أخر الأخبار
بنادقهم ستبقى بعطر أيديهم
بنادقهم ستبقى بعطر أيديهم

لزمن طويل اعتقدنا أننا وإذ نفتح الباب والدار لكل قاصد سبيل بأننا نكمل سيرة الأولين،وأن الوقوف مع الأشقاء العرب ديدنا الذي نشأت عليه الدولة، وأن البعد العروبي لدولة مثل الأردن لا ينفصل عن سلوكها السياسي وتعاملها مع الأزمات، وأن الاستغاثة هنا تبلغ حقها وهنا يعيش الكل أخوة واشقاء، ومن هنا بدأت وحدة الدم العربي منذ النكبة والنكسة وسقوط بغداد وصولاً لضياع الشام؟. ومع ذلك، وقع الظلم على هذا البلد، من زمن قديم، ووقع عليه الحيف والجور، وكان ذنبنا أننا اسقطنا كل الحدود والفواصل، وأننا رهنا هويتنا بهوية الأمة، وبقي الجيش عربياً وبقيت الروح عربية وبقي الصباح الأردني، لا يخلو من صفحات البذل والعطاء خارج الحدود. ومع ذلك، لم يقطع الأردن السبل على الأشقاء العرب، ظل عنواناً وقبلة لهم، من زمن الموجعات في فلسطين إلى زمن النكبات شرقاً في بغداد وحتى صنعاء البعيدة وليبيا الشقيقة، وها هم أبناء العروبة شركاء معنا في داوئنا وتعليم أبنائنا ومعهم نكتمل. ولكن، ظرف الحالة السورية مختلف، ظرفها موجع، وضاغط أكثر من أي حالة سابقة، بلغ الوجع منها القرى والأرياف والمدن، ضغطت على كل ما في البلد، واصابت منا وجعاً لا يندمل، وها هم الشهداء قوافل عز وأقمار تضي ليلنا، ومنهم نستمد العزم والعزة والبقاء. نحن هنا في أرض الأمة حيث معاذ بن جبل وعبد الله بن رواحه وأبي عبيدة وجعفر، وهنا حيث الحسين بن علي وعبدالله المؤسس وصولأ إلى مليكنا المفدى عبد الله الثاني، أبعد من ان نضيق بواجب نقوم به، لكن دم ابنائنا سيظل عزيزاً وسيبقى مسكاً أردنياً يعطر أيامنا الخالدات.   وسيظل الأباء يرونهم أوسمة عز، وبيارق إباء وروح لا تنام، ستظل الأمهات تنظر في وجوههم قبل الكفن، وتطالع العمات والخالات تفاصيل الوداع، ورائحة زي الجندية، وسيقى التاج معلقاً في وسط الدار، لا غياب هناك بل حياة وفجر جديد. سيزداد الشيب في مفارق الأباء وذوائب الأمهات، سيسأل الاطفال الجد والجدة عن أبيهم، وستيبكي ناحة تهيج البواكيا، زوج الشهيد ستذرف الدموع بحرقة قدوم الغائب المنتظر، والأب سيصبر حدً المستحيل، والأم ستفرح والدمع في العين، والرفاق في السلاح سيذكرون التفاصيل، وليل الجندية أشرف ليل، والوظيفة على الحد أجمل واجب، والبندقية ستظل معطرة برائحة اليد التي حملتها، والرفاق سيحلون مكان من استشهد لتجديد الواجب، وفي الصباح سيردد الجند من جديد: الله الوطن المليك.