أخر الأخبار
هل تأخُذ المعارضات السورية بِـ«نصيحة».. لافروف ؟
هل تأخُذ المعارضات السورية بِـ«نصيحة».. لافروف ؟

فيما تعيش المعارضات السورية، وبخاصة ما يوصف بالائتلاف الذي استولد الهيئة العليا للمفاوضات، وأقنع «قادته» انفسهم أنهم باتوا الممثل الشرعي والوحيد لمئات الفصائل والكتائب والجيوش وخصوصاً تلك التي عمِلت الغرف الاستخبارية السوداء على تسليحها وتمويلها وتدريبها والدفع بها نحو الاراضي السورية بطرق معروفة ومكشوفة.
نقول: فيما تعيش هذه المعارضات حال تيه وضياع ويأس، ولا تجد من يهاتفها او يرفع مِن معنويات مَن اعتاشوا على أكذوبة «الثورة» وضخّموا من ارصدتهم المالية واطمأنوا «وَهْماً» الى انهم حجزوا لانفسهم مكاناً في الصفوف الاولى بعد ان وُعِدوا باقتطاع جزء من كعكة السلطة في سوريا الجديدة، برزت الى السطح دعوة (اقرأ نصيحة) رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف لهم، التخلي عن التهديدات والشروط المُسبَقة التي «لا تتفق مع القواعد التي وافق عليها مجلس الأمن»، مضيفاً... انه يجب عليهم التحلّي بالواقعية.
قد يكون وزير الخارجية الروسية الذي يجول في منطقة الخليج بهدف «تحريك» الأزمة الخليجية المتوالية فصولاً، والذي أعلن تأييد موسكو للمساعي السعودية الاخيرة الهادفة الى توحيد منصّات المعارضة الثلاث الرياض، القاهرة وموسكو، اطلق دعوته هذه كي يمنح منصة الرياض فرصة النزول عن الشجرة العالية و»العارية» التي صعد اليها قادتها «المُرتبِكين واليائِسين»، ولم يعودوا قادرين عن التراجع عمّا كانوا وضعوه من شروط لعل في مقدمتها رفض اي دور للرئيس السوري، بل وذهب ببعضهم الشطط الى الدعوة لمحاكمته هو والمحيطين به، وخصوصاً دعوتهم إعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية، ما يعيد الى الاذهان ما كان «بريمر» قد فعله في العراق، عندما حلّ الجيش العراقي وأرسل مئات الآلاف من منتسبيه الى البطالة والجوع والإهانة، الأمر الذي ما يزال العراق يعاني من تبعاتِه حتى الان.
لم يصدر بعد – ويبدو انه لن يصدر – اي رد فعل على دعوة الوزير الروسي، لأن اركان منصة الرياض فقدوا توازنهم ولم يعد بمقدورهم استيعاب حجم الصدمة التي ألمّت بهم، بعد ان تم الاستغناء عن خدماتهم وبات مطلوباً منهم الان ان «يتكيفوا» مع المستجدات الميدانية، وان يتحلّوا بالواقعية وان يبتلعوا كل الترهات والشروط وخصوصاً الأوهام التي كانوا يستسهلون اطلاقها أمام وسائل الاعلام، وتلك الحال المتضخمة من الغطرسة والصفاقة التي كانت تفوح من تصريحاتهم الهذيانية، التي تعكس مدى ضحالة قراءاتهم السياسية وانعدام تجاربهم وفقدانهم أبسط مقومات فهم عِبَرِ التاريخ ومبادئ الكياسة، ناهيك عن مدى خضوعهم وفي دونية كاملة، لأوامر وتعليمات مُشغّليهم، الأمر الذي ادى في النهاية الى عزلتِهم وانعدام فاعليتهم وسرعة تخلّي المشغّلين والمموّلين عنهم، ما أسهم في زيادة الصدع في صفوفهم واندلاع حروب التخوين والشكوك وانعدام الثقة بينهم، فضلاً عن انسلاخ المجموعات المسلحة التي كانوا تسوّلوها كي تغطي افتقارهم لأي حاضنة شعبية، او تبرير ما كان اقترحته عليهم عواصم اقليمية بتشكيل حكومة «مؤقتة» تتولى ادارة «المناطق المُحرّرة» التي كانت العصابات الارهابية المسلحة تسيطر عليها وتنهب بيوت اهاليها وتُعمِل فيهم القتل والتنكيل والاهانات.
وصلت المعارضات الان، وبعد ان تخلّى عنها اصدقاؤها ورهط الذين وظّفوها في الحرب على سوريا وتخريب بناها التحتية وتهجير سكانها واشاعة الفوضى فيها، الى حال الافلاس الكامل، ولم يعد لدى قادتها الدافعية او الثقة بالنفس والزعم بانهم قادرون على الاستمرار، بل باتوا يخشون ان ينتهي بهم المطاف الى التصفية، سواء كانت جسدية ام سياسية، ولهذا لم تعد لديهم الرغبة بإصدار تصريح او ابداء اي رد فعل على ما يجري من تطورات متلاحقة وتغييرات دراماتيكية في مواقف دول وقادة الغرب الاستعماري (دع عنك بعض العرب المنشغلين الان بخلافاتهم وخصوماتهم وحروب الكيد السياسي والشخصي المندلعة بينهم)، فانهارت معنوياتهم بعد ان ظنوا ان ساكن البيت الابيض الذي ارتكب جريمة قصف مطار الشعيرات بتسعة وخمسين صاروخ توماهوك، قادر على مواصلة حماقاته وارتكاباته دون ردع، بل ان محاولته ايجاد جيب في منطقة «التنف» الحدودية السورية الاردنية العراقية دُفنَت في مهدها، ولن يكون مصير مغامرته المتوهمة في دير الزور مختلفاً عما لاقاه في التنف، فضلاً عما بدا يتضح من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ارتكبه وما يزال الطيران الحربي الاميركي في مدينة الرقة التي يدّعون انهم وقوات سوريا الديمقراطية يقومون.. بتحريرها.
إعتبارات عديدة فرضت على السيد لافروف اطلاق دعوته لمنصة الرياض كي تتخّلى عن التهديدات والشروط المُسّبقة والتحلّي بالواقعية فضلاً عن إعلان تأييده لتوحيد منصات المعارضات الثلاث، إلاّ ان منصة الرياض فقدت حضورها وتوازنها، وبات المُشغِلون في حيرة من امرهم، ما إذا كان سيواصلون الاستثمار فيها دون فائدة تُرجى، ام انهم سيمهلون قادتها فترة زمنية محدّدة قبل ان يعلنوا غسل ايديهم منهم، بعد ان لم يعد امامهم سوى الاعتراف بأن اللعبة قد انتهت فِعلاً، وانهم راهنوا على الحصان الخاسر، وان كل ما استثمروه قد افضى الى هزيمة سياسية وأخلاقية... موصوفة.