أخر الأخبار
أوراق الخريف.... الحرية والديمقراطية ..!!
أوراق الخريف.... الحرية والديمقراطية ..!!

د. أحمد بن سالم باتميرا

 لم أكد اخرج ملابسي من حقائبي بعد آخر زيارة لها, حتى تلقيت دعوة لحضور القمة الخليجية 34 التي ستعقد فيها, انها الكويت, واحة خير وسلام للجميع من المشرق وحتى المغرب, والتي تتواصل فيها القمم, وأساليب وفنون السياسة تجري في عروقها, فمنذ أن كان الامير وزيرا للخارجية كانت الديبلوماسية الكويتية واقعية في الطرح, واليوم يستمر فكره الهادئ المتزن مبعدا بلده وشعبه عن ويلات الصراعات والمنغصات, لانه فكر يعرف ماذا يريد, كما أن تفكيره ينصب حول هدف واحد هو رقي وتطوير الكويت بعد ان عانت الكثير لاسباب داخلية بحتة, يعرفها الجميع.

ولأن الشيء بالشيء يذكر, فلم يكن لقاؤنا مع رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح ضمن الوفد الاعلامي الاكاديمي الذي تشرف بلقائه في ديوانيته لقاء عابرا, بل كان لقاء شفافا وصريحا, وهي عادة الديبلوماسية الكويتية, حيث ظهر جليا التأكيد والإصرار على ان الكويت دائماً, وفي كل المواقف, مع الحل السلمي والمفاوضات بعيدا عن الحروب التي تدمر وتقتل وتشرد, وان الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية هي أساس الدولة الحديثة.

وخلال اللقاء اشار الشيخ ناصر إلى إن الدول الخليجية هي كيان واحد ولها هدف مشترك, و"مجلس التعاون" هو بيتنا الذي نعتز بمسيرته وانجازاته, حتى ولو كانت تسير بطريقة "مشي السلحفاة", وكل من التقى بهم الوفد اجمعوا على ان الكويت وشعبها في القلب والوجدان, مهما اختلفت الاراء والاطروحات, ومهما تباعدت المسافة بين مجلس الامة والحكومة, فالوطن سيبقى له الاعتزاز والتضحية, والكل يسعى إلى الاسهام في بنائه وتقدمه, وهذا هو هدف كل مسؤول, كما ان هدفهم ان يروا دول الخليج متطورة وفي أمن ورخاء.

وأعاد رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ ناصر تأكيده عندما تحدث عن دول مجلس التعاون "الخليجي بصورة رائعة وعن القادة, حيث أكد أن هناك توافقا وتواصلا بين القادة, وان ما يعكر صفو أي دولة خليجية يؤثر على الاخرين" وما يسعد ويفرح أي دولة يفرح به الجميع.

ولقد شدتني مقولة الشيخ "ناصر" عندما قال: "إن أهم شيء ان نحافظ على مكتسباتنا وتاريخنا وتقاليدنا, ونسعى إلى دعم السلم والامن في ربوع المنطقة والعالم". الأمر الذي يشي بما لديه من قراءة واقعية للاحداث, اذ هو موسوعة ديبلوماسية وثقافية, ولم لا وقد التحق بالسلك الديبلوماسي منذ عام 1964م, وتولى مناصب رفيعة, منها رئاسة مجلس الوزراء لسبع دورات متتالية, كما انه يتحدث ثلاث لغات, إضافة إلى انه كان اول رئيس وزراء يرتقي منصة مجلس الامة للرد على استجواب عام ,2009 تحقيقا لمبدأين تفتخر بهما الكويت, وهما "الحرية والديمقراطية".

لم اتفاجأ بما جاء في اللقاء والحوار المفتوح والشفاف والمبهر حقا من رجل بمكانة الشيخ "ناصر" وتاريخه, لان امراء الكويت خبراء وذوو حصافة, ويعرفون أبعاد المواقف الفاصلة بين فضاء السياسة ومجرة الإنسانية الأوسع, فأدوارهم معروفة منذ القدم, فالشكر والتقدير لكل شخص ساهم في تذليل الصعاب لحضوري هذا اللقاء الذي سيبقى في الذاكرة, فقد قال الامام علي "اعرف الحق تعرف أهله".

ونحن نؤمن أن الشعوب تستطيع دائماً الحصول على حقوقها المشروعة والحياة الكريمة, بطرق الحوار والتفاوض, والمطالب الواقعية, وليس بتأجيل المشاريع والاتهامات, والكيل بمكيالين في الطرح والاستجواب, فرفقا ايها المغردون والكتاب بأوطاننا وقادتنا, وعلينا ان نتمسك بوحدتنا ومبادئنا, وان نجسد على ارض الواقع الاهداف والنتائج التي يتطلع اليها أي مواطن خليجي في بلده.

وحق ولي الامر, والأسر الحاكمة في الخليج علينا كبير, فعلينا أن نجازيهم بالإحسان لنا إحسانا, وان نستفيد من الدروس واخذ العبرة من المواقف والاحداث التي تجري حولنا, ونبتعد عن التأجيج والمشاحنات, ونتفرغ لبناء الانسان والاوطان.

وهنا اكرر للذين لديهم افكار وتوجهات, ويوجهون الاتهامات جزافا ويطلقون بعض العبارات والكلمات التي تخلق الازمات بين الشعوب, احمدوا الله على نعمة الحرية والامان, واحمدوا الله ان جعل حكامنا رحماء وحكماء, وفي هذا المقام نؤكد أن عمان ليست لغزاً وكذلك بقية دول الخليج, فمن يقرأ تاريخ عُمان ودول الخليج يعرف حضارتها, ويتعرف على سياستها وحكمة قادتها ومصداقية ديبلوماسيتها!

 

[email protected]