أخر الأخبار
عينا ديما
عينا ديما

«كانت ديما مكبلة اليدين والقدمين في قاعة المحكمة الصهيونية، يومها كان الجو باردا، ترتدي بنطالا وقميصا خفيفا، وكانت قدماها تنزف من السلاسل وشدة البرد». هكذا تحدث اسماعيل رشيد الواوي والد أصغر أسيرة في سجون الاحتلال، ولم يستطع أن يكمل، فقد تولت دمعة ساخنة، التعبير عما في خاطره! المادة الفيلمية الوحيدة التي وجدتها تتحدث عن ديما، وأسرتها، كانت تقريرا متلفزا بثته قناة الحقيقة الدولية، لمراسلتها في فلسطين، وعد الكار، عدت إليه بعد أن هزت عينا تلك الطفلة أعماقي، لحظة أن أفلتها الوحش الصهيوني، على أحد الحواجز قرب طولكرم، قبل أيام. بدت عينا ديما زائغتين، وقد «هجم» عليها الصحفيون بكاميراتهم، فيما كانت هي مشغولة بأن تلوذ في حضن أمها، وامها، لم تستطع ديما أن «تصرح» للصحفيين، كانت تعيش لحظة صدمة، وما يشبه الذعر، ولا أشك انها بحاجة لفترة لا بأس بها، وربما لعلاج نفسي، كي تستعيد توازنها، وإيقاع حياتها الطبيعية. قصة ديما، تصلح أن تكون شاهدا قوي الدلالة، على مدى التوحش الذي يمارسه الاحتلال النازي لفلسطين، فمن يستطيع ان يفهم كيف تُزج طفلة كهذه بين قضبان سجن، وغرف تحقيق، تتناوب عليها وحوش آدمية، تترفع وحوش الغاب، عن أن تنزل إلى مستوى سفالتهم، ووحشيهم؟ ديما اسماعيل رشيد الواوي «12 عاما»، كانت أصغر أسيرة في سجون الاحتلال، ولدت في  20 تشرين ثان عام 2003 طالبة الصف السابع الأساسي، اعتقلت في التاسع من شهر شباط عام 2016 بحجة محاولتها الطعن، وحكمت بالسجن الفعلي لمدة أربع شهور ونصف اضافة لخمس سنوات مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية بقيمة ثمانية آلاف شيقل أي ما يزيد عن ألفي دولار بقليل، وإن لم تُدفع، يتم سجن الأب أو الأم لمدة ثمانية أشهر!  قامت سلطات الاحتلال بالقبض على الطفلة ديما الواوي وهي في طريقها إلى المدرسة شمال الخليل. ديما لم تفهم ما الذي يحدث حينها. وبعد أسبوعين، قامت المحكمة العسكرية باستدعاء ديما إلى قاعة المحكمة وهي لا تزال ترتدي زي المدرسة ذاته.  ديما خضعت للتحقيق مع عدة محققين كما ذكرت لمحامية نادي الأسير الفلسطيني، ووالدها يكمل الرواية: «حقق معها 8 محققين، أحدهم داس على ظهرها، وتحتها الحصى ووجها للأرض، وكانوا يستهزئون بها، ويقولون لها: سندفنك وأنت حية. فتأثرت صحيا ونفسيا، وبعدها اتصل المحامي وأخبرنا أن لها محاكمة، فذهبنا، غير أنها تأجلت بضع مرات، وكان القاضي الصهيوني يقول لا قانون يعطيني صلاحية محاكمة الطفلة، مع ذلك بقيت معتقلة». في الرسالة الوحيدة التي تمكنت ديما من إرسالها من داخل الأسر لأسرتها، كتبت تقول «أعلم أن السجن لم ولن يغلق يوماً» وقالت أيضا انها تحاول ممارسة طفولتها داخل السجن، من لعب وقراءة رغم كل المعيقات المفروضة!  عينا ديما، وهي تقبع على بطنها، يدوسها جندي متوحش، وهي تجلس في قفص الاتهام، مكبلة اليدين، والقدمين، وأخيرا، وهي تخرج من سيارة الوحوش، متجهة لحضن أمها، تحكي قصة فلسطين، كلها، فلسطين، التي تستمد كل يوم، دماء جديدة، تضخها وحشية الاحتلال، كلما أصابها الخمول، جراء خذلان القريب والبعيد، على حد سواء!