أخر الأخبار
نـهـايـة «داعش» واستقبال «العائدين» !
نـهـايـة «داعش» واستقبال «العائدين» !

الأميركيون يقولون إن القضاء على «داعش» لن يكون قبل عامين بينما يصر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على أن نهاية هذا التنظيم الإرهابي ستكون خلال ثلاثة شهور والمهم هنا، وسواء صحت تقديرات الأميركيين أم توقعات العبادي، هو أنه على الذين يتوقعون عائدين من مواطينهم بعد القضاء على منْ يسمي نفسه «الدولة الإسلامية» أن يقرروا ويضعوا الخطط منذ الآن بالنسبة لكيفية التعامل مع هؤلاء الذين بالتأكيد سيكون بعضهم بمثابة ألغام موقوته في الدول التي سيعودون إليها.
كانت مشكلة هذه المنطقة مع الإرهاب أنه عندما عاد الذين لبوا «نداء الجهاد»!!، الذي أطلقه الغرب كله وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية لطرد القوات السوفياتية وإخراجها مهزومة من أفغانستان، إلى بلدانهم بذقون مُرْسلة وبقناعات جديدة أخذوها في «أكاديميات» القاعدة بإشراف أسامه بن لادن وأيمن الظواهري بادروا إلى تطبيق ما تعلموه في قندهار وفي الأودية والجبال الأفغانية في بلدانهم التي عادوا إليها بمفاهيم جديدة للإسلام غير مفاهيمهم السابقة. 
لم يدرك الأميركيون ومعهم معظم الدول الغربية وبعض الدول العربية أنَّ من يُخرج مارداً من قمقمه للإستعانة به لمحاربة عدوٍّ له فإن هذا المارد سيرتد عليه في النهاية وهذا ما حصل عندما تم تحويل أفغانستان إلى مصنع كبير لإعداد الإرهابيين ليس لطرد الجيوش السوفياتية الغازية من أفغانستان بل ولنقل عدوى «الجهاد» إلى الجمهوريات الإسلامية التي كانت جزءاً من الإتحاد السوفياتي قبل أن يُبتلى بـ «الإصلاحي» ميخائيل غورباتشوف الذي كان ظهوره ليس بداية وإنما نهاية هذه الظاهرة الكونية.
وحقيقة أن البداية كانت قبل اجتياح الجيوش السوفياتية لأفغانستان بكثير وحيث أن الأميركيين ومعهم بعض الدول الغربية وبالتعاون مع بعض «التشكيلات» المتطرفة في باكستان في مرحلة ضياء الحق وقبل ذلك وبعده قد شجعوا بالدعم المباشر وغير المباشر لإنشاء مئات لا بل ألوف الكتاتيب «المدارس الدينية» لإعداد جيل كامل «جهادياًّ» والهدف الحقيقي كان نقل هذه الظاهرة إلى الجمهوريات وأنظمة الحكم الذاتي الإسلامية في الإتحاد السوفياتي لتثور ضد النظام الشيوعي الذي كانت هناك خشية فعلية من أنَّ تمدده سيصل حتى إلى الدول الرأسمالية الكبرى ليس في الغرب فقط وإنما في كل مكان .
والمهم أن هذه التجربة، التي أنجبت أسامه بن لادن وأيمن الظواهري و»القاعدة» وبالتالي كل هذا الإرهاب الذي وصل شرر نيرانه إلى كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة، يجب العودة إليها ودراستها دراسة عميقة وبخاصة من قبل الأجهزة والجهات المعنية طالما أن هناك انتظاراً لفيضان إرهابي غامر بعد القضاء على «داعش» في العراق وفي سوريا وهو فيضان بدأت الدول الغربية تبني سدودها الأمنية لإستيعابة بأقل الخسائر.
ولذلك فإنه علينا في المملكة الأردنية الهاشمية أن نعلن حالة الإستنفار القصوى منذ الآن.. منذ هذه اللحظة وأن يكون استعدادنا بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة كافياً لاستيعاب ما تبقى من نحو ثلاثة آلاف، كما يقال، من أبنائنا الذين جرى التغرير بهم واستدرجوا استدراجاً لهذا التنظيم الإرهابي الذي أصبح بمثابة آفة كونية إنْ لم تقتلع من جذورها فإن المعاناة منها ستستمر حتماً إلى سنوات طويلة .