أخر الأخبار
البحث عن القضية الفلسطينية في الذاكرة العربية !
البحث عن القضية الفلسطينية في الذاكرة العربية !

الرياح الساخنة العاصفة التي هبت على البلاد العربية ، ابعدتنا ، في وقت ما ، والى حد ما ، عن القضية الفلسطينية وعن التطورات الدامية في الداخل المحتل ، منذ اندلاع الربيع العربي ، حتى آخر طفل شهيد في شوارع القدس المحتلة. يعتقد البعض ، للأسف ، أن الكتابة عن قضية الشعب الفلسطيني في زحام الموت المجاني العربي غير جاذبة لآهتمام القارىء ، أو أن الكتابة عن قضية العرب المركزية تاتي ضمن الكتابة عن التراث والفولكلور!!
نعترف ، وبصراحة ، وبكل الحزن العربي ، أن اسرائيل نجحت في انتزاع قضية الشعب الفلسطيني من الذاكرة العربية ، بمقدار نجاحها في انهاء الصراع العربي الاسرائيلي ، وتحويل القضية الفلسطينية الى قضية أرض متنازع عليها. السبب أن هناك في بلاد العرب من لا يفهم الفكرة الصهيونية ، ولا مقاصد واسلوب عمل الحركة الصهيونية واهدافها الاستراتيجية وخططها المستقبلية.
المجتمع الاسرائيلي بغالبيته ، ان لم يكن كله ، تحرك نحو اليمين المتشدد ، وتكيّف مع الاحتلال ، وتعايش مع الخرافة ، وآمن بيهودية الدولة ، لأن هذا المجتمع استفاد من الاحتلال المريح طوال عقود مضت ، فقد وفر له احتلال الاراضي الفلسطينية غير المكلف جيشا من الايدي العاملة الرخيصة المستخدمة في الصناعة والزراعة والبناء ، في ظل صمت عربي وتعاطف دولي.
واجه هذا المجتمع اليميني المتشدد والمتطرف بعض الهبات والانتفاضات الشعبية في فترات متقطعة دون تحقيق انتصارات سياسية حاسمة ، وهي موجات غضب موسمية لا تشكل قاعدة لمقاومة منظمة طويلة النفس رغم التضحيات الكبرى ، فالمواجهة غير متكافئة بوسائلها ، السكين في مواجهة البندقية ، والحجر في مواجهة الدبابة ، تشكل مشهدا لم يعد يهز ضمير العالم الذي اصبح عاجزا عن الادانة ، رغم وجود الشاهد والصورة والضحية.
يتحدثون عن حتمية اعادة الحوار واحياء المفاوضات لتحقيق السلام على قاعدة حل الدولتين ، في ظل انقسام فلسطيني داخلي ، ومصالحة فلسطينية مستحيلة ، وفي غياب اي دور عربي مساند ، وبوجود ضمير عالمي يحزن على الجندي الاسرائيلي الذي يزعجه الحجر الذي يقذفه طفل فلسطيني ، فيحرمه من شرب قهوته بهدوء ، فيضطر الى قتله بلا محاكمة ، حيث تحول جيش الاحتلال الى فرق اعدام !!
وما يثير الاستغراب والدهشة أن الدولة الراعية لمفاوضات السلام ، وأعني الولايات المتحدة ، اصبحت غير مكترثة بهذه القضية ، وادارت ظهرها للعملية السلمية الوهمية ، حتى قبل حلول موسم الانتخابات الرئاسية. الثابت أن الرئيس اوباما لم يعد لديه اية اوهام حول قضية السلام في الشرق الاوسط ، فهو على يقين بأن رئيس حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل نتنياهو لايريد المفاوضات ، ولا حل الدولتين ، لأنه غير مقتنع بالحل ، كما هو اسير الوضع الداخلي الاسرائيلي ويخشى غضب الاحزاب المشاركة في حكومته والاحزاب المعارضة ايضا ، ولم يجد امامه سوى طريق الهروب الى الامام والاستمرار في قضم الاراضي الفلسطينية وتنشيط حركة الاستيطان وتنفيذ مشروع التهويد.
بالمقابل ، هناك السلطة الفلسطينية العالقة في وسط الطريق ، محاطة بواقع عربي يائس بائس ، وباحداث عربية مأساوية دامية ، ولا تملك خيارات سوى الانتظار الذي يشبه الموت البطيء ، في غياب الخيارات الاخرى ، بعدما اسقطت خيار المقاومة. لذلك لم يجد الشعب الخاضع للاحتلال سوى الانتفاضة والعصيان واستخدام الحجارة والسكاكين لمقاومة الاحتلال المتوحش وجعله اكثر كلفة على المجتمع الاسرائيلي، وبالتالي اعادة القضية الفلسطينية من حفرة النسيان الى مكانها تحت الشمس.