أخر الأخبار
تحالف جديد في المنطقة .. إسرائيل تسرق أصدقاءنا !
تحالف جديد في المنطقة .. إسرائيل تسرق أصدقاءنا !

نجحت إسرائيل وبهدوء وعلى مدى خمس سنوات من إعادة ترميم علاقاتها بكل من اليونان وقبرص، وهي العلاقات التي كانت على الدوام شبه مجمدة وغير فاعلة.
التطلع الإسرائيلي نحو هذين البلدين كان نابعا من تحقيق هدفين اثنين: الأول هو خنق تركيا جيوسياسيا بعد الانهيار الكبير في العلاقة بين الطرفين على خلفية الاعتداء الإسرائيلي الذي تعرضت له الباخرة «مافي مرمرة» فجر يوم 31 مايو، 2010 و التي كانت تقل نشطاء متضامنين مع غزة ، فالبلدان اليونان وقبرص عدوان لدودان لتركيا وبناء تحالف ما معهما سيكون مضرا بأنقرة في أي حال من الأحوال.
أما الهدف الثاني فقد كان اقتصاديا بحتا وهو التعاون في مجال التنقيب عن الغاز وتطوير بعض الحقول المكتشفة في المياه القبرصية واليونانية من قبل شركات إسرائيلية وخاصة حقل « افرديت» القبرصي ، وبناء إستراتيجية موحدة ثلاثية إسرائيلية – يونانية – قبرصية للاتفاق علي تصدير الغاز والتحكم بأسعاره بعيدا عن تركيا وروسيا وقطر، بمعنى آخر بناء « تكتل إقليمي موحد يمسك بزمام صناعة استخراج وتصدير الغاز للعالم.
منذ أواخر عام 2010 وإسرائيل تعمل على إعادة ترميم العلاقات مع اليونان وقبرص ، فالبلدان كانا ومازالا إلى حد كبير من أكثر الدول الأوروبية انحيازا للحقوق الفلسطينية على مدى العقود الثلاثة الماضية ، واليونان على سبيل المثال اعترفت بإسرائيل في عام 1992 فيما تركيا الدولة المسلمة فقد اعترفت بإسرائيل عام 1950 وبينها وبين إسرائيل تبادل تجاري وصل ذروته عام 2014 بلغ قرابة الخمسة مليارات دولار على الرغم من البرود والجفاء في العلاقة السياسية بسبب حربي غزة عام 2012 و2014 وحادثة باخرة « مافي مرمرة « ، أما قبرص فقد أقامت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في عام 1960 إلا أن تلك العلاقات جُمدت منذ ذلك الوقت بسبب الضغوط العربية والإسلامية عليها لمنعها التعامل مع إسرائيل ، وفي يناير من عام 2011 أعادت قبرص الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 كأول دولة أوروبية تقدم على هذه الخطوة بعد الحملة الدبلوماسية التي أطلقتها السلطة الفلسطينية للاعتراف بدولة فلسطين بعد تعثر المفاوضات مع إسرائيل ، حيث كانت قد اعترفت بالدولة الفلسطينية عام 1988 بعد إعلان الاستقلال الشهير في المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988.
استثمرت إسرائيل دخول العرب في «غيبوبة الربيع العربي» ونجحت في الالتفاف على العرب عبر « الخاصرة الآمنة لهم في أوروبا.
مرت اليونان بأزمة مالية خانقة ولم تجد أي نوع من المساعدة العربية ، وقبرص هذه الجزيرة الساحرة المرتبطة بالعرب أكثر من أية بقعة أخرى خارج العالم العربي لم تكن يوما وجهة للاستثمار العربي ، ومؤخرا بدأت بعض القوى المتصهينة داخل اليونان ترفع من صوتها طارحة السؤال المحرج « ماذا استفدنا من العرب ومن أموالهم ؟
قد تقول بعض الدوائر الصانعة للقرار بالوطن العربي هذا الأمر ليس أولوية لنا الآن ، ولكن المعادلة البسيطة تقول أن خسارة « الخاصرة الأوروبية الصديقة «بهذه السهولة وبالمجان وتحولها لدرع قوة للعدو الأساسي « إسرائيل» يعد استهتارا و «عمى سياسي» ، فإسرائيل ووفق المعلومات بدأت تستغل علاقاتها الساخنة مع اليونان من اجل التأثير علي بقية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من اجل عدم الانصياع لقرار وضع الوسم الخاص على منتجات المستوطنات الإسرائيلية ، وفي المعلومات أيضا أن شركات يونانية وقبرصية بدأت تتعاون مع المستوطنات الإسرائيلية وتشترى منتجاتها وتعيد تصديرها لأوروبا على أنها منتجات يونانية وقبرصية لتجاوز موضوع المقاطعة الأوروبية لتلك المنتجات ، هذا عدا الاتفاقات التي بدأت تُدرس مسوداتها الأولية في المسائل العسكرية والأمنية ، وهذا كله يعني أن هناك تحالفا جديدا يبنى من ورائنا ، ومن الأكيد أننا سنكتشف عند منعطفات الوضع الإقليمي الملتهب أننا خسرنا الكثير إن لم نسارع في استدراك الأمر وتحديدا في مسالة عدم الإخلال بأجندة الأمن القومي العربي الذي تحتل فيها إسرائيل المرتبة الأولى رغم «كل الجنون الإيراني» الذي يخدمها.