أخر الأخبار
عباس يرضخ للتدخل الأجنبي ويؤجل التصويت على تقرير”جولدستون” بشأن حرب غزة
عباس يرضخ للتدخل الأجنبي ويؤجل التصويت على تقرير”جولدستون” بشأن حرب غزة

رام الله - الكاشف نيوز : كشف تقرير لجنة التحقيق المشكلة بقرار من رئيس السلطة محمود عباس، بشأن الحرب على غزة، رضوخه وخضوعه للضغوطات الأجنبية والتدخل الخارجي، من خلال الضغط على عباس وأمين سر منظمة التحرير صائب عريقات، لتأجيل عرض التقرير على مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهو ما يتنافى مع تصريحات عباس الرامية إلى الانتصاف لغزة وملاحقة إسرائيل، بالإضافة إلى إصراره لرفض أي مبادرة عربية لإنهاء الانقسام بدعوى استقلالية القرار الفلسطيني.

وشكل عباس لجنة بشأن فتح تحقيق بخصوص قرار تأجيل عرض تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصى الحقائق المتعلقة بالحرب على غزة ( تقرير جولدستون) على مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والتى تشكلت برئاسة كلا من حنا عميرة رئيسا للجنة، ورامى الحمد الله "رئيس الوزراء الحالى" عضوا فى اللجنة، الدكتور عزمى الشعيبى، عضوا فى اللجنة، والتى استخلصت فى تقريرها مدى الضغوط التى مورست من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل على عبلس لحذف وتعديل بعد فقرات التقرير وصولا للضغط على أمين سر منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات خلال زيارته لواشنطن.

ويتألف التقرير الذى خرجت به اللجنة من 22 ورقة، وتم اخفاءه دون أسباب واضحة أو معلومة، وخرجت اللجنة بعدد من الاستخلاصات التى تؤكد ممارسة ضغوطا من قبل الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة على بعض الدول العربية والإفريقية ودول أمريكا اللاتينية الأعضاء فى مجلس حقوق الإنسان، لتغيير موقفها من مشروع القرار المتعلق بتقرير جولدستون.

وأكدت اللجنة ان ضغوطا اسرائيلية وأمريكية مباشرة وغير مباشرة مورست على السلطة ومنظمة التحرير، تقديرا لأهمية التقرير واستخداماته أو تقدير لنتائج وردود الفعل التى قد تنتج عن تبنى قرار تأجيل التصويت على مشروع القرار.

وأشارت اللجنة إلى أن كل الوقائع والشهادات التى أطلعت عليها اللجنة تؤكد أن القرار النهائى بتأجيل التصويت على مشروع القرار الذى تم اتخاذه وإبلاغه السفير إبراهيم خريشة فى جنيف قد تم من قبل رئيس السلطة محمود عباس، مؤكدة على أن قرار التأجيل للقرار كان خاطئا وأن سبب ذلك يعود إلى الخلل وعدم الوضوح فى الصلاحيات وآليات اتخاذ القرار فى مؤسسات منظمة التحرير والسلطة .

وفيما يتعلق بالجهود التى بذلتها السلطة ومؤسساتها، بما فيها البعثة الفلسطينية فى جنيف، والتى تكللت بإصدار قرار مجلس حقوق الإنسان الخاص بتشكيل لجنة تقصى الحقائق بشأن الحرب على غزة فى يناير 2009، لاحظت اللجنة ان هذه الجهود التى لم تستمر بشكل منظم وفى إطار مؤسسى، اذ لم يتم تشكيل لجنة من المنظمة أو السلطة لمتابعة العمل بهذا الشأن، باستثناء قرار مجلس الوزراء الذى جاء لاحقا عشية بحث التقرير فى جنيف، كما لم يتم تكليف أطراف محددة لمتابعة الموضوع وشد التأييد لمشروع القرار باستثناء جهود البعثة الفلسطينية فى جنيف مدعومة من مؤسسات حقوق الانسان الفلسطينية العربية والدولية.

وكشف اللجنة فى تقريرها انه لم يتضح لها قيام أى من وزارة الخارجية الفلسطينية أو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو الهيئات التابعة لها أو مكتب الرئاسة بأية جهود واضحة ومنظمة تتعلق بتقرير جولدستون ومشروع القرار المتعلق بها، مؤكدة عدم قيام أى من الكتل البرلمانية، سواء فى الضفة الغربية أو قطاع غزة، قبل اتخاذ قرار التأجيل بأى نشاط له علاقة بالموضوع.

ورأت اللجنة أن طبيعة العلاقة بين السلطة ومنظمة التحرير ، والمتمثلة فى تداخل الصلاحيات أو التنازع عليها وعدم وضوح دور كل منهما فى متابعة هذا النوع من المهام ( قضايا السياسة الخارجية) قد أدت إلى مثل هذا الخلل فى المتابعة وتحمل المسؤولية فى موضوع بهذه الأهمية.

وأكدت اللجنة فى التوصيات التى خرجت بها على ضرورة البحث فى الحيثيات والظروف بقرار تأجيل التصويت على مشروع القرار المتعلق بتقرير جولدستون، وما خلصت إليه اللجنة رفع توصية لعباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بضرورة تشكيل لجنة عمل وطنية لمتابعة تفعيل تقرير جولدستون وقرار مجلس حقوق الإنسان المتعلق بالتقرير فى مختلف المحافل الإقليمية والدولية ومتابعة تنفيذ التوصيات الواردة فيه وفى قرار المجلس.

وشدد اللجنة فى توصياتها على ضرورة تحصين القرار الفلسطينى والمحافظة على استقلاليته ازاء الضغوطات الخارجية من خلال متابعة جهود اتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، اعتماد آليات العمل واتخاذ القرار فى إطار هيئات المنظمة والسلطة، وتقدم تقارير دورية من كل جهة متابعة للجهات المسئولة أمامها كمنهج للعمل بدلا من علاقات العمل القائمة على أسس التكليفات الفردية، وذلك فى إشارة للقرارات الفردية التى يقوم بها عبلس فى العديد من الملفات.

وفى إشارة واضحة لاستفراد عبلس بالقرار، أوصت اللجنة بإعادة ربط المؤسسات والهيئات ( تتبع لمكتب الرئاسى الفلسطينية بسبب الحصار الدولى الذى فرض على السلطة عام 2006 ) بالجهات الرسمية ذات العلاقة، لتخفيف الأعباء الكثيرة المتنوعة التى أغرق بها مكتب الرئاسة تبعا لظروف المرحلة السابقة، داعية أبو مازن لاستخلاص العبر اللازمة بشأن العمل فى مكتب الرئاسة وتعزيز المكتب بالخبرات المهنية اللازمة.

وأشارت اللجنة لوجود خلل فى عمل منظمة التحرير والتداخل فى الصلاحيات بينها وبين السلطة ( أبو مازن وحكومته)، و اقترحت اللجنة اعتماد آلية عمل تقوم على تفعيل مؤسسات السلطة وتوظيف امكاناتها ووضعها فى خدمة القرارات الوطنية المتخذة فى إطار منظمة التحرير باعتبارها المرجعية العليا، ووضعت تصورا أمام عباس يقوم على أساس تكامل الأدوار بدلا من اقتسام الصلاحيات والتنازع عليها، والذى يقتضى باقرار لائحة تنظيمية لهذه العلاقة التى ترتكز إلى عدد من الأسس أبرزها التزام السلطة بالسياسات الوطنية العامة المقرة من منظمة التحرير، وتتولى الإدارة اليومية للصلاحيات والمسئوليات المكلفة بها فى الضفة الغربية وقطاع غزة بام فيها القدس.

وكشف التقرير الذى قدمته اللجنة مدى الإهمال فى التعاطى مع تقرير جولدستون من قبل مكتب الرئيس أبو مازن ودعم وجود تنسيق كاف بين وزارة الخارجية مع مندوب فلسطين فى مجلس حقوق الإنسان فى جنيف، حيث أشارت اللجنة فى تقريرها إلى ان لجنة تقصى الحقائق قامت بتسليم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان يوم الثلاثاء 15 سبتمبر 2009، وتم توزيعه وتسليمه للجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وأرسل السفير إبراهيم خريشه بتوجيه رسالة إلى مكتب عباس وإلى وزير الخارجية فى اليوم التالى من تسليم التقرير، لكن لم يلتفت أحدا إلى التقرير حتى نهاية سبتمبر 2009 من قبل مكتب عبلس أو وزير الخارجية، وهو ما وضع مندوب فلسطين لدى مجلس حقوق الإنسان فى جنيف فى أزمة بسبب غياب التنسيق بينه وبين القيادة الفلسطينية "كانت فى اجازة العيد"، وفقا لتقرير اللجنة.

وكشف التقرير امتثال عباس وأمين سر منظمة التحرير صائب عريقات للضغوطات الأمريكية التى تكثفت نهاية نوفمبر وحتى 1 ديسمبر من قبل قنصل الولايات المتحدة فى مدينة القدس بلقاء رئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض، وبعض إجراء عدد من المشاورات والإتصالات أكدت اللجنة فى تقرير ان مندوب فلسطين فى جنيف رجح بشكل كبير التصويت لصالح مشروع القرار وإقراره، لكن أبو مازن قرر التأجيل على التصويت على مشروع القرار المتعلق بتقرير جولدستون إلى الدورة الثالثة عشرة لمجلس حقوق الإنسان فى مارس 2010 وهو ما أقره به عباس ومستشاره السياسى "الراحل" نمر حماد، وفقا لتقرير اللجنة.

وكشف صائب عريقات فى شهادته التى جاءت فى التقرير ان الجانب الأمريكى غاضب للغاية من تقرير جولدستون، مضيفا "الأمريكان يقولون ان السفير يتحداهم وانه من قدم مشروع القرار"، وهو ما نفاه السفير إبراهيم خريشه وأكد ان التعديلات التى يرغب الجانب الأمريكى فى إدخالها على مشروع القرار يستحيل القبول بها لأنها ستفرغ القرار من مضمونه، وبالرغم من تأكيد صائب عريقات أن عباس أصر على انه لا تأجيل ولا سحب لمشروع القرار - هو ما حدث عكسه خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان والتى طلب خلالها مندوب فلسطين تأجيل التصويت على تقرير جولدستون - أكدت اللجنة ان تقرير جولدستون يدين إسرائيل بشكل واضح ويتهمها بارتكاب جرائم حرب وهو انجاز عظيم كان سيتحقق للشعب الفلسطينى فى حال تم طرح مشروع القرار للتصويت.

وأكدت اللجنة ان اتخاذ قرار تأجيل التصويت على تقرير جولدستون جاء بناء على قرار من محمود عباس، مشيرة إلى أن قرار التأجيل لم يكن يعلم به أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، وهو ما أحدث ارتباك واضح بين المسئولين الفلسطينيين من خلال التصريحات الإعلامية المتناقضة من قبل مسؤولي السلطة، وهو ما يكشف استفراد عبلس بالقرار دون التنسيق مع باقى مؤسسات صنع القرار فى فلسطين.

وبعثة الأمم المتحدة لتقصى الحقائق بشأن الحرب على غزة أو ما تعرف لجنة جولدستون هى لجنة تقصي حقائق شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ترأسها القاضى الجنوب أفريقي ريتشارد جولدستون، مهمة اللجنة كانت التحقيق فى دعاوى ارتكاب جرائم حرب قبل حرب غزة وخلالها وبعدها، قاطعت إسرائيل اللجنة منذ البداية، بينما رحبت بها الحكومة المقالة في غزة، وتعاونت معها حركة حماس.