أخر الأخبار
عقدة النضال الفلسطيني
عقدة النضال الفلسطيني

نتمنى، لكننا نشكك كثيراً في ان ينجح وفد حماس في اقامة علاقات متوازنة مع مصر ,فياسر عرفات لم يكن اكثر نجاحاً من حماس في اقامة علاقات متوازنة مع سوريا او مع الاردن او مع لبنان، مع ان طبيعة الحركة النضالية الفلسطينية تتطلب ذلك، لانها قامت خارج الوطن اولاً، ولانها ليست طرفاً او يجب ان لا تكون في علاقات الدول العربية غير الطبيعية.
لم يتوقف النضال الفلسطيني في قيادات مستوطنه على أرضه، منذ أيام الحاج امين الحسيني، وقد كانت مراهنته على انتصار المانيا الهتلرية حلمه العودة على حصان ابيض لفلسطين، ثم مراهنته على مصر فاروق، ثم على عراق عبدالكريم قاسم وجمهوريته الفلسطينية الخالدة، وتتابعت بعده قيادات فتح والشعبية والديمقراطية، وكلها كانت خارج فلسطين اي في احشاء الخلاف العربي، ولم ينجح عرفات في هاجسه الدائم باستقلال القرار الفلسطيني الا بعد اوسلو، وقبوله بالعودة.. داخل احشاء عدوه الاسرائيلي فقد كانت خياراته محددة: داخل الخلاف العربي او داخل فخاج الاحتلال الصهيوني.
حماس هي النسخة الفلسطينية من الاخوان المسلمين، ومع ان تنظيم الاخوان الدولي كان قادراً على الاحتضان المالي لحماس، إلا ان قيادتها اختارت دمشق، ودمشق وضعتها في حضن ايران، وحين وجدت هذه القيادة نفسها في حالة عداء مع النظام السوري، وجدت ان طهران لم تستمر في تمويلها، فانتقلت مع قيادة الاخوان الى قطر، ثم الى تركيا، بعد ان فقد الاخوان الحكم في مصر.
هذا لم يحدث في النضال التحرري الجزائري، والمغربي، والتونسي، لقد كانت قيادة الثورة السياسية في القاهرة، لكن قيادة الثورة بقيت في الجزائر، ولم يقبل مناضلو المغرب الكبير هيمنة قائد عظيم مثل جمال عبدالناصر، او علاقة ما مع مخابراته خارج نطاق التسلح، وهو ما كانت الثورة قادرة عليه وحدها لكن معونة الدول العربية غير المشروطة سرّعت في الانتصار المدوي، باستقلال تونس، وباعادة الملك محمد الخامس الى عاصمته، ثم باستقلال الجزائر.
القيادة الفلسطينية الان مغروسة بالارض الفلسطينية وهي على علاقات حسنة مع الجميع، فمحمود عباس ورفاقه في فتح ليسوا في عِداء مع أحد، وليسوا في جيب أحد.. وهذا مهم.. والأهم منه انهم لا يؤمنون بأن القوى العربية أو الاجنبية ستعيد اليهم ارضهم «على البارد المستريح». فالعرب والأصدقاء معهم بقدر ما هم على استعداد لتحمل مسؤوليات النضال مع عدو كالكيان الصهيوني.
ندعو حماس الى اصلاح البيت الفلسطيني قبل ترميم العلاقات مع مصر او غير مصر، فإمارة غزة ليست بديلاً عن وقفة فلسطينية على أرض فلسطين، وفي الشتات، فصواريخها لم تغير في معادلة القوة.. ولعل صواريخ صدام حسين التسعة والثلاثين لم تقتل اسرائيلياً واحداً رغم الرعب النفسي الذي أحدثته.