الأردن والقمة والقضية العربية
كانت فلسطين حتى قمة بيروت 2002 ربما آخر ما طرح بشأنها شيء محدد تجاه الحل النهائي، وبعد عقد ونيف تقترب القمة العربية من الانعقاد وقد أصبح هناك قضايا عربية مستعصية الحل غير قضية فلسطين.
اليوم قد يكون التعويل على القمة العربية في ظل الظروف العربية الراهنة، كي تحدث الكثير أو تخرج بالكثير من القرارات الحاسمة، قد يكون في غير مكانه، لكنها بالنسبة للأردن مهمة كونها تأتي لجمع القادة العرب وإعادة شيء من الروح العربية لمؤسسة الجامعة العربية، التي تحتفل هذه الأيام بالذكرى الثانية والسبعين لتأسيسها وهي في حال ليست أفضل من الواقع العربي.
القضايا العربية العديدة اليوم من فلسطين كقضية عابرة إلى العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى ليبيا، لا يمكن حلها بعشرات القمم، فالصراع بات مستحكماً على الأرض، وهو صراع مغاير للاحتلال الصهيوني، التي بات مزمناً وثمة تكيف معه ومعرفة بتاريخه ومآلاته.
لكن جملة القضايا العربية الأخرى اليوم من ليبيا فاليمن وسوريا إلى العرق، بات الصراع فيها معقداً بين أهل البلاد التي انقسمت وتمزقت وحدتها، وتحولت إلى مناطق نفوذ مليشيات ونفوذ مصالح دولية لكل دولة مآربها الخاصة فيها، من تركيا إلى إيران إلى روسيا إلى الصين فأمريكا، كلها تفعل فعلها لحل حساباتها.
اليوم هناك تدخلات عميقة في النظام العربي، تحدث في ظل تغير بنية النظام الدولي وظهور عوامل جديدة في الصراع وإدامته، وفي أسباب بقائه، التي من المرشح أنها لن تنتهي بزوال الصراع المسلح، بل إنها ستحدث تغيرا ديمغرافيا أيضا في المشهد السكاني لسوريا التاريخية والعراق.
اليوم لدينا صراعات عربية، وليس صراعاً عربياً اسرائيلياً وحسب، لكننا في القمة العربية التي تستضيفها الأردن لا نملك إلا أن نعتز بشجاعة الأردن الذي اخذ على عاتقة مهمة استعادة العرب وجمعهم، واستعادة الأدوار الممكنة لكي يلتئم القادة العرب تحت مظلة الجامعة العربية التي بحاجة للتجديد وتطوير عمل مؤسساتها.
خروج العرب اليوم من راهنهم لا يمكن أن يتم بسهولة، ثمة تحد كبير وهو أعادة البناء وتعويض المهجرين والمنكوبين، وقد فرضت المجاميع المهجرة تحديات جديدة على الدول المستضيفة وعلى رأسها الأردن الذي لم يعوض ولم يجد الدعم الكافي الذي يعوض ارهاق مؤسساته وخدماته وبيئته جراء استقبال أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري، هذا بالإضافة لتحدي وجودهم الاجتماعي.
مع كل هذا الواقع العربي المرير، لا يمكننا إلا أن نتفاءل بالقمة، وبالاجتماع العربي، وبظروف لقائهم، وبإمكانية حل بعض العقد على مستوى العلاقات بين القادة والدول.