أخر الأخبار
شمعون بيرس بـِ «عيون إسرائيلية»!
شمعون بيرس بـِ «عيون إسرائيلية»!

فيما يتواصل الجدل والضرب «تحت الحزام» في الساحة الفلسطينية وخصوصاً داخل حركة فتح (الحزب الحاكم) على خلفية مشاركة الرئيس محمود عباس في جنازة شمعون بيرس، وفيما ينقسم الشارع الفلسطيني وخصوصاً «الفتحاوي» ازاء ما فعله عباس, بين قِلّة قليلة تؤيد «سيادته» في خطوته اللافتة (إقرأ المُستفِزّة) يكاد تصريح محمود الهباش مستشار عباس للشؤون الدينية (..)، ان يختصر موقف هذه القِلَّة ذات المصلحة بالبقاء في دائرة الرئيس الآخذة بالتقلص حدود التلاشي، عندما قال لا فض فوه في هذيان واضح وافتئات على مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم: انه «لو كان الرسول محمد حيَّاً بيننا, لكان شارك في الجنازة» ، مُستحضِراً واقعة تاريخية عن عهد النبي الكريم, بأنه شارك بجنازة جاره اليهودي،وما بيرس ــ يضيف الهبّاش ــ إلاّ جار..شئتم أم أبيتم».
يحاول هذا المتطفل على الدين والدنيا وخصوصاً في الجهل الذي يُقيم فيه، عقد مقارنة بائسة وغير منطقية بين ذلك الزمان المشرق وهذا الزمن الرديء, الذي يسمح بمثل هذه الترهات ,كي تزيد من العفن السياسي والشخصي السائد, حيث تزكم رائحته الأنوف.
نقول: في اطار ذلك كله وخصوصاً في ظل تواصل عمليات «التطهير» داخل صفوف فتح, التي تطال بالطرد من صفوف الحركة كل من يجرؤ على انتقاد خطوط سيادته, واعتقال كل من يحاول ابداء رأيه واعلان حال الطوارئ لدى اجهزة المخابرات والأمن الوقائي كي تدافع عن «الشرعية» (..), بات من الضروري التأمل في آراء بعض الكُتّاب والاعلاميين والمثقفين الاسرائيليين في شخصية ومواقف شمعون بيرس, الذي وصفه عباس بأنه شريك في سلام الشجعان (دون ان يقول لنا اين هو السلام؟ إن كان موجوداً, وما هي فرص حدوثه؟ اذا كان ثمة أمل تبقّى بعد كل ما قارفه ويقارفه المُستعمِرون اليهود فوق ارض فلسطين سواء التاريخية، ام تلك التي ارتضى اصحاب اوسلو ان تكون حصتهم في اطار دولة منزوعة السلاح ومخصية، لكن المحتلين يرفضون ويواصلون نهجهم الاستعماري الاحتلالي دون ان يأبهوا باعتراضات عباس او يقيموا وزناً لمبادرته (..) المُشارَكة في تشييع مجرم وقاتل, يداه ملطخة بالدماء، لكن نتنياهو يدير له ظهره ويعلن غداة انتهاء مراسم التشييع, عن منح رخصة لبناء 98 وحدة سكنية في المنطقة الصناعية الاسرائيلية قرب رام الله حيث يقيم فخامته).
ما علينا..
تقول اسرة تحرير صحيفة هآرتس في افتتاحيتها يوم 29/ 9: اقام بيرس الصناعة الجوية, ونسج الحلف مع فرنسا والذي نشأت عنه حملة (كديش) «اي عدوان السويس الثلاثي على مصر في مثل هذه الايام من عام 1956» والمفاعل النووي في ديمونا, قرّر–تضيف الصحيفة–الغموض النووي, وَضَعَ الاساسات للاستيطان في عمق الضفة الغربية, فضّل بيرس ايضاً مصلحة «الدولة» على سلطة القانون, مثلما في قضية الخط 300,ومال قلبه للحملات السرية. كزعيم كان دائماً يُفضِّل الحلول الانتقالية الاشكالية, هكذا في قضية المستوطنة في سبسطية, هكذا في الانسحاب الجزئي من لبنان وهكذا في اتفاقات اوسلو التي سمحت بتوسيع المستوطنات».
آري شبيط في الصحيفة ذاتها واليوم نفسه.. كَتَبَ: في نهاية النهاية.. هذه ديمونا, ومساهمة شمعون بيرس الحقيقية لدولة اسرائيل, هو العمل الرائع الذي قام به في منتصف الخمسينات, الذي أدّى الى اقامة المفاعل النووي في النقب, وضع ابن الكيبوتس الذي يبلغ 34 سنة, فوقنا الجرس الزجاجي غير المرئي, الذي مكننا من العيش بحياة طبيعية تقريباً في هذا المكان المجنون, إنه آخر الكبار اليهود الذين بنوا بأيديهم (الهيكل الثالث).
زميله جدعون ليفي «يقرأ» بيرس من منظور آخر عندما... يكتب: يمكننا القول ان بيرس ساهم في أمن اسرائيل ونموها, وعمل طوال حياته من اجلها, لكن لا يجب القول أبداً أنه كان رجل سلام, لأنه... اذا كان بيرس بطل السلام, فمن المعروف أن تكون اسرائيل دولة سلام.. هل يشتري احد ذلك؟..لا يمكن القول انها مُحتلَّة ومعتدية, والقول في الوقت نفسه ان بيرس هو رجل السلام الكبير..
أي سلام؟ تساءل ليفي, إنه الشخص الذي احضر ديمونا وعملية كديش (العدوان الثلاثي على مصر) والناصرة العليا وعوفرا والصناعات العسكرية والجوية. الى اي درجة السلام هو عادل؟ وكم من الاحتلال والمستوطنات؟ حقوق الانسان والقانون الدولي لم تكن تهمه, ومعاناة الفلسطينيين لم تلمس قلبه, وعندما سيُبالغ باراك اوباما في مدحه» كرجل سلام».. سيحدث الاشتباه: يمكن أنه مثله».
يبقى(لضيق المساحة) ان نستشهد بما قاله يوسي بيلين (رجل «السلام» مع عباس وياسر عبدربه) في صحيفة إسرائيل اليوم: شمعون بيرس كمدير عام لوزارة الدفاع, هو الذي ساهم بشكل كبير في «مصنع النسيج في ديمونا» مثلما ساهم في الإعداد لعملية سيناء (العدوان الثلاثي على مصر 56) التي منحتنا عشر سنوات هدوء, وكوزير للدفاع... كان صقراً من اجل الحصول على الصواريخ, وجعل رابين يوافق على عملية «عنتيبي», وايضاً أيَّدّ وشَجّْعَ.. المستوطنات» ختم «الحمائمي» بيلين.
فعلى مَنْ يتلو «أصدقاء» بيرس والمُعجبون به.. مزاميرهم؟