أخر الأخبار
هل مات حل الدولتين ؟
هل مات حل الدولتين ؟

شعر كثيرون بالصدمة لما ورد خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأميركي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في البيت الأبيض ، فقد اتضح أن ترامب ، خلافاً لرؤساء أميركا السابقين ، ليس مصراً على حل الدولتين ، وأنه قادر على التعايش مع أي حل يتفق عليه الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني ، سواء كان حل الدولتين او الدولة الواحدة ، ومن الطبيعي أنه قادر أيضاً على التعايش مع لا/حل.
ليس من الضروري أن نصاب بالصدمة لهذا التراجع في موقف أميركا في عهدها الجديد ، ذلك أن حل الدولتين كان سياسة أميركية ثابتة منذ 24 عاماً ، وكان هذا الحل وما زال معززاً بقرارات دولية واجماع قادة العالم ، ومع ذلك فلم يتحقق حل الدولتين ولا أي حل آخر.
الجديد في الموضوع أن يذكر الرئيس حل الدولة الواحدة ، أي على كل أرض فلسطين التاريخية ، وقد فهم بعضنا أنه حل جيد لأنه يعني أن يشكل الفلسطينيون ما يقارب نصف عدد السكان ، وبالتالي قد يصبحون أغلبية عددية في دولة ديمقراطية خلال سنوات معدودة ، وليس من المستبعد في هذه الحالة أن يصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي أو قائد جيش الدفاع فلسطينياً!.
هذا الكلام مفهوم على سبيل السخرية ، لأن حل الدولة الواحدة من وجهة نظر إسرائيل يتحقق بطرد الشعب الفلسطيني أو أغلبيته من الضفة ، فالمطلوب ضم الأرض وليس الشعب. وحتى بدون (الترانسفير) فإن قطاع غزة الكثيف السكان مستبعد سلفاً أرضاً وسكاناً ، ولا يدخل في حسابات الدولة الواحدة.
ما يفهم من تطور محاولات الحل الفاشلة أن أميركا والعالم لن يفرضوا على إسرائيل حلاً ، وأن الامر متروك لخيارها وقرارها ولها حق الفيتو على أي حل.
خيار إسرائيل هو استمرار الوضع الراهن ، لأن مرور الزمن لم يرفع عدد سكان الضفة كما يوحي معدل النمو السكاني المرتفع ، وذلك بسبب التهجير والبطاقات الخضراء والصفراء والجوازات الدائمة والمؤقتة وتسهيلات الهجرة إلى أميركا ، وأخيراً وليس آخراً جعل الحياة في الضفة لا تطاق.
استمرار الوضع الراهن دون حل هو الخيار الإسرائيلي ، لأن مرور الوقت يسمح بإحداث تغييرات على الأرض تجعل اي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية غير وارد ، ذلك أن مصادرة الأراضي والاستيطان هي في الواقع عملية ضم تدريجية لأراضي الضفة لإسرائيل ، كما أن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة يناهز ثلاثة أرباع مليون ونسبتهم إلى مجموع السكان في ارتفاع ، فالميزان السكاني في الضفة يميل لصالح إسرائيل.
الباب مغلق على أي حل يلبي بعض حقوق الشعب الفلسطيني ، وهذه وصفة فعالة لنشر التطرف والعنف.