أخر الأخبار
استيطان لا يصوم
استيطان لا يصوم

كان من المفترض؛ أن تنتهي المرحلة الانتقالية، ومدتها خمس سنوات في اتفاقية "اوسلو" - تم توقيعها في 13 سبتمبر 1993 - بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967؛ إلا أن الاحتلال حول المرحلة الانتقالية إلى تغول استيطاني غير مسبوق؛ جعل 100 ألف مستوطن يتكاثرون؛ حتى وصل عددهم ونحن ألان في عام 2016 إلى قرابة 800 ألف مستوطن. أرخص احتلال عرفه العالم والتاريخ؛ هكذا يريده "نتنياهو"؛ مع استيطان مريح، وغير مكلف؛ وهو ما يجعل ويدفع المستوطنين للمجاهرة – جهارا نهارا - بالإفطار وأكل ونهم أراضي الضفة، وشرب مائها بعد سرقته وسلبه. المرحلة الانتقالية؛ تحولت لمرحلة دائمة بنظر الاحتلال الممسك بخيوط اللعبة؛ بحكم قوته وسيطرته؛ وصار الاستيطان يقضم أراضي الضفة والقدس المحتلة؛ قطعة ..قطعة؛ دون أن يصوم ولو يوما واحدا في السنة. ماذا أبقى الاستيطان للفلسطينيين من الضفة الغربية؟! فثلثي أراضي الضفة هي أراضي “ج” نقلا عن منظمة “أوتشا” الأممية، والتي يمنع فيها البناء للفلسطينيين، ويسمح فقط للمستوطنين، ولا يسكنها سوى 150 ألف فلسطيني، ويتناقصون بفعل سياسة؛ التضييق، والطرد، والتهجير الممنهج. لا توصف؛ معاناة الضفة الغربية والقدس المحتلة من سرطان الاستيطان، الذي يتمدد دون توقف، ويجرف كل يوم؛ ما اشتهى من أخصب الأراضي الزراعية والرعوية بشكل جعل الضفة؛ دولة خالصة للمستوطنين لاحقا؛ إن استمر الحال على ما هو عليه، عدة أشهر وسنوات قادمة. برغم أن المجتمع الدولي وأدواته لا تعمل لصالح الشعب الفلسطيني بالمجمل العام؛ إلا أن استخدام واستثمار أية ثغرة او فجوة فيه؛ تعتبر طريقة مشروعة ووسيلة لاسترجاع الحق الفلسطيني، ولفضح ممارسات الاحتلال والتوسع الاستيطاني، وهو المطلوب، حتى ولو كان بنفس أساليب وأدوات المجتمع الدولي، التي يعلم الكل أن كل القرارات الأممية ضد دولة الاحتلال لم يطبق فيها ولو قرارا واحد. التوجه للأمم المتحدة أو لمجلس الأمن أو لمؤسسات المجتمع الدولي المختلفة؛ لنيل الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية، حتى ولو كان بالحد الأدنى، إن لم ينفع القضية الفلسطينية فهو لن يضرها؛ على شرط أن لا يكون ذلك على حساب الوسائل الأخرى التي يقرها القانون الدولي الإنساني نفسه، وكافة القوانين والشرائع الدولية. دولة الاحتلال تصدر أزمتها، وتريد أن تحلها على حساب الشعب الفلسطيني؛ وكل يوم تزداد الدعوات ويجري تطبيقها على أرض الواقع؛ بتسريع إعطاء التراخيص اللازمة للبناء استيطاني، لحل مشكلة السكن وغلاء الشقق، داخل كيانه بنقلها للضفة. من يظن أن معضلة الاستيطان في الضفة فيها تهويل؛ فالينظر إلى محافظة سلفيت وسط الضفة الغربية؛ حيث يوجد 24 مستوطنة؛ مقابل 18 تجمع سكاني فلسطيني، وقرابة 70% من أراضيها خارج سيطرة الفلسطينيين. عمق التجربة في الحالة الفلسطينية مع الاحتلال؛ جعلها تعرف وتدرك أية وسيلة ولغة هي الأنجع ويفهمها الاحتلال بشكل جيد، بحيث تجعل احتلاله مكلفا وليس رخيصا؛ وهذا منوط بقادة الشعب الفلسطيني. استلهام طرق ووسائل الشعوب في مقاومة الاحتلال؛ هي كثيرة ولا تنضب، واختيار المناسب منها مطلوب, بعيدا عن العواطف والارتجالية في العمل والميدان، ولا يكون ذلك إلا عبر التخطيط الدقيق والسليم، والتخلص من التوترات الداخلية والعمل ضمن القواسم المشتركة، فهل يتم طي صفحة الانقسام هذه المرة، ويفرح الشعب؛ بحكمة قادته، وتساميهم على الجراح ويتعانقون ويتحدون في مواجهة "ليبرمان" الذي يريد محوهم جميعا عن الوجود؟! كل الشعب ينتظر ويريد، ولكن لا يريد أن يطول انتظاره هذه المرة.