروبا ،  ولا أحد اكترث من عرب القرن الحادي والعشرين لهذا الخبر الفاجع ، والأمر الصادم أنهم أطفال جاءوا بلا أهل ، هكذا أطفال لن  يطالب بهم أحد لأنهم جاءوا من سوريا بلا عائلة ، وبكل ببساطة تتلقفهم منظمات الإجرام العالمية لقمة سائغة ليغذوا الاتجار  بالبشر بدفعة خيالية لم تخطر ببال ، عشرة آلاف مرةّ واحدة ، لا أهل يبحثون عنهم ولا وطن يستعيدهم ولا عرب يعلنون عن النخوة لأطفال العرب ، حتى العالم الذي يذوب رحمة بالحيوانات نسيهم ..ومر الخبر على شريط الشاشة بلا ضجيج ولا ما يحزنون ..! أنا شخصيا منذ أن تفجر هذا الخبر في خلايا دماغي وعقلي ميت ، لا أريد أن أتصور  أبناء الشام يقعون ضحية لتجار البشر القتلة الذين يحسنون استغلالهم  لتجارة الأعضاء البشرية والرقيق الأبيض وتجارة الجنس ، لا أريد أن أصدق أن ما حدث منذ عام 2011م من كوارث ينتهي في قاعات مكيفة بجنيف ويتفاوض الساسة  لضمان مصالحهم ويتبارون لتحقيقها ، في حين تلقي أمواج البحر المتوسط جثث الأطفال والنساء والشيوخ من أهالي بلاد الشام على شواطئ البحر التركي أو اليوناني أو الإيطالي أو الليبي ..لا زلت منذ أن تفجر الخبر في شراييني أتصور عشرة آلاف طفل خائف وضائع وغريب وجائع ومحتجز ومستغل ، والذئاب البشرية تأكل  اللحم السوري الغض ..! يشبّ فيّ الإحساس الأدبي ، تدق مشاعر الكاتبة بكياني ولا تتركني أنام ، أتصور عيون كل طفل من هؤلاء  تتطلع إلي ، وتستنجد خائفة في ظلام الغربة الموحشة وصقيع الليل، كل طفل حكاية شامية من الخذلان العربي ،لماذا قتلتم بلاد الشام وأهالي الشام ..؟ لماذا ألقيتم بأطفال الشام للغرباء بأموالكم التي يفوح منها الموت ..؟  من سيحاسب عرب القرن الحادي والعشرين على ضياع جيل عربي بأكمله ما بين المنافي والخراب، بتجهيلهم وتشريدهم عن دور العلم والمعرفة ، ودفعهم نحو الجريمة  السوداء .. من ..؟ مهما كانت كل المبررات السياسية  فلا شيء يغطي على هذه الجرائم البشرية، ولا شيء يمحو الفظائع  التي رأتها سوريا طوال أربع سنوات مجنونة ، ودعونا نتصور مشاعر هذا الجيل المكسورة والمرعوبة  ، فهل يهمهم من ينتصر ومن يهزم ، هل يهمهم إن ذهب الشيطان أو جاء شيطان آخر ما داموا ذاقوا كل هذا الويل ، ودعوني أسأل أخيرا وبكل خوف : أين ذهب عشرة آلاف طفل سوري مفقود في أوروبا ..؟ في أي جحيم هم ..؟ وأسأل الذين فجروا جنون الطائفية وجعلوها أعلى صوتا من حب الشام ، هل هؤلاء الذين فقدوا في أوروبا سنة أم من الطائفة العلوية أم  أنهم بلا هوية ..؟  يا لخسارة الحلم العربي الجميل الذي نبت قبل قرن في بلاد الشام مع أحرار العرب والذين دخلوا دمشق يحملون الراية العربية .. يا للخسارة  يا شام..!