أخر الأخبار
التعديلات الدستورية: الأردن هو المنتصر
التعديلات الدستورية: الأردن هو المنتصر

كان هناك خلاف وكانت هناك وجهات نظر متعددة بالنسبة للتعديلات الدستورية التي وصلت من الحكومة إلى مجلس النواب الذي أوصلها إلى مجلس الأعيان لكن ما ثبت من خلال النقاشات الحامية التي دارت في المجلسين أن هناك حرصا على المصلحة العامة وأن هناك مراعات موضوعية لتوجهات الأكثرية وحقيقة أن هذا يدل على الإلتزام الوطني الشديد وعلى أنه لا بد من إعطاء هذه المستجدات الجديدة والجادة الفرصة بعد تطبيقها على أرض الواقع.
أن هناك إحتراما للدستور الأردني الذي وضعه الآباء المؤسسون في بدايات خمسينيات القرن الماضي يصل إلى حد القدسية ويقينا أن كثيرين من الذين أيدوا هذه التعديلات قد ترددوا كثيرا قبل أن تعلو أصواتهم بالتصويت إيجابيا عليها لكن كان لا بد في النهاية من الأخذ بمقولة أن الدساتير توضع لتنظيم العلاقات بين المكونات الإجتماعية وبين المواطنين بعضهم بعضا وبينهم وبين مؤسسات الدولة وفي المقدمة منها السلطة التنفيذية.
هناك جدل واسع دار إن في المنتديات العامة وإن بين أبناء الشعب الأردني وإن في وسائل الإعلام المختلفة وإن في مجلس الأمة بجناحيه الأعيان والنواب حول إزدواجية الجنسية بالنسبة لشاغلي المناصب العليا في الدولة الأردنية وحقيقة أن وُجهتي النظر اللتين برزتا خلال نقاش طويل فيهما الكثير من الموضوعية ومن تغليب المصلحة الوطنية لكن في النهاية كان لا بد من الاحتكام إلى «التصويت» والالتزام بنتائجه وهذا هو ما حصل أمس الأثنين في إجتماع مجلس الأعيان الذي يضم خبرات متعددة وفي المجالات كافة لها التقدير والإحترام.
البعض من الزملاء الإغراء قال أنه لا يجوز أن يصل إلى المناصب العليا في الدولة من «يدعي» بحماية دولة أجنبية أو من أدى قسم الولاء لأي دولة أخرى غير الدولة الأردنية وحقيقة أن وجهة النظر هذه لا يمكن إلا النظر فيها ملياً ولا يمكن إعتبارها معقولة لكن وفي الوقت ذاته فإنه كان لا بد من إعتبار أن الولاء للوطن والدولة لا يتوقف على وحدانية الجنسية الأردنية فالولاء لا تحدده الوثيقة التي يحملها كائن من كان بل يحدده الإحساس بكل ذرة تراب في هذا الوطن وهنا فإنه معروف أن هناك من حرموا من جواز سفرهم الأردني وهويتهم الوطنية لكن ورغم عيشهم في ديار الغربة سنوات طويلة إلا أن ولاءهم لهذا الوطن ولمؤسساته السيادية بقي راسخا لا بل وأنه تضاعف كثيرا وتم نقله وتوريثه للأبناء والأحفاد الذين لم تكن أقدامهم قد وطأت بعد الأرض الأردنية.
نعم... يجب عدم إجراء تعديلات على الدستور ليست ضرورية وليست ملحة لكن عندما يصبح أي تعديل مصلحة وطنية فإنه يجب عدم التردد نهائيا وخاصة بالنسبة لقضايا رئيسية إن ترك الحسم بها لأكثر من جهة فإننا قد نجد أنفسنا في يوم من الأيام أمام معضلة حقيقية وحقيقة أننا كدنا نواجه مثل هذه المعضلة في مرحلة من المراحل لولا أنّ هناك من غلّب العام على الخاص ولولا أن عامل الولاء والمحبة والأخوة الصادقة قد تغلب على النزعة الفردية الموجودة لدى كل إنسان في هذه الكرة الأرضية ومنذ بدء الخليقة وحتى الآن.
كان علينا أن نجعل من تجاربنا وتجارب غيرنا دروسا وأن لا نترك أمورنا الحساسة والخطيرة فعلا وبخاصة في مثل هذه الظروف الصعبة مفتوحة على شتى الإحتمالات ويأتي على رأس هذا كله أن نحصر بعض قراراتنا الدستورية بصاحب القرار في مثل هذه الأمور وصاحب القرار الأول والأخير هو جلالة الملك الذي لا أحرص منه لا علينا ولا على الأردن .