أخر الأخبار
حلب واردوغان في «نَظَر».. الشيخ القرضاوي !
حلب واردوغان في «نَظَر».. الشيخ القرضاوي !

لا يغيب الشيخ يوسف القرضاوي عن «مشهدنا» العربي والإسلامي, منذ أن خُلِعَ عليه لقب رئيس الاتحاد «العالمي» لعلماء المسلمين, دون ان يعرِف احد كيف تم اختراع مثل هذا الاتحاد, والنشأة التي قام عليها, وما إذا كانت رئاسته أبدية وشخصية مُخصّصة فقط لسماحته, وهل المواقف التي يتخذِها ويعلِن عنها باسم «الاتحاد», يتم التوافق عليها او التصويت لصالحها؟ او حتى تُستشار «هيئة» الاتحاد (بافتراض وجودها) بتلك المواقف التي تُتّخذ؟ أم ان سماحة الشيخ نفسه, هو الاتحاد وهو السكرتارية, وخصوصاً هو الهيئة العامة, وبالتالي هو «اتّحاد» من شخص بذاته ولذاته؟.
ومع كل تلك الاسئلة والشكوك التي تُثار ازاء المواقف «النارِّية» والمتشددة التي تفوح منها رائحة التعصب والمذهبية والشحن الطائفي والغرائزي الذي يمارسه الشيخ القرضاوي, ولا يتوقف عن إظهاره بأفخم العبارات والمصطلحات التي تُسهم في استثارة البسطاء وزيادة الغلو والتطرف في مواقفهم, دون ان يعوا حقائق ما يجري او يقفوا على الاسباب التي تدفع رجل دين «تسعيني» الى إبداء مثل هذه الحماسة المُفرطة (ولكن الانتقائية جداً) ازاء مواقف وأحداث تجري في منطقتنا خصوصاً, دع عنك مأساة مسلمي الروهينجا في مينمار او غيرها ممن تخضع قضاياهم لـِ»لمساومة» او يجري وضع خطوط حمراء صارمة, أمام مَن يحاوِل التدخل فيها او الاقتراب منها, فإن هذا الشيخ الجليل يمارس فِعلَاً سياسياً صارخاً ويوظِف مكانته الدينية والمنابر الاعلامية الكثيرة والنافذة المتاحة أمامه, كي يعمل لصالح سياسات معينة، يدرك هو وغيره, انه محظور عليه تحت طائلة الإحالة الى الاستيداع او التقاعد او حتى إهالة التراب عليه وجعله شخصاً وسيرة من الماضي, بمجرد الخروج على النصّ, او محاولة اتخاذ مواقف وسطية, تمنح للحقيقة فرصة البروز, او حتى للشكِ.. فرصة طرح الاسئلة, التي تكثر دون ان تجد اجوبة شافية عليها. 
ما علينا..
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, الذي يمكن للمرء ان يعرف مقره بدلالة مكان سكن الشيخ نفسه, لكنه ليس سوى غطاء لعمل سياسي يوظِّف وعاظ السلاطين لإصدار فتاوى جاهزة, تبرِّر مقارفات الانظمة وارتكابات اصحاب القرار.. لن يتخلى., كما يُغرِّد سماحته، عن حلب، ويطمئِن اهلها.. انه معهم، بل كل المسلمين في مشارق الارض ومغاربها, وهؤلاء.. لن يتركوا اهل حلب, كما يقول في تغريدته (باعتباره بالطبع ناطقاً باسم مليار ونصف مليار نسمة من المسلمين)، بل إن القرضاوي يرى في حلب عروس سوريا (وهي كذلك) التي انقلب «عرسها» الى مأتم, وانقلب فرحها الى حزن، وانقلبت حياتها الى مأساة كبيرة يعيش فيها الناس.
طبعاً كلام بليغ وسجع يثير الشجَن ولغة مكينة, لكنها فارغة المضمون والهدف والغايات، بل مجرد تسجيل مواقف ونص رديء من خطبة لشيخ يُتقِن الكلام ولا يأبه بمشاعر الناس ويسكب الزيت على نار الفتنة, دون ان يدعو الى المصالحة والتصالح وحِفظ الارواح والمحافظة على العيش المشترك, او الدعوة الى إحكام العقل وعدم الذهاب بعيداً في إحياء عقلية الثأر واللعب على عصب الفرقة والشحن الطائفي والمذهبي.
وشيخنا الجليل.. لم يعبأ بدعوة كهذه, منذ اندلاع الأزمة قبل ازيد من خمس سنوات ونصف, بل هو كان أحد الذين «رَقَصَ» على دماء السوريين, واستثمر في معاناتهم وهيّج النفوس وبرّر التطرف والإرهاب, ودعا الى حرب فاصلة بين «المؤمنين» واؤلئك النُصيريين والمجوس والفرس والشيعة «الكَفَرَة» وغيرهم ممن اعترف بهم الازهر الشريف, اتباع مذاهب اسلامية لا يجوز تكفيرهم. لكن شيخنا وقد استند الى «منصِبِه» في اتحاد وهمي ، أباح لنفسه ان يكون مرجِعاً شرعياً «وحيداً».. للمسلمين كافة، بل هو ذات يوم انتقص من مكانة الازهر وشيوخه, لأنهم دعوا المصريين الى عدم التفريط بدولتهم وأمنهم واستقرارهم, وعدم سماع اصوات الذين يريدون أخذها الى مواقع وتحالفات مشبوهة لن تأتي لمصر وشعبها, إلاّ بالخراب والفوضى.
وبصرف النظر عن المواقف «الغريبة» اللافتة التي اتخذتها حركة حماس, وخصوصاً حركة الجهاد الاسلامي الأقل تبعية وتطرفاً واستتباعاً في شأن الأزمة السورية، وتحديداً مسألة حلب (تصريحات محمد الهندي في اسطنبول) فإن علينا عدم تجاهل الدور «السياسي» الذي ينهض به الشيخ القرضاوي منذ ان انخرطت تركيا, في مؤامرة استعادة وإحياء التراث العثماني السلجوقي في بلاد العرب, برئاسة العثماني الجديد اردوغان. وما قاله القرضاوي في مؤتمر لـِ»إتحاده» في اسطنبول مؤخراً, يكشف تماماً «الايديولوجية» الاسلاموية التي يُروّج لها القرضاوي وجماعات الاخوان المسلمين في المنطقة والعالم: «اتحاد علماء المسلمين, أعلن ان «الخلافة» يجب ان تتشكل في اسطنبول، لأنها عاصمة الخلافة، تركيا الجديدة – والقول لسماحة الشيخ – هي التي تدمِج بين الدين والدولة، القديم والجديد. العربي وغير العربي، وتوحِّد الامة في افريقيا وآسيا واوروبا والولايات المتحدة وكل مكان.. «الشخص» الذي أحدَثَ ذلك في تركيا (يواصل القرضاوي) هو رجب طيب اردوغان.. هو القائد الذي يعرِف الله ويعرِف نفسه ويعرف شعبه ويعرِف الأمة ويعرِف العالم.. عليكم (يأمرنا فضيلته) الوقوف الى جانب هذا الشخص وتقديم «الولاء» له, والقول له: سر إلى الأمام)».. انتهى الاقتباس.
هل ثمة شكوك الان بالدور «السياسي» المرسوم القرضاوي؟
وهل ثمة ذكر لـ»شيء» اسمه العروبة او الأمة العربية؟
إذا كان القائد الذي سنُقدِم الولاء له.. هو اردوغان. فهل هي صدفة ان كل هؤلاء المتأسلمين, وعلى رأسهم القرضاوي, يعملون بكل هذه الحماسة, كي ينتصِرَ مشروع اردوغان.. العثماني؟