أخر الأخبار
الرئيـس الســــوري المــنــاوب
الرئيـس الســــوري المــنــاوب

دأبت الكتائب الإعلامية المجوقلة منتصف تسعينيات القرن الماضي على نشر مواد تتحدث عن رحيل الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين، ومجمل تلك الكتائب المجوقلة تقف اليوم نادمة على تلك الحقبة من عمرها المهني، منهم من امتلك الجرأة الاخلاقية والمهنية وكتب صراحة اعتذاريته وكثيرون يهمسون بها في المجالس والصالونات وليس من نافل القول هنا ان معظم الشوارع العربية نادمة على التفريط بالعراق ونظامه السابق وكذلك مقرات الحكم العربية وبعض المقرات الغربية ايضا، الندم بدأ يظهر ليس على التفريط بالشهيد صدام حسين فقط، بل على معظم الانظمة الراحلة . اليوم يتكرر المشهد وتقريبا من نفس الشخوص، التي تتحدث عن رحيل الرئيس السوري بشار الاسد لدرجة بات المراقب مشغولا بشخصية الرئيس المناوب في قصر الرئاسة في دمشق لكثرة تكرار الاسماء ومرّات التغيير، فما من شهر يمضي الا والرئيس السوري تغيّر والنظام سقط وفي كل مرة ينجح النظام السوري في افشال هواجس تلك الكتائب الاعلامية وطموحاتها، ونقول هواجس وطموحات لان كل ما يستذكره افراد الكتيبة لا يقع في باب التحليل بصرف النظر عن موقف كثيرين من نظام الاسد حتى لدى جمهرة واسعة من المنادين بضرورة صمود النظام السوري وجيشه في وجه آلة الارهاب الداعشية وغيرها من اسماء ابتكروها وتحمل نفس الجينات الارهابية . حتى تاريخه، لم ينجح شعب نام او من الدرجة الثالثة  في تغيير نظام، لا في الربيع العربي ولا فيما قبله، من بنما حتى كوبا مرورا بالقاهرة وتونس العاصمة وصنعاء وطرابلس الغرب، فالانظمة سقطت بتسويات سياسية مسنودة بقوة عسكرية تحمي التسويات السياسية التي جرت في معظمها خارج الجغرافيا العربية ولم يكن جمهور الميادين والشوارع والساحات – البريء منها والمأجور - اكثر من تغطية لهذا التغيير المرسوم بعناية في مختبرات الغرب التي انتجت داعش وانتجت مضاداتها الحيوية تارة على شكل انظمة وتارة اخرى على شكل فصائل مواجهة، فالشارع العربي لم يزل ينتظر الحركة او المجاميع الحاملة لنظرية التغيير والقادرة على ادارة شؤون البلاد والعباد بعد سنوات من العزلة الشعبية والحزبية التي وصلت الى قرابة قرن او اقل قليلا، كان فيه رأس النظام جزءا اساسا من النظام نفسه ان لم يكن كله . سورية ليست استثناءً ولن تكون، لكن الفوارق الجوهرية في تكوين نظامها عن الانظمة التي سقطت في اتون الربيع العربي هي التي احدثت الفارق، فالنظام مسنود بجيش عقائدي اختلفنا او اتفقنا مع عقيدته ونجح في تلبية امال واماني جزء كبير من الشعب السوري المتنوع والمتعدد ليس سياسيا وديمقراطيا ولكن نجاحه الاقتصادي والاجتماعي المدني ظاهر للعيان أضف الى ذلك ان الدولة الداعمة لهذا النظام والراعية لجيشه لم تنقلب عليه ودافعت عنه حد وصول الحرب الى عاصمتها الأم، اذن لتتريث تلك الكتائب قليلا وتقرأ المشهد بعين التحليل لا بعين الطموح والهواجس المسنودة من دوائر تسعى وتتمنى سقوط النظام السوري هي ايضا، ناهيك عن وجود تحالفات تاريخية للنظام السوري مع قوى سياسية كثيرة مرتبطة وجوديا وجوهريا بوجود النظام السوري وحلفه التاريخي مع ايران التي نجحت في التماسك ضد الحصار الغربي بنفس الادوات السورية تقريبا وخاضت تلك القوى وايران حرب النظام بوصفه حربها . العوامل كلها الخارجية والداخلية تصب في خانة النظام ولا يبدو على المشهد عكس ذلك، فكل الاوراق تميل لكفّته، فالنظام لم يشهد انشقاقات جوهرية في بنيته الرئيسة كما باقي الانظمة، وتنامي حالة الدعم له بعد تداعيات دول المنطقة التي سقطت انظمتها قلبت مزاج الشارع السوري الذي اضناه اللجوء والتسول على موائد الدول المانحة وما لم يحدث انقلاب جوهري في الموقف الروسي والايراني فالنظام لن يسقط فطبيعة الخريطة الجيوسياسية لسورية لا تسمح باجتياح بري .