أخر الأخبار
«القدس بين الاعتداءات اليومية والتهويد»
«القدس بين الاعتداءات اليومية والتهويد»

الرمز الحقيقي للسلام هو القدس وعودتها عربية هو المعيار الوحيد لصدق الداعين إلى السلام في المنطقة «الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه –».
ما من عنصرية في تاريخ العالم القديم والمعاصر فاقت العنصرية الصهيونية ممثلة في الكيان الإسرائيلي القائم على الاحتلال. زوراً وبهتاناً زُرع هذا الكيان في أرض شرّفها الله – سبحانه – بالنبوات.
على امتداد التاريخ ظلت الأرض الفلسطينية عصية على الغزاة تطؤها أقدامهم في غفلة من الزمن فتسارع هذه الأرض على لفظهم لفظ النواة. أرادوا تغيير هويتها فما أفلحوا. تصدّت لهم بعنفوان وما زالت تتصدى رغم التآمر الدولي عليها. في قلبها «القدس» زهرة المدائن أرض الإسراء والمعراج، جبين هذه المدينة لن ينحني لشذاذ الآفاق وطرائد البشرية. مرفوعاً هذا الجبين سيظل ويبقى. لن يستسلم لغزاة أرادوا تشويه وجه التاريخ واختطاف بلاد لا يمتلكون أي حق فيها.
بين يدي كتاب صدر العام 2015م من ضمن منشورات اللجنة الملكية لشؤون القدس بعنوان «القدس بين الاعتداءات واليومية والتهويد» يفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعب مسالم يراد قسراً اختطاف أرض آبائه وأجداده. أما ميزة هذا الكتاب التي انفرد بها عن غيره من الكتب التي تناولت عنصرية هذا الكيان الإسرائيلي فهو «انه يقدم عرضاً إجمالياً لاعتداءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المنازل والعقارات والأراضي العربية وإقامته للمستوطنات الاستعمارية وقيامه بحفريات تضر بالآثار التاريخية بهدف إقامة مشاريع تهويدية وقد رافق هذه الاعتداءات تغيير للأسماء العربية للمدن والقرى وهدم مناطق آثارية أهمها تلة باب المغاربة والقصور الأموية كما قامت بإغلاق عدد كبير من المؤسسات العربية واعتدت على المقدسات الإسلامية والمسيحية وتهجير المواطنين العرب وسحب هوياتهم بهدف تغيير الواقع الديموغرافي والحياة المدنية والعمرانية الفلسطينية في القدس الشرقية». كما إنه يقدم عرض تفصيلياً وسجلاً تاريخياً يوثق اعتداءات سلطات الاحتلال الإسرائيلية وجرائمها اليومية على الشطر الشرقي من القدس وما فيه من مقدسات إسلامية ومسيحية ابتداء من احتلال إسرائيل للمدينة في السابع من شهر حزيران العام 1967 وحتى نهاية العام 2014م، ولا يعني هذا التوثيق أنه استوعب كل الاعتداءات التي تمت خلال هذه الفترة لوجود نقص في التوثيق في بعض السنوات في هذا الكتاب الذي أعده وجمع مادته الأساتذة محمد سدر ود. محمد بني عيسى، والأستاذ عمر الرحاحلة في ثلاثة أجزاء.
في الجزء الأول منه «عرض مكثف لسياسة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، التهويدية بشقيها التشريعي والعملي على اختلاف أشكالها معززاً ببعض الصور ذات الدلالات على همجية الاحتلال وعنصريته».
أما الجزء الثاني فتناول ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية بشكل مختصر على سياسات إسرائيل التهويدية للأراضي العربية المحتلة وبخاصة في القدس التي تصرّ سلطات الاحتلال الإسرائيلية على تجاهلها وإدارة الظهر لإرادة المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
أما الجزء الثالث – وكما أسلفت فيتضمن توثيقاً باليوم والتاريخ لجرائم الاحتلال الإسرائيلي حتى نهاية عام 2014م.
بإصدارها لهذا الكتاب تريد اللجنة الملكية لشؤون القدس وكما ورد في مقدمة الكتاب «أن تبعث برسالة إلى كافة المنظمات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية لحملها على النهوض بمسؤوليتها تجاه الصلف والتعنت الإسرائيليين ولكن من يسمع! في الآذان وقر فهي لا تسمع (ص)6.
ومع الأسف فما زالت إسرائيل مدعومة بحليفتيها أمريكيا في الدرجة الأولى تضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية التي تدعوها للانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها بالقوة العام 1967. وما هو مستغرب ألا يطبق بحقها الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية فرضته ضد العراق مما يدل على ازدواجية المعايير في سياستها تلك السياسة الظالمة التي تنتهجها دولة عظمى يفترض أنها تعمل من أجل السلام في العالم، وتنفذ مبادئ آبائها الأولين وكدليل آخر على انحياز الإدارة الأمريكية إلى صالح إسرائيل عملها على إلغاء قرار يدين الكيان الصهيوني وطبيعة العنصرية ذلك القرار الذي تبنته الجمعية العامة بتاريخ 10/11/1975 معتبرة الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية. فبالسعي المحموم الذي مارسته الإدارة الأمريكية على هذه الهيئة الدولية تم في العام 1991 إلغاء قرار الإدانة! ومن المستغرب أيضاً أن يتم اختيار إسرائيل رئيسةً للجنة القانونية في الأمم المتحدة. وبهذا عادت إسرائيل الوالغة في الإجرام حمامة سلام!
وهنا أتساءل كما يتساءل معي كل إنسان حكيم في هذا العالم أليس هذا استهتارا بمنظمة دولية لا تقيم لها أمريكا أي وزن إذا ما تعلق الأمر بإدانة إسرائيل. إن أمريكا تعلم جيداً أن كل قوانين الكيان الصهيوني عنصرية ومع ذلك فهي تغض النظر عنها معتبرة أن «الحق الأعزل حق ضائع». وهنا أشير إلى الضعف العربي الذي لم يستطع أن يفرض حضوره بالرغم من الإمكانات المادية التي يمتلكها العرب والتي أثبتت ذات مرة أنها قادرة أن تلوي ذراع المتجبرين في الأرض. الضعف العربي والخلافات العربية – العربية ورقة رابحة في يد إسرائيل والصهيونية. وهنا أشير الى مقولة مؤسس إسرائيل، بن غورين قالها لمراسل أجنبي ذات مرة: «إنني لا أخشى تهديدات العرب. فليهددوا كما يحلو لهم، تعودت سماعها! أخشاهم في حالة واحدة: إذا جاءوني صفاً واحداً. والكلام نفسه ردده زعماء إسرائيليون آخرون كوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق دايان وصولاً إلى اليمين الأشد تطرفا نتنياهو الذي ردد كلاماً مشابهاً لكلام بن غوريون. يبقى أن أقول لكل زعيم عربي، القدس أمانة في أعناقكم فلا تتخلوا عنها، لا تتخلوا عن إرث إسلامي وعربي عاش عزيزاً على مدى الدهور (فلسطين أرضي وروحي وعرضي أموت وفرض ويحيا الوطن).