أخر الأخبار
في ذكرى تقسيم فلسطين .. تُقسم فتح
في ذكرى تقسيم فلسطين .. تُقسم فتح

تفتتح اليوم أعمال المؤتمر العام لحركة فتح كما خطط له الرئيس عباس وبعض المنتفعين من حالة التيه والضياع والتشرذم والتردي التي تعيشها الحركة ويعيشها الشعب الفلسطيني. مؤتمر هو أشبه باحتفال ختامي تتويجا لسلسلة من الخطوات والاجراءات التعسفية بحق فتح و تاريخها ومكانتها العربية والدولية. مؤتمر سيتمخض عنه منح الرئيس عباس وقتا اضافيا لتدمير ما تبقى من هذه الحركة و التخلص من ارثها النضالي والوطني والاخلاقي.

ولان المقدمات الخاطئة تقود بالضرورة الى نتائج خاطئة ، من غير المتوقع ان يتمخض عن هذا الاحتفال التتويجي سوى مزيدا من التشتت و الضياع و تعميق الجراح. من غير المعروف كم هو عدد الواهمين الذين يعتقدون او يروجون على ان هذا المؤتمر سيؤسس الى مرحلة جديدة من عمر هذه الحركة، و من غير المعروف كم هو عدد الواهمين الذين يعتقدون او يروجون الى ان هذا المؤتمر سيؤدي الى توحيد الحركة و استنهاضها و ستصبح بعد هذا المؤتمر اكثر قوة و اكثر تماسكا و اكثر قدرة على مواصلة مشوار التحرير الذي عرفنا متى بدأو لكن لا احد يعرف متى سينتهي.

ليس هناك حاجة الى مزيد من الادلة و الشواهد على ان هذا المؤتمر لم يكن هدفه تقييم المرحلة السابقة و استخلاص العبر لضمان ديمومة الحركة و تعزيز قدرتها على الاستمرار في قيادة الشعب الفلسطيني بل هدفه الاساس ، هو التخلص من اي فتحاوي معارض لسياسة الرئيس عباس ، ليس فقط ما يسمونهم جماعة دحلان ، كما عبر عن ذلك السيد جبريل رجوب الذي يعتبر نفسه اكثر المستغيدين من عقد هذا المؤتمر بعد ان تحقق له ما يريد وهو ( تجريف كل جماعة دحلان ) ، بل تم ايضا اقصاء المئات من قيادات فتح وكوادراها التاريخية و النضالية و من مختلف الساحات ، الاستثناء شمل اعضاء في المجلس الثوري و التشريعي و مكاتب حركية منتخبة و قيادات شبيبة و قيادات نسائية.

المؤتمر باختصار ازاح من الطريق كل من يمكن ان يعبر عن رأية بحرية دون خوف من سطوة الدكتاتور ، و كل من قال لا او هناك احتمال ولو بسيط ان يقول لا في المستقبل.

لذلك، ليس من المستغرب ان تدار اعمال هذا المؤتمر على صفحات الفيس بوك و شبكات التواصل الاجتماعي الاخرى قبل ان يتم افتتاحه رسميا هذا اليوم، وليس من المستغرب ايضا ان يكون كل الحديث و كل الجهد و كل التفكير هو حول امر واحد فقط وهو الانتخابات للجنة المركزية و المجلس الثوري، اما باقي النقاشات و القرارات التي ستتخذ هي على الرجح ستكون للنسيان بعد انتهاء المؤتمر ، تماما كما حدث للقرارات و الاسترتيجيات التي اتخذها المؤتمر السادس قبل سبع سنوات و لم ينفذ منها شيء، بل في كثير من الاحيان تم تنفيذ عكسها.

ولان المقدمات كانت خاطئة و ظالمة، و لان قيادات و كوادر ممن دفعوا في رأس مال هذه الحركة عندما كان الانتماء لها يعني الاستشهاد او الاسر او الابعاد، فأن من الطبيعي جدا ان يتسابق الصغار على مواقع شغلها يوما قادة عظام امثال ياسر عرفات و صلاح خلف و خليل الوزير و ابو يوسف النجار و سعد صايل وابو علي اياد وغيرهم من القادة العظام ، ومن الطبيعي ان يعيد ترشيح نفسه غالبية اعضاء اللجنة المركزية و المجلس الثوري الذين فشلوا في مهماتهم طوال المرحلة السابقة وكانوا بمثابة شهاد زور على عدم احترام النظام و القانون و الفصل التعسفي لخيرة قيادات و كوادر هذه الحركة . و لان لا حساب و لا عقاب الا وفق مزاج السيد الرئيس و ليس وفق النظام القانون حتى لمن اصبح عبئ ثقيل على هذه الحركة و لطخ سمعتها و ارتكب الاخطاء و الخطايا بحقها لن تكون مشكله في اعادة انتخابه مرة اخرى ما دام يجيد لغة الصمت ولغة التدليس وجاهز ان يتحدث فقط حين يسمح له و كما يريد فخامته.

لن يتغير الكثير بعد انعقاد هذا المؤتمر ، ولن توضع استراتيجيات جديدة، و لن يكون هناك تقييم جدي للمرحلة السابقة و لن تكون الحركة اكثر قوة و اكثر تماسك، الذي سيتغير هو ان جُرح هذه الحركة سيصبح اكثر التهابا... وان وضعها سيتراجع على مختلف الصعد، المحلي و الاقليمي و الدولي.

وعلى الرغم ان عقد المؤتمر الذي تأخر موعد انعقاده هو استحقاق و امنية كل الفتحاويين لو انه عقد في ظروفه و سياقاته الطبيعية بعد ان يتم توحيد صفوف الحركة و لم تمارس فيه كل الكبائر بحق ابناء فتح و قياداتها و كوادرها من تهميش و اقصاء و استبدالهم بالاقارب و الابناء و الموظفين و المرافقين و من هم غير أهل بأن يكونوا اعضاء وفقا للانظمة و القوانين الحركية.

لن ينجح الرئيس عباس و بعض الحاقدين من حوله بتحقيق الهدف الرئيسي الذي عقدوا من اجله هذا المؤتمر وهو شطب قيادات و كوادر وازنه في هذه الحركة ، لان هؤلاء لم يصبحوا قيادات بقرار و لن يشطبوا بقرار سواء كان قبل هذا المؤتمر او بعده. عضويتهم و مكانتهم و اهميتهم و قوتهم مغروسه عميقا في شوارع المخيمات و المدن و البلدات الفلسطينية، مغروسة عميقا في سجون الاحتلال و الجامعات وساحات النضال الحقيقية ، هؤلاء لم ينتموا الى فتح من اجل وظيفة او مال و لم يكوتوا في فتح عبارة عن موظفين يتقاضوا راتبا وكأنهم يعملون في شركة استثمارية ، هؤلاء دون ادنى شك لن يسمحوا باختطاف حركة فتح و تقزيمها الى ان ينتهي دورها كما انتهت الكثير من الاحزاب . هؤلاء لا يعرفون الاستسلام .