أخر الأخبار
كيه جي بي “والرئيس عباس كروتوف” ... لا دخان بلا نار
كيه جي بي “والرئيس عباس كروتوف” ... لا دخان بلا نار

  كتب رئيس التحرير - سميح الكاشف

لا شك انه لا يمكننا تصديق كل ما ينشره الاعلام الاسرائيلي من أخبار، لانها في النهاية أخبارُ ماكنة اعلامٍ عدو، يستهدف فكرنا وذاكرتنا وثقافتنا، بنفس القدر الذي يستهدف فيها جيشه أجساد أطفالنا .

لكن لا شك لدينا أيضاً أن الاسرائيليين بطبيعتهم وعلى مدار تاريخ آبائهم وأجدادهم من قبلهم، قد اعتادوا على استخدام أساليبهم الرخيصة في الاستفادة من نذالة وانحطاط أخلاق البعض، والتاريخ مليء بروايات إستخدامهم للفتيات والنساء الجميلات للتقرب من الحكام والملوك لتحقيق اهدافهم وتطويعها لمصالحهم ، سعياً منهم لنيل الحماية في هذه البلدان ، ولكن سرعان ما ينقلبوا على من تعاهدوا معه و طعنوا في الخلف من وفر لهم الحماية وقدم لهم الخدمات .

وبعد احتلالهم للارض الفلسطينية، واعلان اقامة كيانهم المزعوم، حافظوا على نفس طبيعتهم واستخدام نفس أساليبهم القديمة في استغلال ضعفاء الأنفس، وفاقدي الضمير الوطني، فعمد جهاز "الموساد" الى استغلال جمال و شرف فتياتهم للايقاع بالشباب العربي، وحتى بكبار المسؤولين المتنفذين، وقد تم الكشف قبل سنوات عن قصة وزيرة الخارجية السابقة "تسيفي ليفني" وممارستها الجنس مع مسؤول فلسطيني كبير اثناء عملها في جهاز الموساد، لتكون هذه القصة خير شاهد على هذه الأساليب القذرة التي اتبعها الاسرائيليين .

وأساليب التجنيد الاسرائيلي تعدت التجنيد الفردي، ووصلت الى حد تسميم أفكار جماعات بأكملها وتدمير انتمائهم الوطني، واستخدامهم ضد شعوبهم وضد أوطانهم وعروبتهم، مثلما حدث مع أنطوان لحد وجيش لبنان الجنوبي، وفي كل الحالات السابقة فان اسرائيل وموسادها وجيشها قد تخلوا عن أدواتهم الدنيئة، رخيصي الثمن وبائعي الضمير .

وما تم اثارته يوم أمس حول الرئيس محمود عباس " كروتوف " لا يختلف عن ما سبق ، فكان بنذالته وانحطاطه الخُلقي ودناءة نفسه، أداة رخيصة بيد الكثير من الجهات الاسرائيلية والدولية، ويبدو أن اسرائيل قد استنفذت كل ما كانت ترغبه من عباس فدمر منظمة التحرير، وشتت حركة فتح، وأحبط شعب فلسطين بأكمله، وقدم كل ما يمكنه من أجل وأد ثقافة المقاومة لدى أهلنا وأبنائنا،، وأصبح الان في نظر اسرائيل منتهي الصلاحية، ولا فائدة منه، فبدأت ببيعه رخيصاً وربما بلا ثمن، وقد يصل الأمر بها لالقائه في سلة القاذورات .

هذه مقدمة كان لابد منها حتى نستطيع تفسير اقدام اعلام العدو على حرق اوراق عباس وكشف اسراره المخزية، ولا نستبعد ان يتم في يوم من الأيام تسريب ونشر لقاءاته مع ارئيل شارون في عام 2003 حينما تآمرا معاً لقتل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات .

ان اقدام القناة الثانية الاسرائيلية بالكشف عن قيام جهاز المخابرات السوفياتية سابقا " KGB " بتجنيد محمود رضا عباس عباس عام 1983 ليس كشفاً جديداً ولا مفاجأةً، فقد تطرق لها الكثير من المتابعين وضباط الاستخبارات سابقاً ولكنها بقيت في حدود الدول التي نشر فيها ذلك، وربما لم تصل لسمع او بصر القارئ العربي والفلسطيني الذي سئم من عباس وأخباره ، ومنها على سبيل المثال ما نشرته شبكة فولتير العالمية قبل تسع سنوات وبالتحديد بتاريخ 13 أغسطس 2007، على لسان صحفي التحقيقات "جورغين كاين كولبيل" والذي كتب كتاباً عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وأثار في كتابه الشبهات حول تورط اسرائيل والموساد في اغتياله، وكان من المفترض ان يقوم بعملية الدعاية للكتاب، صحفى فلسطيني يُدعى " سعيد دودين" الا ان الكاتب "جورغين" اكتشف أموراً خطيرة ووصلته معلومات حول عمل دودين مع الموساد الاسرائيلي مما اضطره ذلك لايقاف التعامل معه، ولان "جورغين كولبيل" قد تعرض كثيراً للملاحقة والتشهير من قبل اسرائيل والجاليات اليهودية في اوروبا واتهامه بمعاداة السامية، فقد ساورته الشكوك ان وجود سعيد دودين في طريقه ليس بالصدفة، وقد يكون مدفوعاً من الموساد .

ويقول "جورغين" في شهادته التي عززها بالوثائق الرسمية أن موظفي جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقاً قد توصلوا في شباط 1983 إلى أن دودين يعمل لصالح ال "KGB" . ولكن وبعد شهرين فقط , في نيسان 1983, اكتشفوا بأن دودين هو عميل لألمانيا الغربية و لجهاز ال CIA الامريكي، واقترحوا أن بامكانهم تجنيد "دودين" ليكون عميلاً مزدوجاً، وجاسوساً ممتازاً داخل منظمة التحرير الفلسطينية .

و أبرز "جورغين" تقريراً صادراً عن جهاز الأمن لدولة ألمانيا الشرقية، جاء فيه أن سعيد دودين كان على علاقة مع عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير، في حينه محمود عباس ( أبو مازن) ، وكتب له أطروحة الدكتوراة مقابل 30000 مارك ألماني, حيث ان أبو مازن كان يدرس في الاتحاد السوفييتي السابق .

ويشير "جورغين" أن هذه العلاقة الواقعة في دائرة الشبهات، قادت الروس إلى طلب ملف سعيد دودين من المخابرات الألمانية الشرقية عام 1983، وأن "الكي جي بي" كانت تشك أو تعلم ان السيد عباس متورطاً في دائرة السي آي إيه والموساد، وهكذا كان من المنطقي أن تهتم المخابرات بدودين , الرجل الذي حرّرأطروحة عباس، ولم يكن ذلك مجرد صدفة .

وليس من باب منح المصداقية لاعلام العدو، ولكن من باب أن نبحث ونتقصى الحقائق حتى نعرف حقيقة الأمور وخطورتها، حيث ان ما تم عرضه يوم أمس على القناة الثانية يتطابق تماماً مع معظم التقارير التي تم الكشف عنها ونشرها منذ سنوات، فقد عرضت القناة الثانية وثائق سربها عميل "كيه جي بي" الهارب "فاسيلي ميتروخين"، بعد ان تم إزالة السرية عنها لغرض إجراء دراسات أكاديمية عليها، ومن المعروف ان مسؤولين كبار في أجهزة الاستخبارات العالمية يعتبرون وثائق "ميتروخين" ذات مصداقية عالية، وساعدت في كشف مئات الجواسيس الذي عملوا لصالح الكيه جي بي في الدول الغربية .

وبحسب التقرير المصور الذي تم عرضه ليلة أمس، فإن عباس وُصف في العام 1983، وكان حينذاك عضوا في منظمة التحرير الفلسطينية، كعميل لـ"كيه جي بي" وأن اسمه السري كان "كروتوف" .

وبنظرة متفحصة لكل ما سبق فاننا نخرج باستنتاج واحد لا ثاني له، وهو أن الكي جي بي تبنى نفس فكرة "العميل المزدوج"التي عمل بها جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية مع الصحفي سعيد دودين، فاستغل الكيه جي بي كشفه لعلاقة محمود عباس مع جهاز السي آي ايه الامريكي وجهاز الموساد الاسرائيلي، وقاموا بتجنيده لصالحهم كعميل مزدوج، وجاسوساً ممتازاً في صفوف منظمة التحرير أيضاً .

فهل يقوم "عباس كروتوف" برفع دعوى قضائية ضد التلفزيون الاسرائيلي كما فعل ابنائه من قبل، بتهمه القذف والتشهير، أم ان أمراً كهذا لن يكون في صالحه، لان مزيداً من التحقيقات ستكشف المزيد من الحقائق ؟؟

دعونا ننتظر، ولكن ..... لا دخان بدون نار