أخر الأخبار
الأهم من تقرير الخارجية الأميركية !
الأهم من تقرير الخارجية الأميركية !

تُشكر الخارجية الأميريكية على إيرادها، في تقريرها السنوي حول الإرهاب، حقائق أنَّ الأردن سعى لمواجهة أيديولوجية العنف التي يمارسها تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية لكن ما يؤخذ على هذا التقرير أنه إفتقد إلى الدقة وأنه إنتقد حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله النسور بالإسم عندما أشار إلى أنَّ استراتيجيته بالنسبة لمكافحة التطرف، التي أعلن عنها في خريف العام 2014، ظلت تعاني من قلة الموارد وبقيت بلا ركائز لتنفيذها وحقيقة أن الولايات المتحدة تتحمل جزءاً رئيسسياً من هذه المسؤولية لأن المفترض أنها الدولة الأولى في العالم كله المعنية بهذا الأمر ولأن المفترض أنْ توفر للإردن الإمكانيات المالية التي تساعده على القيام بواجبه في هذا المجال على إعتبار أنه يأتي في طليعة الدول «المشتبكة» مع هذه الآفة الكونية.
لقد جاء في هذا التقرير رغم ما أورده من ملاحظات وانتقادات بعضها لا يخلو من الصحة وبعضها مجرد استطرادات إنشائية لا ضرورة له :»أنه يسجل للأردن أنه واصل جهوده لتحسين مكافحة التطرف في المدارس والمساجد» لكن ما يؤخذ على الخارجية الأميريكة أنها لم تكن دقيقة بالنسبة لبعض ما ذهبت إليه في هذا التقرير وأنها تحدثت عما أسمته ندرة تنسيق الجهود بين الوكالات الحكومية الأردنية :»إ ن بعض الجهات الرسمية لا تنسق مع بعضها البعض في جميع الحالات.. بما في ذلك حالات الإستجابة للحوادث الإرهابية».
وهنا وإذا كان المقصود هو إشاعة ثقافة إستبعاد العنف وممارسته في المناهج الدراسية وفي وسائل الإعلام وفي المساجد ودور العبادة والمنتديات فإن فيه الكثير من الصحة أما إذا كان المقصود هو مواجهة «داعش» والإشتباك اليومي معه ومع كل التنظيمات الإرهابية فإن المؤكد أن الجهات والأجهزة الأميركية المعنية تعرف لو أنَّ هناك تقصيراً بسيطاً ومحدوداً في هذا المجال لكان الأردن لا ينعم بكل هذا الإستقرار ولكان يعاني ما تعانيه حتى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية ولكانت المنطقة تغرق الأن بأكثر كثيراً مما تغرق فيه.
ثم وأنَّ ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا التقرير الذي قرأه بعض الأردنيين وغير الأردنيين من أطراف عيون هؤلاء لا ترى إلا السلبيات قد جاء فيه:»إن الأردن بقي ملتزماً بتأمين حدوده وعدم توفير ملاذ آمن للإرهابيين وأنه إستمر في تطوير البنية التحتية لأمنه وأن جلالة الملك عبدالله الثاني واصل الترويج ودعم إعلان رسالة عمان التي تدعو إلى التسامح والسلام داخل المجتمع الإسلامي ورفض العدوان الوحشي والإرهاب.. «إن الأردن بقي حليفاً رئيساً للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وإن موقعه في منطقة مضطربة جعله عرضة لمجموعة متنوعة من التهديدات لكن هذا الموقع قد سهل قيادته الإقليمية لمواجهة هذه التهديدات».
ربما أن الخارجية الأميركية تعرف لا بل وإن المؤكد أنها تعرف ومعرفة أكيدة أنَّ المواجهة مع الإرهاب باتت حرباً كونية والدليل هو أنه لا تفصل بين الجريمة الإرهابية التي أُرتكبت في «البقعة» والجريمة الإرهابية التي وقعت في أورلاندو في فلوريدا إلا أيام قليلة وهذا يعني أنه على الولايات المتحدة ، حتى تدافع عن نفسها وعن شعبها ، ألاّ تبخل على الأردن بالدعم والإسناد وبكافة أشكال الدعم والإسناد لأنه يقوم بالدور المتقدم والطليعي في مواجهة «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية ولأن الجبهة الفعلية والأساسية المتقدمة في هذه الحرب الكونية هي هذه الجبهة الصامدة صمود الجبابرة.
جميل وضروري أن تُسدي الخارجية الأميركية إلى الأردن بعض النصائح وألا تبخل عليه ببعض الملاحظات والإنتقادات الدقيقة وغير الدقيقة لكن الأهم من هذا كله هو أن تدرك الولايات المتحدة أن الخندق الأساسي لمواجهة الإرهاب ومنعه من الوصول إليها وإلى غيرها هو هذا الخندق وأن هذا البلد الذي يرابط في الخطوط الأمامية ومنذ سنوات طويلة لا يدافع عن نفسه فقط وإنما يدافع عن أميركا والشعب الأميركي وعن السلام والسلم الإجتماعي في العالم بأسره .