أزمة السولار تشعل غضب المصريين
القاهرة-الكاشف نيوز
خرج فتحي علي عن شعوره وهو يقف في طابور ضم 64 شاحنة وحافلة من أجل أن يملا خزان حافلته بالسولار الذي صار نادرا في مصر والذي تدعم الدولة سعره.
وقال السائق الذي يفرط في التدخين في محطة خدمة حاصرتها الشاحنات والحافلات في شارع جسر السويس بالقاهرة بينما تدثر بمعطف وغطاء رأس استعدادا لوقت طويل سيقضيه في المحطة: "هذا الامر صار جزءا من حياتي اليومية. أحضر وأنتظر بالساعات أو بالايام حسب الحظ."
وأضاف أنه "في البداية كان الامر يثير ضيقي كثيرا لكن الان صار عندي نوعا من الرضوخ للامر الواقع." وقلت كميات السولار الذي خلت منه محطات كثيرة في وقت تكابد فيه الحكومة التي تعاني من نقص في العملات الاجنبية للتخفف من مبالغ الدعم الكبيرة عملا بالوعد الذي قطعته لتحصل على قرض يبلغ 8ر4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي هي في حاجة ماسة اليه من أجل تجنيب اقتصاد البلاد المتداعي السقوط في الهاوية.
ويبدو الوضع قريبا من الانهيار في وقت تزيد فيه الازمات ويستمر تقديم أنواع الدعم التي لا قبل للاقتصاد بها وفي وقت تتناقص فيه احتياطيات اليلاد من النقد الاجنبي وهو ما يزيد خطر أن تتحول أزمات الطاقة الى أزمة طعام تعصف بالاستقرار السياسي النسبي للبلاد.
وانخفضت احتياطيات البلاد من النقد الاجنبي الى أقل من 15 مليار دولار على الرغم من ودائع دولارية في البنك المركزي جاءت من قطر وتركيا. والمبلغ يكفي الواردات لاقل من ثلاثة أشهر.
وانخفضت قيمة الجنيه المصري بنسبة ثمانية في المئة هذا العام وظهرت سوق سوداء للعملة.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط الاسبوع الماضي قول مسؤول ان احتياطي البلاد الاستراتيجي من السولار يكفي الامدادات ثلاثة أيام.
وطلبت الحكومة من المخابز التي تستخدم السولار في تشغيلها الاحتفاظ بمخزون يكفي عشرة أيام لكن لم يكن باستطاعة بعضها ذلك.
وأجلت حكومة الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين هذا الاسبوع ولمدة ثلاثة أشهر تطبيق نظام الحصص في البنزين الذي من المقرر أن يبدأ في ابريل نيسان فيما بدا أنها محاولة لتجنب اثارة سخط الناخبين قبل انتخابات مجلس النواب التي ستجرى في ذلك الشهر.
لكن الاصلاحات لا يمكن تأجيلها كثيرا كما يقول اقتصاديون.
وقال سايمون كيتشن وهو اقتصادي في المجموعة المالية هيرميس بالقاهرة: "أزمات الوقود عرض لامراض الدعم الذي لا يحتمل." وتسبب اجراءان حكوميان في زيادة حدة المشكلة في ديسمبر كان الاول ألغي الدعم على البنزين أوكتان 95 الذي يستعمله الاثرياء. وتسبب ذلك في تحول بعض السائقين لاستهلاك البنزين أوكتان 92 الاقل درجة والذي لا يزال مدعوما مما زاد الطلب عليه.
وفي حملة للحد من السرقة والتهريب والاساءات الاخرى خفضت الحكومة امدادات الوقود الاكثر دعما والذي تستعمله الشاحنات والجرارات والحافلات لمحطات الخدمة التي تملكها وتديرها القوات المسلحة.
وتسبب ذلك في طوابير طويلة أمام المحطات وزيادة الاضطراب الاقتصادي. وفي عدد من محطات الخدمة تسببت الطوابير في اندلاع اشتباكات ومشادات بين السائقين هذا الاسبوع بحسب وسائل اعلام محلية.
وبلغ الوضع درجة من الخطورة دفعت مرسي لعقد اجتماع طاريء مع الوزراء المعنيين لتوفير امدادات كافية كما قال المتحدث الرئاسي ياسر علي.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية أسامة كمال إن دعم السولار الذي يباع للمستهلكين بسعر 25ر1 جنيه /19ر0 دولار/ للتر يكلف الحكومة 35 مليون دولار في اليوم.
وأضاف أن دعم الوقود سيكلف الحكومة 120 مليار جنيه في السنة المالية التي سنتتهي يوم 30 من يونيو حزيران مقارنة مع 115 مليارا في السنة المالية السابقة. ويمثل المبلغ تقريبا كل عجز الميزانية الذي يتوقع أن يبلغ 135 مليار جنيه.
وحتى مساء الثلاثاء حين صارت مشكلة السولار الموضوع الاول في البرامج الحوارية التلفزيونية والاذاعية كان باديا أن الحكومة تنكر الازمة.
وقال كمال انه لا توجد أزمة وان الازمة توجد في التوزيع الذي يتخلله تهريب مشددا على أن الكميات الموجودة في الاسواق تكفي الاستهلاك.
لكنه حين سئل عن وجود أزمة في العملة الصعبة تقلل المستورد من الوقود قال ان الموارد المالية لا تزال متاحة للواردات لكن يتعين أن تخصص للاولويات الاكثر أهمية.
والامر سيان بالنسية للسائقين ومشغلي الرحلات السياحية.
وقال خالد المناوي -وهو عضو بارز في مجلس ادارة اتحاد الغرف السياحية- ان الحكومة ألحقت الضرر بصناعة السياحة التي تضررت من قبل بسبب الاضطراب السياسي حين رفعت الدعم عن وقود البواخر السياحية.
وقال رجل الاعمال جورج بيشوي الذي يملك متاجر لاكسسورات الملابس في حي مصر الجديدة الراقي ان تجارته عانت الكثير من التأخير في تسليم البضائع المستوردة.
ونقلت صحيفة الاهرام اليومية وقناة الجزيرة مباشر مصر التلفزيونية شكاوى مستهلكين من أن السولار يباع في السوق السوداء بمثلي سعره المقرر من الحكومة أو ثلاثة أمثاله.
وقال طارق البحري المتحدث باسم النقابة المستقلة للسائقين: "مشكلة السولار مدمرة. السائقون يعانون يوميا والرئيس الذي انتخبناه فشل في حل هذه الازمة." وأضاف أن "عدد السيارات لم يزد وعدد الرحلات لم يزد لكن الحكومة غير قادرة على توفير السولار وغير قادرة على ابتكار حلول لحل المشكلة."
ويشكو من الازمة أيضا فلاحون تعتمد المحاصيل التي يزرعونها على الري بالات تدار بالسولار.
/الدولار يساوي 7181ر6 جنيه/