أخر الأخبار
من “قلق” مون الى “إنهزامية” أنطونيو!
من “قلق” مون الى “إنهزامية” أنطونيو!

ما أن رحل الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، حتى ظن الغالبية الفلسطينية، أن "مرحلة جديدة" قد تبدأ بعد رحيل مستر "قلق"، كما أطلقوا عليه من كثرة إستخدام هذا التعبير بديلا لإدانة العدوان والجرائم التي ارتكبتها دولة الكيان ضد الشعب الفلسطيني، خاصة خلال ثلاث حروب دموية ضد قطاع غزة، خلفت جرائم حرب لا تزال بلا عقاب، وتآمر مع واشنطن للضغط على رئيس سلطة الحكم المحدود محمود رضا عباس لسحب أحد أهم التقارير لإدانة دولة الكيان بارتكابها جرائم حرب، تقرير غولدستون الشهير عام 2008..

وإنتاب البعض، بالمقابل "فرح مبكر"، بأن القادم لملئ شاغر مستر "قلق"، أنطونيو غوتيريش أو غوتيريس، ذاك البرتغالي الإشتراكي الذي كان وزيرا للخارجية، شخصية متابعة بدقة لملف الصراع وطبيعة جرائم الكيان وقضية الشعب الفلسطيني، وسريعا دب الأمل يتسلل ان "عهدا جديدا" سيكون أكثر إنصافا للفلسطيني مما كان في "الزمن المقلوق"، بعد أن أعلن "أنطونيو"، ترشيح الشخصية الفلسطينية البارزة د.سلام فياض الى منصب المبعوث الأممي الى ليبيا كرجل يبحث صناعة سلام في ملف معقد..

لكن، وكما قالت جداتنا منذ أزل "يا فرحة ما تمت"، عندما رفضت أمريكا ترشيح د. سلام فياض للمنصب، بصفته ينتمي لشعب تراه الإدارة الأمريكية لا يستحق ان يحتل أي منه منصبا دوليا مرموقا خاصا بالأمم المتحدة، وانصاع مسيو غوتيريش للرغبة الأمريكية دون أن يدافع عن خياره الشخصي - السياسي، وبحث سريعا عما تقبل به أمريكا..

ولأن العنوان، بدأ يقرأ من عنوانه، بأننا أمام شخصية تفوق في هزلها مستر قلق، سريع "الانبطاحية" لكل ما تريده السيدة الأمريكية "نيكي هالي"، لا يتركها تكمل ما تريد كي لا يصبح طلبها "أمرا"، فيتم الاستجابة فورا لـ"رغباتها الشيطانية الكارهة للفلسطيني"، رغم انها من أصل هندي أحمر، تعرض أجدادها لأكبر عملية إقتلاع عنصري في التاريخ على أيد أجداد أسيادها البيض الآن..

مستر "أنطونيو" المعاصر، أقدم في شهر مارس (آذار) 2017 على سحب تقرير الأمينة العام لمنظمة الإسكوا د. ريما خلف، الذي يتهم إسرائيل بتطبيق العنصرية على الشعب الفلسطيني وذلك استجابة لمطالب وضغوط إسرائيلية وأمريكية، وبعد أن أعلن وزير الخارجية الأمريكية تيلرسون بأن بلاده ستنسحب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ما لم يجر إصلاحات كبيرة داخله بعد تقرير أصدرته اللجنة (الإسكوا)..سحب التقرير فكانت الاستقالة التي تحمل فخرا لريما وبلدها الأردن وموطنها الأصلي فلسطين.

الاستجابة الفورية لهذا الرجل، تضعنا أمام خطر سياسي حقيقي للدور الذي يمكن أن يقوم به، خلال توليه هذا المنصب الخطير والحساس، ليس بمنعه قوة "التصويت العالمي" لصالح فلسطين والعدالة الانسانية، فتلك حركة لا يمكنه أن يقف في طريقها أمثال هؤلاء من "خدم الاستعمار" قديمه وجديده، لكنه يملك قوة التحكم في عرقلة أي قرار بحكم "الموقع"، بل ويلغي أي تقرير أو قرار ما لم ترضى عنه "سيدته الأولى"..

غوتيرش قادم الى فلسطين، والمنطقة، الأولى له منذ انتخابه، ومسبقه "اسود داكن" من نموذجي الرضوخ والخنوع للرغبة الأمريكية - الإسرائيلية، وما يتم الحديث عنه، هو انه سيبحث طرقا ووسائل تلبي طلبات "الآمر الناهي" له "مسز هالي"، حيث فتحت نيرانها على قوات الأمم المتحدة في لبنان والجولان، تريد أن تجعل منها قوة تنفيذية لخدمة أمن اسرائيل، وليس قوة حماية من الغدر العدواني الإسرائيلي كما هي وظيفتها وفق ميثاق الأمم المتحدة..

المصيبة السياسية الكبرى، التي بدأت تلوح في الأفق، وسط صمت سلطة محمود عباس، الخاضع بما يفوق خضوع أنطونيو للإدارة الأمركية، ما يتعلق بمكانة "الأونروا"، دورا ومكانة وتجسيدا لمظهر "كارثة إنسانية" تعرض لها الشعب الفلسطيني على يد عصابات صهيونية بدعم منن المستعمر البريطاني والرجعية العربية في حينه، قبل أن تكون مؤسسة "إغاثية" بالمعنى الانساني، وهذا ما تبحث أمريكا ودولة الكيان بالتعاون مع البرتغالي غوتيريش للخلاص منها بطرق شتى..تبدأ بالمال وتنتهي بالاجراءات والصعوبات..

"مؤامرة" مضافة بدأت تلوح في الأفق يتم صناعتها الآن داخل أروقة الكونغرس الأمريكي، يعمل أنطونيو غوتيريش خلال زيارته دراسة سبل تنفيذ ذلك الأمر - الرغبة القادمة من واشنطن..

نعلم، ان سلطة محمود عباس لن تجرؤ بالحديث عن دور ومكانة "الإونروا"، لأنها لم تعد جزءا من أولوياته بناء على طلب أمريكي - إسرائيلي، لذا مطلوب من القوى السياسية كافة، دون أن نعدد مسمياتها (لأن "الذاكرة الإنسانية" باتت عاجزة عن حفظ تلك المسميات)، أن تنتفض في وجه أنطونيو وتؤكد أن المساس بالإونروا الدور والوظيفة والرمزية هو مساس بجوهر القضية الوطنية الفلسطينية..رسائل لا يجب أن تغيب عن رحلة من يحمل أهم منصب دولي كمسمى ووظيفة وليس دورا وحضورا!

ملاحظة: على غير المعتاد، خرجت مديرة مكتب محمود عباس لتكتب مدافعة عن الموظف الذي تم تعيينه حامل أختام كل إعلام عباس الرسمي والخاص احمد عساف، دفاعها على صفحتها بالفيس بوك عن شخصه يثير التساؤل..شو القصة يا "إنتصار"!

تنويه خاص: "رسالة الغضب" التي أرسلتها الجبهة الشعبية الى محمود عباس فاضحة سلوكا ودورا وموقفا تستحق الإشادة السياسية، خاصة لو تم ربطها بممارسة تنفيذية لتصبح درسا في مواجهة "الإنحراف الوطني العام" الذي بات سرطانا!