أخر الأخبار
حسابات نتنياهو الساذجة
حسابات نتنياهو الساذجة

عشية زيارة نتنياهو يوم الخميس القادم لموسكو ولقاء الرئيس الروسي بوتين عقدت الحكومة الاسرائيلية جلستها الاسبوعية في الجولان السورية المحتلة، وهي المرة الاولى منذ إحتلالها في الرابع من حزيران عام 1967. ولم يكتف رئيس الوزراء الاسرائيلي بارتكاب جريمة عقد جلسة حكومته في الجولان العربية، بل صرح بشكل فج، قائلا: سنبقى في الجولان للابد. ولن ننسحب منها ابدا!؟ العدوان الاسرائيلي الجديد على الجولان، لم يأت بالصدفة، او نوعا من الترف والفذلكة السياسية، انما هو عدوان يرتكب عن سابق تصميم وإصرار من قبل نتنياهو وإئتلافه الحاكم اليميني المتطرف، الذي لا يؤمن بالسلام، ولا يعمل من اجله، لا بل يعمل على وأده وتصفيته بشكل كامل، وخير دليل، تصريح زعيم الليكود بشكل سافر ووقح، ان الجولان ستبقى تحت السيادة الاسرائيلية للابد. اضف إلى ان الاعلان عن موقفه الصلف يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية، ومع ما أقرته الحكومات الاسرائيلية السابقة بما في ذلك حكومات نتنياهو، التي اجرت مباحثات مع الرئيسين الاسد الاب والابن بشكل غير مباشر لبلوغ تسوية سياسية تقوم على الانسحاب الاسرائيلي من الجولان مقابل تطبيع العلاقات بين البلدين (سوريا وإسرائيل) لكن دولة الاحتلال افشلت تلك المحادثات. غير ان إسرائيل تحاول إستثمار الواقع السياسي المعقد والصعب، الذي تعيشه سوريا الشعب والدولة منذ خمسة اعوام خلت لتفرض الوقائع على الارض. لكن السؤال لماذا الان؟ لماذا لم تعلن عن ذلك خلال المرحلة السابقة، لاسيما وان الحالة السياسية في سوريا، كانت تشير إلى إقتراب تقسيمها، وكانت الدولة تتلاشى؟ ماذا كانت تنتظر؟ وما هي المعايير التي حكمت حكومة نتنياهو في إرتكاب الجريمة الجديدة؟ وهل ستنجح الخطة الاسرائيلية في الضم للجولان السورية العربية؟ وهل سيكون هناك موقف عربي رافض للخطوة الاسرائيلية ام الصمت عليها؟ وما هو موقف الاقطاب الدولية والامم المتحدة من العدوان الاسرائيلي الجديد؟ الرد الموضوعي والواقعي على ما تقدم من اسئلة، يتمثل في: اولا الاعلان الاسرائيلي الان ناجم عن التحول، الذي شهدته الساحة السورية بعد الثلاثين من سبتمبر الماضي 2015، حيث تعززت قوة النظام السوري في مواجهة خصومه من كل اطياف المعارضة بفضل التدخل الروسي؛ ثانيا سقوط خيار التقسيم، حتى وان برز خيار "الفيدرالية"، وبدأت تتداول به الاطراف الدولية والاقليمية وبعض قوى المعارضة؛ ثالثا شعور القيادة الاسرائيلية، ان الوقت الراهن في ظل الحوارات الجارية بين النظام والمعارضة في جنيف، انها شريكة في الغنائم من التركة السورية، وبالتالي من حقها الحصول على حصتها من سوريا. بعد ان رأت ان خيار إنهيار الدولة تلاشى، وسبب عدم تعجلها الاعلان سابقا، يعود لإعتقادها، ان الامور ستأتيها على طبق من فضة دون اي ضجيج؛ رابعا إطمئنانها ان حلفاءها في المعارضة السورية، لن يعارضوا جريمتها الجديدة. اضف إلى انها لم تعد تشعر ان اهل النظام السياسي العربي، سيكون لهم موقف سلبي من الاعلان ؛ خامسا لاعتقادها ان نظام بشار الاسد او اي نظام سيأتي لاحقا، لن يكون قادرا على التصدي للقرار الاسرائيلي قبل عقدين على الاقل في حال تعافى النظام؛ سادسا كما اراد نتنياهو إيصال رسالة لبوتين عشية زيارته ولقائه في موسكو، وابلاغه بان لاسرائيل حصتها من اراضي الدولة السورية، وهي تكتفي بالجولان إذا شاء الروس موافقة الائتلاف الاسرائيلي الحاكم على الحل السياسي في سوريا؛ سابعا في ظل الواقع البائس عالميا وخلط الاوراق في الخارطة الاقليمية والدولية، وبحكم إعتمادها على التساوق الاميركي، لم يخش نتنياهو من الاعلان عن قراره السياسي بالسيطرة الكلية على الجولان السورية العربية؛ ثامنا يجزم المرء، رغم بؤس الواقع السوري والعربي والاقليمي والدولي، فإن الجريمة الاسرائيلية لن تمر، ولن يسلم الشعب العربي السوري ولا الجماهير العربية وقواها القومية بتمرير خيار الاستعمار الجديد، ويخطىء نتنياهو كثيرا إذا إعتقد ان الحال البائس للعالم العربي سيمرر خطوته العدوانية في الجولان. لذا ستبقى الجولان عربية وسورية، وستغرب شمس إسرائيل عنها في زمن ليس بالبعيد.