أخر الأخبار
الاقتصاد الأردني.. التفكير خارج الصندوق
الاقتصاد الأردني.. التفكير خارج الصندوق

رغم اقتراب موعد الانتخابات النيابية، إلا أن السؤال الاقتصادي ما زال مسيطراً على العقل الأردني، وعلى الهاجس المحرك للحكومة، والتي يبدو أنها لم تغير في النهج الذي سارت عليه الحكومات السابقة، هذا النهج المالي، وليس الاقتصادي، الذي لم يحقق أي إنجاز يُذكر، ورغم ذلك لم تقف أية حكومة لتجيب على السؤال الأهم وهو، إذا كانت الحكومات السابقة التي اتبعت ذات الطريق لم تحقق الهدف وضلت الطريق، فهل الخلل في كل حكومة سابقة أم في النهج ذاته؟
ولسبب غير معلوم تأتي كل حكومة بما تسميه فريقاً اقتصادياً، هذا الفريق الذي توكل إليه مهمة تصحيح المسار وضبط جودة الأداء الاقتصادي، ورغم كل ذلك لا نرى نقاشات حقيقية أو رؤى إبداعية في مواجهة الإشكاليات المزمنة، ويتفتق العقل الرسمي عن حلول تقليدية واستعادة الأسطوانة ذاتها فيما يتعلق بدعم مجموعة من السلع بالإضافة إلى الماء، والخسائر التي تحملتها الحكومة نتيجة انقطاع الغاز عن قطاع الكهرباء وما ترتب عليه من كلف تحملتها شركة الكهرباء والحكومة.
ومع تراكم ذات الجمل والكلاشيهات في توصيف الوضع الاقتصادي الأردني صار الفرد منا قادراً على الوقوف أمام الكاميرا والمايكروفون بيده وترديد ذات العبارات التي يرددها الوزراء المتعاقبون عن ظهر قلب ومن دون تأتأة، وهو ما أثار السؤال في ذهني، هل الاقتصاد علم ساذج بحيث لا يُقدم سوى حل واحد للمشكلة، أم أن هناك دروباً وحلولاً مختلفة يمكن تبنيها للخروج من المشكلة؟
في الحقيقة أن علم الاقتصاد قد تطور خلال قرن من الزمن بصورة تجعله واحداً من أكثر العلوم الإنسانية تطوراً، وهنا أقصد اقتصاد السوق أو الاقتصاد الرأسمالي، وهو الاقتصاد الأقرب لنا بعد دخول الأردن منظمة التجارة العالمية، رغم بقاء مظاهر اقتصاد اشتراكي وريعي، دون أن تؤثر على النهج الرأسمالي للاقتصاد الأردني.
ما تقوم به الحكومات المتتالية هو اتباع السياسة المالية الانكماشية التي تعتمد على رفع الضرائب وعدم القيام بالإنفاق الرأسمالي الكافي لتحريك السوق، وهو ما حرمنا خلال السنوات الأربع الماضية من توسعة الاقتصاد الأردني بما يقارب 30%، أي حرم ما يقارب 20 ألف أردني من فرص العمل، وحرم الأردن من تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى الحدود الآمنة التي تقارب 66%.
فوفق الدراسات فإن الميل الحدي للاستهلاك لدى المواطن الأردني هو من الأعلى عالمياً، ويصل إلى (,9) (تسعة أعشار)، وهو ما يعني أن المواطن الأردني يصرف 90 قرشاً من كل دينار زائد معه، ويوفر 10 قروش.
وكما يعلم كل فريق اقتصادي في كل حكومة أردنية أن الميل الحدي للاستهلاك يساعد الحكومة على تحديد سياستها المالية، وسيكون أحد العوامل الرئيسة في قرار الحكومة بتبني سياسة مالية انكماشية أو توسعية.
ومعنى هذه النسبة العالية للميل الحدي للاستهلاك للمواطن الأردني أن كل مائة مليون دينار من الضرائب يتم تخفيضها عن كاهل المواطن الأردني سينمو الاقتصاد بما مقداره تسعمائة مليون دينار، وكل مائة مليون دينار تقوم الحكومة بإنفاقها إنفاقاً رأسمالياً بصورة مدروسة ستنمي الاقتصاد الأردني بمقدار مليار دينار.
وهو ما يعني أن اتباع سياسة ضريبة تخفض العبء الضريبي عن المواطن الأردني بمقدار مائة مليون دينار، وإنفاق الحكومة مائة مليون دينار أخرى إنفاقاً رأسمالياً بصورة مدروسة سيؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة إضافية تقدر بـ(7%)، مما سيؤدي إلى تخفيض الدين العام بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد عن (6%)، وسيزيد من الإيرادات الضريبية للدولة بمقدار 200 مليون دينار سنوياً، وهو ما يساعد على تقليل نسبة العجز في الموازنة.
هذه فكرة من خارج الصندوق، وللحكومة وفريقها الاقتصادي أن يفكروا بعدة حلول أخرى خلاقة تساعد بتوسعة الاقتصاد الأردني بصورة تقلل من نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتساعد في إيجاد فرص عمل أكثر، وبذلك تكون قد بدأت رحلتها بتوزيع الثروات وعوائد التنمية بصورة عادلة.