أخر الأخبار
المؤتمر الشعبي لفسطينيي الخارج جدل عقيم يتَجدّد !
المؤتمر الشعبي لفسطينيي الخارج جدل عقيم يتَجدّد !

في اسطنبول..المدينة الساحرة والعريقة, التي باتت مربط «خيل» حلفاء تركيا من الإسلامويين العرب, ينعقد يومي السبت والاحد المُقبلين, مؤتمر بعنوان»المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج», او ما بات يُوصَف إعلاميا بـِ»مؤتمر الشتات الفلسطيني»,وسط جدل محتدم,بين انصارمنظمة التحرير الفلسطينية, التي يواصِل «قادتها» تذكيرنا عند كل ازمة تواجِهَهم (رغم تهميشهم لها..دورا وتاريخاً مجيداً)...انها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني,وبين ممَن لا ينفكّون,منذ أزيد من ربع قرن, بل أكثر,عن محاولة القفز عن المنظمة او تجاوزها, إذا ما أعيتهم الحيلة, للسيطرة عليها اوخلق بديل عنها, كما سعى الإخوان المسلمون في غزة إبان الإحتلال الاسرائيلي للقطاع, وخصوصاً قبل اندلاع الإنتفاضة الاولى, وبروز «حماس» كذراع عسكرية لإخوان غزة او قُل لإخوان المنطقة.
ولأن المستفيدين يسعون بكل ما لديهم من طاقات وما يتوفرون عليه من تحالفات اقليمية، (إقرأ تركية) الى إبعاد شبهة التآمر او وراثة المنظمة، يستشعرون ضعفا ان لِجهة التوقيت الذي جاء فيه انعقاد مؤتمرهم المُفاجئ وغير المُقنِعَة تبريرات انعقاده, من قبيل القول: انه جاء لإحياء دور فلسطينيي الشتات الذين غُيِّبوا منذ فترة طويلة, ام لجهة غموض هوية القائمين عليه وشبهة انتقاء اسطنبول مكانا لإنعقاده, فضلا عن مصادر التمويل وطبيعة الأسماء او الجهات التي تمت دعوتها لحضور هذا المؤتمر، فإن المتضررين, وهم هنا الجهات والأشخاص المرتبطين حصرا بمنظمة التحرير, رفعوا صوتهم عاليا وبدأوا حملة شعواء من التشكيك والطعن والغمز واللمز, ضد من يتبنون المؤتمر أو يدعون اليه أو يُبدون حماسة نحوه, وعادوا كعادتهم الى تكرار اسطوانتهم المشروخة والمعروفة عن وحدانية التمثيل والتآمر الذي لا يتوقف لإيجاد بديل للمنظمة وغيرها من المفردات والمصطلحات التي ملّ منها فلسطينيو الداخل كما فلسطينيي الشتات, ولم تعد قادرة على اقناع أحد بأن منظمة كانت ذات يوم وطنا معنويا للفلسطينيين قد جرى تحنيطها قبل اوسلوا (على الأقل) وتم الإستعانة بها فقط لمساعدة هذا»الأب» أو ذاك في سلطة اوسلو ، كي يُمرِّر اتفاقية أو يُضفي شرعية على اتفاق أو يحيل خصما سياسيا أو فصائليا على الإستيداع أو الطرد أو النبذ.
ولأن مؤتمر اسطنبول (يا لهذه المدينة كم مؤتمرا عقد باسمها وتحت راياتها وخصوصا سورياً ومصرياً واخوانياً) لفلسطينيي الشتات, تدور حوله جملة من الأسئلة ويسربل الغموض الكيفية التي تم تظهيره بها ووضعه على جدول الأعمال الفلسطيني (بما هو جدل وصراع واتهامات لا تنتهي وتخوين جاهز واحتكار مُتبادَل للوطنية والنضال وصحة التمثيل, وغيرها مما تعج بها المرحلة الفلسطينية البائسة التي كرسها الصراع الثنائي الحمساوي الفتحاوي على السلطة وامتيازاتها, والإستدارات التي لا تتوقف في نسج التحالفات والإرتباطات بمشروعات اقليمية ذات بعد ايديولوجي واضح (اقرأ فاضح) لا مصلحة حقيقة للشعب الفلسطيني فيها, كما رأينا في موقف حماس من الأزمة السورية والأحداث في مصر كذلك في ليبيا واليمن ، فإن من المشروع طرح أسئلة لا تجد جوابا لها, من قِبل الداعين للمؤتمر، وهم بالمناسبة مجهولون: لماذا استثنوا القيادة السياسية لمنظمة التحرير؟ وحتى لو قال أحدهم انهم دعوا بعض القيادات, فلماذا جاءت تلك الدعوات بصيغة شخصية وليست تمثيلية؟ بإعتبار ان هناك تجمّعات فلسطينية في أوروبا تحضر بصفتها التمثيلية مثل التجمع الفلسطيني للأطباء وآخر للمهندسين وثالث للمحامين وغيرها ممن تتولى جهات ذات مرجعية « حمساوية « تفريخها, بعيدا عن أطر وهيئات منظمة التحرير المعروفة في أوروبا, ينال بعضها اعتراف دول أوروبية عديدة ؟.
من الحكمة, عدم الأخذ بتبريرات المنظِمين بأن المؤتمر هو» شعبي عام وليس حزبيا أو فصائليا» وسيكون المرء غبيا وليس ساذجا فحسب, إذا ما صدّق ان تركيا اردوغان معنية بمؤتمر كهذا, لا تجد من ورائه مكسبا سياسيا في سعيها للزج بنفسها في كل القضايا العربية, والبروز كمدافعة عن المسلمين «السُنَّة» (فقط بالكلام وخصوصا في فلسطين).
ما يدعو للريبة والشك بأن حركة حماس وأنصارها هم الذين يقفون خلف مؤتمر مُفتعَل يُراد من ورائه مزاحمة « المنظمة « على التمثيل, واخراج حماس من عزلتها واظهارها متمتعة بشعبية وذات تأثير على المنظمات الجماهيرية الفلسطينية, هو تكرار قادتها وكوادرها للعبارة الممجوجة التي تقول في تبريراتها لهذا المؤتمر, بأنه يهدف الى إطلاق حراك شعبي, لتكريس دور حثيث وفاعل لفلسطينيي الخارج والتركيز على « الثوابت « الوطنية الفلسطينية, في الوقت ذاته الذي يبرز»جوهر» مسعاهم الحقيقي الذي لم يتوقف منذ عقود, والذي يتلخّص في القول: هناك « إجماع « ان تكون المنظمة هي الإطار الجامع لكل فلسطينيي الداخل والخارج... « شرط « ان يُعاد تشكيل وبناء مؤسساتها المختلفة على « كافة « المستويات ، بما يضمن مشاركة كل القوى ويعكس الواقع الحقيقي لـ ِ « المزاج « الشعبي الفلسطيني!!.
هل ثمّة شك بأن مؤتمر فلسطينيي الشتات لم ينعقد إلّا في سياق تحقيق الهدف الذي لم تحد عنه حماس حتى في عهد عرفات, عندما كانت تطالب بـ 40% من مقاعد كل مؤسسة في «المنظمة» بدءاً بالمجلس الوطني, وليس انتهاء بالمنظمات الجماهيرية؟
لهذا أيضا.. لا يتحدث أحد عن « إنهاء الإنقسام « كأولوية وطنية, بل عن « الكعكة المسمومة «... إياها!!