أخر الأخبار
اردوغان في طهران...ماذا بعد ذلك؟!
اردوغان في طهران...ماذا بعد ذلك؟!

يزور الرئيس التركي ايران الاسبوع المقبل، وبعد روسيا، نراه في عاصمة جديدة، من ذات عواصم المعسكر الذي يحارب في سورية، في سياقات تركية، تؤشر على اعادة التموضع من جهة في العالم والاقليم، وتؤكد ايضا، ان اردوغان امام تحولات عاصفة. قيل سابقا ان زيارة اردوغان الى روسيا، تأتي ثأرا من الغرب، الذي تبينت ملامح وجهه الشامت والمرحب بالانقلاب، وان اردوغان ايضا، يريد ترميم علاقات بلاده بروسيا، لاسباب اقتصادية، لوقف اي تراجعات في الاقتصاد التركي، هذا اضافة الى ان تلك الزيارة تعني تحولا كبيرا من الثورة السورية، ومؤشرا على رفع يد الدعم، فوق رغبة اردوغان الضمنية اثارة الغرب والعرب على حد سواء واستدراج الجميع من اجل استرضائه. هذا يعني ان زيارة روسيا، فيها غايات تكتيكية واستراتيجية، لكن زيارة طهران تحمل اشارات اخرى مختلفةـ في بعضها عن زيارة روسيا. من حيث المبدأ يلتقي اهم طرفين اقليميين مسلمين غير عربيين، على صلة بالملف السوري، ويتنافسان على المنطقة،وكل طرف يدعم معسكرا، وفي الزيارة اقرار فعلي من اردوغان ان معسكره المرتبط بالثورة السورية والاسلام السياسي وجماعة الاخوان والثورات في دول عربية، تعرض الى تراجعات خطيرة، مما يفرض عليه حماية لبلاده اعادة مراجعة مواقف تركيا، والمصالح لا تعرف المبادئ، وليس ادل على ذلك من الانفتاح على اسرائيل والروس والايرانيين خلال فترة وجيزة، وهذه حقيقة يتعامى عنها كثيرون، فبراغماتية اردوغان طبيعية، وتمثل حالة اي سياسي محترف. زيارة ايران تعني ان اردوغان قرر مبدئيا زيادة الضغط على العرب والغرب، عبر التصعيد السياسي، وارسال رسالة اشد حدة، من زيارة روسيا، لعلهم يرجعون، ويقومون بتسوية الحسابات العالقة معه، وهذا الامر مستبعد لان دولا كثيرة، تريد لاردوغان ان يرتسم بصورة المتقلب في مواقفه، وعلى الارجح لن يسعى احد لاسترضائه. اضافة الى ذلك، هذه الزيارة تعني فعليا، انتهاء المعارضة السورية في تركيا، نشاطات السياسيين، شبكات تسفير المقاتلين، تمرير الدعم المالي والعسكري للثوار، وغير ذلك، وسوف نسمع قريبا، عن اجراءات تدريجية، اكثر قسوة، بما يعني ان جبهة شمال سورية حسمت تقريبا لصالح الاسد، وهو ثمن يدفعه الاتراك، مقابل ثمن آخر ينتظرونه من الاسد والروس والايرانيين، ويتعلق بكبح طموحات الاكراد، وانهاء خطرهم عند الحدود التركية، ومنع اقامتهم لدويلة. ما هو موقف الاميركان حصرا من التحولات التركية؟.الواضح ان هناك طلاقا صامتا بين الطرفين، قد ينهيه تسليم غولين حصرا، واشهار تراجعات اميركية تعلن البراءة الفعلية من الرغبة بقلب نظام الحكم في تركيا، لكننا نقرأ بكل بساطة اشاحة وجه اميركية عن انقرة، والسبب بسيط، فالقراءات الاميركية تقول ان اردوغان يتخبط ويغرق، وان اقترابه من المعسكر الايراني السوري الروسي، سيؤدي الى مشاكل كثيرة، في بلاده، اضافة الى انهيار شعبيته في العالم العربي والاسلامي، التي بنيت على اساس دعمه للسنة وللاسلام السياسي وللثورات وللاخوان المسلمين، وها هو يغير البوصلة كليا، وهذه القراءات تقول ان تركيا مقبلة اساسا على مشاكل من نوع آخر، ولربما تعتقد واشنطن ان غاية الانقلاب الاول تحققت فعليا، عبر ما نراه من ردود فعل داخل تركيا، وتغيرات جامحة، وهذا نوع من انواع الاستدراج نحو الخلخلة النهائية التي يريدونها في تركيا، فيما مصالحهم العسكرية مؤمنة مباشرة، او عبر خطط بديلة، وجاهزة من جانب اكثر من دولة؟!. لا يمكن لسياسي من طراز اردوغان، ان يعتبر زيارتي روسيا وايران، مجرد رسالتين لحلفاء غدروا به، فهذه تحولات عميقة، تؤشر على معسكر جديد بدأ يتأسس في المنطقة، خصوصا، اذا تمكن الروس والايرانيون، من دفع ثمن مناسب لاردوغان يبقيه في معسكرهم، لغايات طويلة الامد. كل هذا يثبت ان السياسة بلا مبدأ، والشعوب التي ترهن احلامها بتطورات هنا او هناك، تبدد الوقت، واردوغان على ما فيه من رمزية وكاريزما وانجاز، يؤكد كل يوم انه يختار مصالح تركيا اولا، قبل مصالح متابعيه والمعجبين فيه، في الشرق الاوسط.