عباس لا يريد شركاء بل يريد أتباع فقط
كتب محمد رشيد:
اعتبر محمد رشيد مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، أن رئيس السلطة محمود عباس «أبو مازن»، يهين منصب الرئيس، ودفاتره مليئة بـ«المصائب»، مؤكدًا أنه يتاجر بقضية استشهاد «أبو عمار»، وذلك بعد إعلانه بأنه يعرف الذين يقفون وراء قتله، خلال إحياء ذكرى استشهاده الثانية عشر في رام الله، يوم الجمعة الماضي.
وقال رشيد، خلال استضافته في برنامج «مساء القاهرة» المذاع على قناة «تن» الفضائية: «اتفق مع النائب محمد دحلان، في حديثه بشأن متاجرة أبو مازن الرخيصة بقضية استشهاد الرئيس عرفات، نقطة نقطة وحرف حرف».
وأضاف: أن «دحلان دعم أبو مازن في الوصول إلى الرئاسة، ولكن ما حدث أن الأخير لا يريد شركاء، يريد فقط أتباع، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الخلاف بين الطرفين يتمثل في جوانب كثيرة أهمها، تدخل أسرة عباس في العمل العام الفلسطيني، بالإضافة إلى إدارة أبو مازن لمؤسسات حركة فتح التي تهدف إلى التفرد والحكم القائم على الشخص الواحد.
كيان موازي لحركة فتح
على جانب آخر، قال رشيد، ردًا على دعوة عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار، بإنشاء كيان فلسطيني موازي لحركة فتح، إن «هذه الدعوة غريبة وخاطئة ومرفوضة شعبيًا»، لافتًا إلى أن حماس أقرت منذ سنوات بأن منظمة التحرير الفلسطينة الممثل الوحيد للفلسطينين.
وأشار إلى أن الاندفاع في هذا الاتجاه يمثل خطورة على القضية الفلسطينية، معتبرًا أن «دعوة الزهار تعد جرس إنذار يؤكد أن القطار لا ينتظر الجميع، ولا بد من صاحب الشأن أن يتحرك لرأب الصدع داخل منظمة التحرير وعودتها إلى المكان اللائق بها كممثل حصري عن الشعب الفلسطيني».
جهود الرباعية العربية لترتيب البيت الفتحاوي
وعن مبادرة «الرباعية العربية» لرأب الصدع الفتحاوي وتوحيد صفوف الحركة، قال مستشار أبو عمار، إن أبو مازن لا يريد وجود للرباعية العربية في العمل الفلسطيني، بحجة عدم التدخل في الشأن الداخلي، مؤكدًا ذلك انعكس على كل الهياكل الفلسطينية التي تعطلت في السنوات التسع الأخيرة، بما فيها المجلسين الوطني والتشريعي، والقضاء والهيئات الرقابية.
وقال رشيد ردًا على حجة أبو مازن بالتدخل العربي في الشأن الفلسطيني: إن جامعة الدول العربية هي من أعطت عباس الشرعية بعد انتهاء حكمه بشكل رسمي في عام 2009، وجددت اعتماده في الرئاسة، لافتًا إلى أن الشعب الفلسطيني عانى من تدخل الجامعة لاعتماد أبو مازن رئيسًا حتى وقتنا هذا.
وشدد على أن الرباعية العربية تريد إعادة اللحمة لحركة فتح، واستعادة الحركة لمكانتها ووحدتها، وأنه لا يصح أن يكون قرارًا فلسطينيًا بعيدًا عن العمق العربي، مشيرًا إلى أن الحراك الواسع التي تقوم به الحركة من مخيم الأمعري، وفي لبنان، وفي بروكسل، «لن ينتظر أبو مازن وأن حركة فتح أوسع بكثير من خيال عباس».
اختطاف فتح
وأوضح رشيد أنه لا يوجد انقسام داخل حركة فتح، لكنه قال إن «كل ما في الأمر أن أبو مازن يسعى لاختطاف جزء من الحركة تكون على المقاس واللحن والإيقاع الذي يريده، وأن عباس كل ما يريده هو التفرد بالحكم».
وأشار إلى أن أبو مازن لا يريد شركاء في القرار يريد فقط أتباع وطائعين، ضاربًا المثل بالرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كان في أثناء حكمه يوجد قيادات مشاكسة، مؤكدًا أن ذلك ينعكس على صنع قرار فلسطيني مبدع، لكن في الوقت الحالي في عهد أبو مازن لا يوجد إبداع في القرار الفلسطيني.
السادات وعباس
وعن تشبيه أبو مازن بالرئيس المصري الراحل أنور السادات، قال رشيد: «واسعة قوي أن يكون أبو مازن مثل السادات، فالرئيس المصري كان شجاعًا جريئًا لديه رؤية، وذكيًا»، وأنهى حديثه عن ذلك الأمر قائلًا: «سأكتفي بهذا القدر».
تناقض عباس
وسلط رشيد الضوء على التناقض في مواقف أبو مازن، قائلًا: «إن عباس كثيرًا ما يتدخل يوميًا في قضايا دول أخرى مثل لبنان»، مؤكدًا أنه لا يمكن أن نرى قرار وطني مستقل عن العمق والتفاعل العربي.
ونوه إلى أن مصر ترى أن المتسقبل في وحدة حركة فتح، ووحدة الصف الفتحاوي، «وهي تخوض مفاوضات مجدية في هذا الشأن»، مشيرًا إلى أنه بدون توحيد حركة فتح فإن الأمل معدوم.
وأوضح أن فلسطين تمثل لمصر أمن وطني داخلي وليست أمن قومي فحسب، وهو ما أبرزه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تصريحات سابقة.
وتابع رشيد: «أبو مازن وصل إلى مرحلة لم يعد بها صالحًا للحكم فقد تجاوز»، مستشهدًا بتصريحات سابقة لعباس قال فيها إنه «لا ينبغي على الرؤساء الاستمرار في الحكم بعد سن 75 عامًا»، معلقًا على هذه تصريحات بأن «الكرسي يغير المواقف والآراء».
الرحيل عن السلطة
وعن الدعوات المنادية برحيل عباس، قال رشيد: «اتذكر أنه قبل فترة خرج أبو مازن أمام وسائل الإعلام وأكد أن لو أكثر من مواطنين اثنين طالبوا برحيله سيرحل»، لتقاطعه مقدمة البرنامج وتعرض مقطع فيديو يظهر خلاله عشرات الشباب الغزي وهم يطالبون برحيل عباس، وقيامهم بحرق صوره مع العلم الإسرائيلي.
وعلق رشيد على المقطع قائلًا: «الرأي العام داخل حركة فتح لا يتفق مع حرق صور أبو مازن بهذا الشكل، لكن أيضًا نلتمس العذر لهؤلاء الشبان بسبب الحصار المفروض عليهم، والذي تسبب في وصولهم إلى هذه الحالة ورد الفعل السابق».
ديكتاتورية الكلمة.. وسياسة تكميم الأفواه
وحول استخدام عباس، للأجهزة الأمنية في قمع المعارضين له، قال رشيد: «ينبغي على جامعة الدول العربية إرسال أشخاص لمراقبة سلوك محمود عباس، كما أن الدول المانحة للسلطة يجب أيضا أن تراقب دور الرئيس، نظرًا لما تقدمه للسلطة من منح وتدريبات، ليس من المقرر لها أن تستخدم في الاضطهاد السياسي، والنهج الذي يؤدي إلى الصدام مع الشعب».
الرئيس الأمريكي الجديد والقضية الفلسطينية
على جانب آخر، اعتبر رشيد أن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، يعد تحول تاريخي، مشيرًا إلى أن ترامب ليس جمهوريًا ولا ديموقراطيًا، ولكنه ينتمي إلى مدرسة جديدة في الحكم لها امتدادات في أوروبا.
وأكد أن ترامب لن يستخدم قرارًا يخص المنطقة العربية أكثر من مواجهة «داعش» كما ذكر قبل ذلك، لافتًا إلى أن القضية الفلسطينة ستعاني كثيرًا مع ترامب، لكن هنا يأتي الدور المصري الذي سيدعم القضية.
وتوقع رشيد تنامي العلاقة بين الولايات المتحدة مع مصر، خصوصًا بعد ثقة ترامب في الرئيس السيسي الذي كان أول من سارع بتهنئة ترامب بفوزه بالرئاسة، مشيدًا بحس الرئيس السيسي وولعه الاستخباري الذي توقع فوز ترامب بالرئاسة، قائلًا: «السيسي سمع اللي غيره من محللين في أمريكا ماسمعوش».
المتاجرة بدم الشهيد ياسر عرفات
وأكد رشيد، أن أبو مازن يتاجر بقضية استهشاد الزعيم «أبو عمار» من خلال تصريحاته التي أعلن فيها معرفة بالقاتل، مضيفًا: «ياسر عرفات قتل بقرار إسرائيلي، وكل الناس الصغير والكبير حتى الطفل الفلسطيني يعلم ذلك، فلا ينبغي لعباس أن يناور مناورات سياسية رخيصة، لأن هناك فرق بين تلك المناورات وبين حقيقة استشهاد أبو عمار».
وأكد رشيد أن التقارير الطبية تقول إن أسباب الوفاة غير معروفة، إلا أن التحقيقات السويسرية التي ظهرت بعد استشهاد عرفات أكدت بأنه قتل بالسم النووي.
تآمر عباس على «أبو عمار»
وقال رشيد، إن أبو مازن قاد حملة سياسية ضد الزعيم أبو عمار، وأن هذه الحملة مرت بزيارات قام بها عباس إلى واشنطن ولقاءات مع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، لافتًا إلى التسريب الأخير للقاء الذي جمع بين عباس والرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بريز، كشف تدبير أبو مازن للمعركة السياسية مع الشهيد أبو عمار.
وأضاف: «عباس كان يملك السلطة 12 سنة بعد وفاة أبو عمار، فلماذا لم يطلب لجنة تحقيق طبية لمعرفة الأسباب وراء استشهاد أبو عمار؟، ولماذا لم يطلب لجان عربية ودولية تحقق في هذا الحادث، طالما كان حريصًا على أبو عمار؟».
وأجاب رشيد على هذه التساؤلات بأن عباس لم يفعل ذلك لأنه كان حاقدًا على أبو عمار، خاصة بعد إقالته أو استقالته من رئاسة الوزراء، مشيرًا إلى أن «الفارق بين أبو عمار وأبو مازن كالفرق بين السماء والأرض، فالرئيس أبو عمار كان يحب الجميع، ويقبل أحذية الشهداء، أما على النقيض فإن أبو مازن يكره الناس ولا يحب أن يراهم، فالمقارنة بينهما غير جائزة».
المرحلة القادمة لا يحتمل القائد الأوحد
وفي سياق آخر، علق رشيد على تصريحات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة، بأن الفلسطيين يريدون الرئيس القادم بأن يكون منتخبًا، قائلًا: «إننا لا نختلف مع هذه المواصفات، فنحن لا نريد رئيسًا معينًا أو مفروض علينا، فهذه إشاعة أطلقها عباس للتضليل ولصد أي مجهود عربي مبذول لوحدة الفلسطينين».
وأكد رشيد أن هناك العشرات ممن يصلحون لهذه المواصفات، لكن المرحلة القادمة لا ىحتمل القائد الأوحد، لا بد من أن توزع الصلاحيات، وتفصل المؤسسات عن بعضها.
وعن تصريحات عباس السابقة بقوله إنه لن يترشح للرئاسة، قال رشيد: «الميه تكذب الغطاس، هنشوف عباس هيترشح ولا لأ، ولو ترشح تبقى بشرة خير، بأن هناك رجلًا رشح نفسه للرئاسة بعد سن 84 عامًا».
المؤتمر «السابع – المقاطعة»
وفي تعليقه على المؤتمر السابع لحركة فتح المقرر انعقاده نهاية نوفمبر الجاري، قال رشيد: «هذا المؤتمر ليس مؤتمر حركة فتح، نحن نسميه مؤتمر المقاطعة، حيث أن هذا المؤتمر يعقد تحت حراك من رئيس السلطة، وبالتالي فليس هناك وجود أو قابليه للجدال أو النقاش داخل المؤتمر».
وأكد رشيد «أن الأعضاء الذين ييحضرون المؤتمر ييخضعون لمواصفات محددة، فحوالي 15% منهم منتخبون داخل الحركة، وبنسبة 85% معينون، وخضعوا لفحص أمني دقيق على ثلاث مراحل بالورقة والقلم».
دفاتر عباس مليئة بالمصائب
وعن علاقة أبو مازن بدولة قطر، قال رشيد: «عباس كان موظفًا في جهاز التربية والتعليم في قطر، فولاءه سيكون لوظيفته، كما أن جزء من عائلته يعيش في قطر، فضلًا عن أن أحفاده يملكون الجنسية القطرية»، مشيرًا إلى أنه لا يرى أي عيبًا في ذلك، لكن واقع الأمر أن عباس منسجم سياسيًا مع قطر.
وأشار إلى أن عباس لا يملك التحوط والحياء الذي كان عند الرئيس الراحل ياسر عرفات، «الذي كنا نسافر معه بجواز سفر منتهي في أي بلد».
وعن عدم وجود اتفاق بين حماس وعباس طالما أنه منسجم سياسيا مع قطر التي تدعم حماس، قال رشيد «إن الاتفاق الوطني والحركي يختلف، لأنه يمس مصالح عباس».
وأكد أن عباس لن يجد المنفذ أو الخروج الآمن من السلطة دون محاسبة، قائلًا: «لن يستطيع أحد الخروج الآمن، هذا غير موجود في فلسطين».
وأختتم مستشار الرئيس عرفات حديثه قائلًا: «أبو مازن يهين منصب الرئيس الفلسطيني، ولديه مصائب في دفاتره».