أخر الأخبار
محمد رشيد يكتب : فتح تحت حراب المقاطعة ” 5 ” .. عباس يقسم فتح في ذكرى تقسيم فلسطين !
محمد رشيد يكتب : فتح تحت حراب المقاطعة ” 5 ” .. عباس يقسم فتح في ذكرى تقسيم فلسطين !

كتب محمد رشيد :

لن ندافع ، لن نتردد ، بل نتجمع ونتماسك بكل ما أوتينا من ثقة وإيمان ، بكل ما فينا من قوة وشغف الحياة ، وبكل ما فينا من عزم ، ومن ضعف في عشق فلسطين ، فالمعركة الحقيقية ليست بيننا ، وبين نذالة وخسة محمود عباس ، بل هي أولا معركة بيننا وبين أنفسنا ، معركة ضد الإحباط ، ولإستعادة الأمل ، لكن علينا أن ننحاز أولا ، وأن نختار الآن ما بين الإستسلام لإرادة مشبوهة ، وبين موجبات الوطنية والعزة والكرامة الشخصية ، بين ماض ينحدر سريعا نحو الهاوية ، ومستقبل ينهض حثيثا على أكتاف الرجال الرجال ، وما لم يكسره الإحتلال فينا ، صعب أن ينكسر بمعاول حفنة من السماسرة والمشبوهين ، إنها لحظة الحقيقة ، لحظة الإختيار بين ما نشهد ونعيش ، وبين ما ينبغي ونحلم .

هل نحن من هاجمنا قوت أطفالهم  ؟
لا . لم نفعل .
هل هاجمنا بيوتهم في مخيمات الفقر والفاقة ؟
لا . لم نفعل ، هم فعلوا .
هل طردناهم من فتح ومن تاريخها ؟
لا لم نفعل ، لكنهم فعلوا .
هل خوناهم وكفرناهم ؟
أبدا لم نفعل ، مع إنهم يستحقون ذلك .
هل حولنا غزة هدفا للأحقاد والإنتقام وأنكرنا أهلها ؟
حاشا لله لم نأثم .
هل تركنا الأقصى وأهل الرباط في قدسنا ؟
هم من قالوا " ما لنا ومال القدس "
هل أهملنا دم الزعيم المؤسس ؟
هو من أهمل ، وهم من قبلوا الدنية .
هل حاصرنا " المقاطعة " وقصر عباس ، هل أمطرناه بالرصاص وقنابل الغاز ؟
لا لم نفعل ، هو فعل ذلك في بلاطة ورام الله وجنين .
قد يعتقد عباس واهما بأن الشعب سينسى كل تلك الجرائم وغيرها الكثير ، لكن لا أحد في فلسطين يغفر ويصفح دون تصويب وعقاب !

هو ، وبعض " هم " قرروا الإنشقاق عن فتح ، وذلك شأنهم ، أما شأننا نحن فهو واجب الدفاع عن فتح ، عن ديمومتها وقوتها ، عن تاريخها ورسالتها التحررية وطنيا وإجتماعيا ، عن مكانتها في حاضر فلسطين ومستقبلها ، وليس هناك ما يبرر تحول فتح الى كيان حزبي صغير كما يعمل ويحاول محمود عباس وقطعانه ، ولا مبرر لتغير فكر فتح وأدواتها الكفاحية ، ولن يستطيع عباس إلحاق فتح بعقيدة التنسيق الأمني " المقدس " ، ولن ينجح في تحويل حركة الشهداء والأسرى الى " روابط قرى " جديدة ، وكيف له أن ينجح في كل أو بعض ذلك في ظل إحتلال إسرائيلي يتوحش يوميا على الحجر والبشر ! 

فتح تهدأ وتنضبط مقابل مكاسب وإنجازات وطنية ، وقد فعلت فتح ذلك في عصر الرئيس الراحل أبو عمار مقابل تحقيق تدريجي للاهداف ، ولم تفعل فتح ذلك حبا في شخص الزعيم رغم مكانته الإستثنائية في قلوب الجميع ، بل  فعلته ثقة بالزعيم ووطنيته الخالصة والمنزهة عن الشبهات ، والزعيم بدوره أعاد العهدة الى الشعب بكل أمانة ، حين أيقن أن أشرعة السلام قد تحطمت على أسوار القدس ، وما لم تمنحه فتح " صكا " على بياض للزعيم ، لن تمنحه لا لعباس ، ولا لقطعانه المتوحشة على شعبها .

في دفاتر الإنشقاقات عن فتح ، ليس هناك إنشقاق بدأ من قيادة الحركة الا هذا الإنشقاق ، فآخر إنشقاق كبير عام 1983 طبخ و دبر وأطلق من داخل أقبية اجهزة الأمن السورية ، وكان إنشقاقا أبعد من تقسيم فتح ، إنشقاق أستهدف " الكيانية " الفلسطينية برمتها ، والأخ القائد فاروق القدومي " أبو اللطف " كان أول من تلقى حقائق تلك الصدمة ومن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مباشرة ، وأدرك أبو اللطف فورا ، بأن ما يجري في فتح ، ليس الا البداية ، وربما كتب أبو اللطف تلك الحقيقة في يومياته أو لم يفعل ، لكنه حتما دونها وبكل أمانة في ذاكرة أصدقاء موثوقين ، مؤكدا أن إستهداف أبو عمار وقيادته ، لم يكن أكثر من " شعار " و غطاء لمخطط أبعد مدى ، وأعمق خطرا .

إنشقاق عباس الحالي يتبع خطوط وخطوات ذلك الإنشقاق " السوري " ، فعلى السطح هو إنشقاق للتخلص من الأخ محمد دحلان وممن تجرأ على مؤازرة وإنصاف الرجل ، أما في العمق فيسعى عباس للتخلص من الحركة التي نعرفها ، لكنه أيضا يريد إختطاف اسم فتح بإعتباره أكبر وأوسع علامة وطنية إنتشارا ، وهنا ، حول هذه المسألة ستكون المعركة صعبة ، معركة قد تطول أو تقصر بفعل عوامل متعددة ، ومثلما لم نسمح لمنشقي 1983 بإختطاف اسم فتح ، سوف لن نسمح لعباس وقطعانه بإختطاف ذلك الاسم الغالي على قلوبنا جميعا .

لسنوات ثلاثة حاول عباس تضليل الجموع الفتحاوية بأن مشكلته محصورة مع محمد دحلان ، النظام السوري ومنشقو 1983 لعبوا نفس اللعبة بإدعاء أن مشكلتهم فقط مع ياسر عرفات ، ولكن مع مضي الوقت تكشفت الحقائق ، وإنهارت مقولات وإدعاءات النظام السوري ، واليوم يكتشف الآلاف من قادة وكوادر فتح كذب ادعاءات عباس ، بعد أن تأكدوا يقينا من مخطط عباس للدفع بهم الى قارعة الطريق ، معتقدا ان جرة قلم قذر تكفي ، لإنهاء تاريخ وتضحيات تلك الآلاف المؤلفة من المناضلين الفتحاويين .

قد يقول البعض أن الحظ و الذكاء يخدمان محمد دحلان !
أقول نعم هذا صحيح ، فالحظ هو نوع من العدل الرباني ، لكن قسطا وافرا من " حظ " محمد دحلان ينبع من غباء محمود عباس وتصرفاته الحمقاء ، كما أن معرفتي العميقة بأبو فادي تجيز لي الجزم بذكائه ، لكن الحظ والذكاء قد لا يكفيان للنجاح ، ودحلان كان دوما يعرف ذلك ، فقد تعلم الدروس وتشربها في ساحات العمل وفي أقبية التعذيب الإسرائيلية ، وتعلم  دروسا أخرى من أبو عمار وأبو جهاد ، تعلم كيف يكون دؤوبا وصبورا الى أن يكتشف الأخوة والأصدقاء خبايا ونوايا عباس ، وتعلم كيف يكون مرنا متقبلا لكل المساعي الخيرة ، ومن ثم كان من حقه أن يكون مقاتلا شرسا دفاعا عن حقه وحقوق الآخرين ....
أقول له : صبرك و دأبك يذكرانني بأبو جهاد
فيسأل ضاحكا : وبمن يذكرك أبو مازن ؟
كنت ولا زلت أقول : بلا أحد ، بلا شيء ، ولا أعتقد أن التاريخ سيذكره الا ببضعة سطور مشينة ، وسريعا ما سينسى ، فهو ليس أكثر من فقاعة شارفت على الإنفجار ، أو غمامة سوداء كدرت لبعض الوقت تاريخ فتح والحركة الوطنية الفلسطينية الناصعين .

سؤال يلح على قلبي وعقلي ، ترى لماذا أختار عباس يوم 29 نوفمبر موعدا لإنعقاد مؤتمر " المقاطعة " ؟
هل لأنه يوم التضامن العالمي مع فلسطين ؟
أم لأنه يوم ذكرى تقسيم فلسطين ، فقرر أن يقسم حركة فتح في تلك الذكرى .

To follow me on twitter
@MBRachid