حزب الله وفيلق القدس يتبادلان اتهامات فشل المخططات
×
واشنطن - الكاشف نيوز / متابعات :
كانت الحقائق واضحة في محاولة الاغتيال، فالمسؤولون الأميركيون علموا بهذه المؤامرة في وقت مبكر. القاتل المأجور الذي كلفه أربابسيار بتنفيذ العملية كان في الواقع مخبراً يعمل لمصلحة الحكومة الأميركية، وتم القبض عليه من دون أن يتمكن من تنفيذ العملية وقتل السفير السعودي في الولايات المتحدة.
اعترف أربابسيار أن غلام شاكوري ابن عمه والخبير العسكري في فيلق القدس، حثه على المضي قدماً في المؤامرة قائلاً: "فقط نفذ العملية بسرعة. لقد تأخرنا".
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أصرّ فيلق القدس، الذي اكتسب سمعة حتى بين أعدائه لبراعته في تنفيذ العمليات، على المضي قدماً في عملية معيبة وغير مضمونة؟.
أربابسيار رجل ذو شخصية ضعيفة يريد أن يشعر أنه شخصية مهمة وذات نفوذ، وفقاً لما استنتجه الطبيب النفسي الذي تابع حالته.
وقال بائع السيارات الأميركي – الإيراني إن ابن عمه استدرجه إلى المخطط، وهو جنرال في فيلق القدس، ذراع حرس الثورة الإسلامية المسؤول عن العمليات الخارجية. لذا فإن السؤال الحقيقي هو: بماذا كان فيلق القدس يفكر؟.
وفقاً لمدير الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر فإن المؤامرة تدلّ على أن "بعض المسؤولين الإيرانيين - بما في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي – غيّروا تفكيرهم ونهجهم، وأصبحوا أكثر استعداداً لشنّ هجوم في الولايات المتحدة رداً على التصرفات الأميركية التي تهدد نظامهم".
يعتقد مسؤولو الاستخبارات أن طريقة التفكير الجديدة هذه بدأت منذ كانون الثاني/يناير 2010، عندما قررت قوة القدس أن تشنّ، بالتعاون مع حزب الله، حملة جديدة من العنف، الذي يستهدف، ليس فقط إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة، وأهدافا غربية أخرى أيضاً.
لفهم هذا القرار، لا بد من العودة إلى الوراء، وتحديداً إلى العام 2008، عندما اغتيل عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله، عبر استهدافه بسيارة مفخخة في دمشق. بعد هذه الحادثة، أعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله "الحرب المفتوحة" على إسرائيل قائلاً: "إن دم عماد مغنية سيجعل إسرائيل تتبخر من الوجود".
في غضون أسابيع، نفّذ حزب الله أولى مؤامراته، وفشل، ثم حاول من جديد، وفشل أيضاً، وذلك في سلسلة من تفجيرات بالسيارات المفخخة في سفارات إسرائيل والولايات المتحدة، فاختطاف السفير الإسرائيلي، وتفجير برج الرادار في باكو-أذربيجان.
أحبطت مؤامرات عديدة أخرى، الأمر الذي دفع فيلق القدس إلى طلب المساعدة من حزب الله، لتقديم الدعم اللوجستي لتفجيرات واسعة النطاق في تركيا في خريف عام 2009. وعطلت السلطات التركية مؤامرة حزب الله، الذي تظاهر أفراده بأنهم مجموعة من السيّاح تهدف إلى مهاجمة إسرائيل والولايات المتحدة، وربما أهداف يهودية محلية.
وفقاً للتقارير الإخبارية، حاولت خلية يقودها عباس حسين صقر استهداف السيّاح الإسرائيليين، والسفن الإسرائيلية والطائرات، وحتى المعابد اليهودية في تركيا.
واعتقلت الشرطة التركية عناصر حزب الله، الذين قاموا بتهريب سيارة مفخخة إلى داخل البلاد من سوريا، في حين تمكن أفراد فيلق القدس من مغادرة البلاد متنكرين بزيّ سيّاح.
كان الهجوم الفاشل في تركيا حدثاً مفصلياً لمخططي العمليات في حزب الله ورعاته الإيرانيين. وفقاً لمسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية، تلا هذه الحادثة تبادل اللوم بين حزب الله وفيلق القدس على مدى العامين الماضيين، على خلفية فشل العمليات.
في الوقت نفسه، وفي أواخر عام 2009، كانت إيران تبدي اهتماماً متزايداً باستخدام حزب الله لمكافحة التهديدات التي تتعرّض لها على خلفية برنامجها النووي الوليد. كانت جمهورية الإسلامية بحاجة إلى منفذ بعد تدمير أجهزة الطرد المركزي باستهدافها ومقتل عالم الذرة مسعود علي محمدي في طهران.
شعر المسؤولون الإيرانيون بغضب شديد بعد وفاة محمدي، وتوصلوا إلى استنتاجين في أعقاب هذه الحادثة: أولاً كان على حزب الله تنشيط قدراته التشغيلية. ثانياً، الحرس الثوري لن يعمل على دعم حزب الله لوجستياً فقط، بل سينشر أيضاً نشطاء من قوة القدس لتنفيذ هجوم إرهابي في الخارج.
وقال كلابر إن العلاقة بين حزب الله وإيران اتخذت شكل "شراكة بين فرع تابع للإيرانيين الذين يعتبرون الشريك الأقوى واليد العليا". وكانت هذه "الشراكة الاستراتيجية" نتاج تطور طويل من الثمانينات عندما كان حزب الله مجرد وكيل لإيران.
بناء على تعليمات إيران، خضع الجناح حزب الله لعملية إعادة تنظيم كبيرة. تم تجنيد نشطاء جدد من النخبة من الجناح العسكري لحزب الله، وتلقوا التدريب الاستخباراتي والتشغيلي، في حين تم نقل عناصر منظمة الإسلام الجهادية إلى مواقع جديدة.
حزب الله ينخرط في حرب الظل الإيرانية
انخرط حزب الله في محادثات مفصلة مع المسؤولين الإيرانيين لوضع دور للحزب في خطة حرب الظل المنسقة التي تستهدف أميركا وإسرائيل، الدول الخليجية والبريطانية، ومصالح العرب. وتشمل هذه الخطة عمليات تهدف إلى تحقيق أهداف مختلفة، بما في ذلك الانتقام لاغتيال مغنية، والهجمات على البرنامج النووي الإيراني، وإقناع القوى الغربية بأن أي هجوم على إيران سيؤدي إلى هجمات إرهابية في أنحاء العالم كافة.
تحقيقاً لهذه الغاية، وضع صناع القرار الإيرانيون قائمة بثلاثة أهداف رئيسة هي: السيّاح الإسرائيليون، أهداف حكومية رسمية (الدبلوماسيون والمسؤولون)، ونطاق واسع في إسرائيل أو المجتمع اليهودي (قادة المجتمعات المحلية، الشركات الإسرائيلية البارزة).
العمليات التي تم تنفيذها حتى الآن معروفة جيداً، وشملت مؤامرات في بلغاريا، وتايلند، وجنوب أفريقيا، وقبرص. وفي الوقت نفسه، كانت عناصر فيلق القدس تعمل في الهند وجورجيا وتايلاند، وأذربيجان، وباكستان، وكينيا، والولايات المتحدة- من خلال منصور أربابسيار.
كانت طهران يائسة لتنفيذ استراتيجيتها الجديدة والانتقام للهجمات السرّية ضد برنامجها النووي، وبالتالي فإن فيلق القدس يعمل بسرعة ويقع في هفوات وأخطاء فيجني ما يزرع.
لكن على الرغم من هذا الفشل، فإن التهديدات حقيقية بما فيه الكفاية. ففي حزيران/يونيو الماضي، أشار جوناثان إيفانز، المدير العام لوكالة الاستخبارات البريطانية إلى أن مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن "تعود مباشرة إلى القيادة الإيرانية".
من المؤكد أن فيلق القدس سيتعافى من الهفوات التي شابت عملياته السابقة، كما يبدو أن القادة الإيرانيين ملتزمون بسياسة استهداف المصالح الغربية.
اعتراف أربابسيار ينهي فصلاً واحداً من حرب الظل الإيرانية ضد الغرب، لكن يجب أن تبقى السلطات يقظة للمخططات التي لم تنفذ بعد.
واشنطن - الكاشف نيوز / متابعات :
كانت الحقائق واضحة في محاولة الاغتيال، فالمسؤولون الأميركيون علموا بهذه المؤامرة في وقت مبكر. القاتل المأجور الذي كلفه أربابسيار بتنفيذ العملية كان في الواقع مخبراً يعمل لمصلحة الحكومة الأميركية، وتم القبض عليه من دون أن يتمكن من تنفيذ العملية وقتل السفير السعودي في الولايات المتحدة.
اعترف أربابسيار أن غلام شاكوري ابن عمه والخبير العسكري في فيلق القدس، حثه على المضي قدماً في المؤامرة قائلاً: "فقط نفذ العملية بسرعة. لقد تأخرنا".
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أصرّ فيلق القدس، الذي اكتسب سمعة حتى بين أعدائه لبراعته في تنفيذ العمليات، على المضي قدماً في عملية معيبة وغير مضمونة؟.
أربابسيار رجل ذو شخصية ضعيفة يريد أن يشعر أنه شخصية مهمة وذات نفوذ، وفقاً لما استنتجه الطبيب النفسي الذي تابع حالته. وقال بائع السيارات الأميركي – الإيراني إن ابن عمه استدرجه إلى المخطط، وهو جنرال في فيلق القدس، ذراع حرس الثورة الإسلامية المسؤول عن العمليات الخارجية. لذا فإن السؤال الحقيقي هو: بماذا كان فيلق القدس يفكر؟.
وفقاً لمدير الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر فإن المؤامرة تدلّ على أن "بعض المسؤولين الإيرانيين - بما في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي – غيّروا تفكيرهم ونهجهم، وأصبحوا أكثر استعداداً لشنّ هجوم في الولايات المتحدة رداً على التصرفات الأميركية التي تهدد نظامهم".
يعتقد مسؤولو الاستخبارات أن طريقة التفكير الجديدة هذه بدأت منذ كانون الثاني/يناير 2010، عندما قررت قوة القدس أن تشنّ، بالتعاون مع حزب الله، حملة جديدة من العنف، الذي يستهدف، ليس فقط إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة، وأهدافا غربية أخرى أيضاً.
لفهم هذا القرار، لا بد من العودة إلى الوراء، وتحديداً إلى العام 2008، عندما اغتيل عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله، عبر استهدافه بسيارة مفخخة في دمشق. بعد هذه الحادثة، أعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله "الحرب المفتوحة" على إسرائيل قائلاً: "إن دم عماد مغنية سيجعل إسرائيل تتبخر من الوجود".
في غضون أسابيع، نفّذ حزب الله أولى مؤامراته، وفشل، ثم حاول من جديد، وفشل أيضاً، وذلك في سلسلة من تفجيرات بالسيارات المفخخة في سفارات إسرائيل والولايات المتحدة، فاختطاف السفير الإسرائيلي، وتفجير برج الرادار في باكو-أذربيجان.
أحبطت مؤامرات عديدة أخرى، الأمر الذي دفع فيلق القدس إلى طلب المساعدة من حزب الله، لتقديم الدعم اللوجستي لتفجيرات واسعة النطاق في تركيا في خريف عام 2009. وعطلت السلطات التركية مؤامرة حزب الله، الذي تظاهر أفراده بأنهم مجموعة من السيّاح تهدف إلى مهاجمة إسرائيل والولايات المتحدة، وربما أهداف يهودية محلية.
وفقاً للتقارير الإخبارية، حاولت خلية يقودها عباس حسين صقر استهداف السيّاح الإسرائيليين، والسفن الإسرائيلية والطائرات، وحتى المعابد اليهودية في تركيا.
واعتقلت الشرطة التركية عناصر حزب الله، الذين قاموا بتهريب سيارة مفخخة إلى داخل البلاد من سوريا، في حين تمكن أفراد فيلق القدس من مغادرة البلاد متنكرين بزيّ سيّاح.
كان الهجوم الفاشل في تركيا حدثاً مفصلياً لمخططي العمليات في حزب الله ورعاته الإيرانيين. وفقاً لمسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية، تلا هذه الحادثة تبادل اللوم بين حزب الله وفيلق القدس على مدى العامين الماضيين، على خلفية فشل العمليات.
في الوقت نفسه، وفي أواخر عام 2009، كانت إيران تبدي اهتماماً متزايداً باستخدام حزب الله لمكافحة التهديدات التي تتعرّض لها على خلفية برنامجها النووي الوليد. كانت جمهورية الإسلامية بحاجة إلى منفذ بعد تدمير أجهزة الطرد المركزي باستهدافها ومقتل عالم الذرة مسعود علي محمدي في طهران.
شعر المسؤولون الإيرانيون بغضب شديد بعد وفاة محمدي، وتوصلوا إلى استنتاجين في أعقاب هذه الحادثة: أولاً كان على حزب الله تنشيط قدراته التشغيلية. ثانياً، الحرس الثوري لن يعمل على دعم حزب الله لوجستياً فقط، بل سينشر أيضاً نشطاء من قوة القدس لتنفيذ هجوم إرهابي في الخارج.
وقال كلابر إن العلاقة بين حزب الله وإيران اتخذت شكل "شراكة بين فرع تابع للإيرانيين الذين يعتبرون الشريك الأقوى واليد العليا". وكانت هذه "الشراكة الاستراتيجية" نتاج تطور طويل من الثمانينات عندما كان حزب الله مجرد وكيل لإيران.
بناء على تعليمات إيران، خضع الجناح حزب الله لعملية إعادة تنظيم كبيرة. تم تجنيد نشطاء جدد من النخبة من الجناح العسكري لحزب الله، وتلقوا التدريب الاستخباراتي والتشغيلي، في حين تم نقل عناصر منظمة الإسلام الجهادية إلى مواقع جديدة.
حزب الله ينخرط في حرب الظل الإيرانيةانخرط حزب الله في محادثات مفصلة مع المسؤولين الإيرانيين لوضع دور للحزب في خطة حرب الظل المنسقة التي تستهدف أميركا وإسرائيل، الدول الخليجية والبريطانية، ومصالح العرب. وتشمل هذه الخطة عمليات تهدف إلى تحقيق أهداف مختلفة، بما في ذلك الانتقام لاغتيال مغنية، والهجمات على البرنامج النووي الإيراني، وإقناع القوى الغربية بأن أي هجوم على إيران سيؤدي إلى هجمات إرهابية في أنحاء العالم كافة.
تحقيقاً لهذه الغاية، وضع صناع القرار الإيرانيون قائمة بثلاثة أهداف رئيسة هي: السيّاح الإسرائيليون، أهداف حكومية رسمية (الدبلوماسيون والمسؤولون)، ونطاق واسع في إسرائيل أو المجتمع اليهودي (قادة المجتمعات المحلية، الشركات الإسرائيلية البارزة).
العمليات التي تم تنفيذها حتى الآن معروفة جيداً، وشملت مؤامرات في بلغاريا، وتايلند، وجنوب أفريقيا، وقبرص. وفي الوقت نفسه، كانت عناصر فيلق القدس تعمل في الهند وجورجيا وتايلاند، وأذربيجان، وباكستان، وكينيا، والولايات المتحدة- من خلال منصور أربابسيار.
كانت طهران يائسة لتنفيذ استراتيجيتها الجديدة والانتقام للهجمات السرّية ضد برنامجها النووي، وبالتالي فإن فيلق القدس يعمل بسرعة ويقع في هفوات وأخطاء فيجني ما يزرع.
لكن على الرغم من هذا الفشل، فإن التهديدات حقيقية بما فيه الكفاية. ففي حزيران/يونيو الماضي، أشار جوناثان إيفانز، المدير العام لوكالة الاستخبارات البريطانية إلى أن مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن "تعود مباشرة إلى القيادة الإيرانية".
من المؤكد أن فيلق القدس سيتعافى من الهفوات التي شابت عملياته السابقة، كما يبدو أن القادة الإيرانيين ملتزمون بسياسة استهداف المصالح الغربية.
اعتراف أربابسيار ينهي فصلاً واحداً من حرب الظل الإيرانية ضد الغرب، لكن يجب أن تبقى السلطات يقظة للمخططات التي لم تنفذ بعد.