أخر الأخبار
القرضاوي وعمران بن حطان
القرضاوي وعمران بن حطان
منذ نشأته الأولى فى جماعة الإخوان سار الشيخ يوسف القرضاوى ومعه شباب الإخوان على نفس منهج ومسلك وتصرف عمران بن حطان أحد غلاة الخوارج، وعمران بن حطان لمن لا يعرفه شاعر عربى من شعراء صدر الإسلام، ومن رءوس الخوارج، وعاش حياته هاربًا إلى الشام ثم إلى عمان، وأما وجه الشبه بين الخارجى عمران بن حطان خوارج العصر اليوم فيأتى حين قام «عبدالرحمن بن ملجم» باغتيال سيدنا على بن أبى طالب – كرم الله وجهه-، يومها أنشد عمران بن حطان شعرًا يمتدح فيه القاتل (عبد الرحمن بن ملجم) بأحسن عبارات التبجيل والمديح، ويصف المقتول (سيدنا على بن أبى طالب) بأقذع الأوصاف، وعلى نفس السَّنن مضى القرضاوى فى حادثة مماثلة، فبعد أن قام الإخوان باغتيال محمود فهمى النقراشى يوم ٢٨ ديسمبر ١٩٤٨م، أنشد القرضاوى بيتين من الشعر يمتدح فيهما القاتل (عبدالمجيد حسن) بأحسن عبارات التبجيل والمديح، ويصف المقتول(محمود فهمى النقراشى) بأقذع الأوصاف.
يقول القرضاوى فى مذكراته، طبعة دار الشروق، ط٢، ج١، سنة ٢٠٠٦م، ص٣٣٥ وما بعدها:
«وفى اليوم الثامن والعشرين من شهر ديسمبر أى بعد حل الإخوان بعشرين يومًا وقع ما حذر منه الإمام البنا، فقد أذيع نبأ اغتيال رئيس الوزراء ووزير الداخلية والحاكم العسكرى العام محمود فهمى باشا النقراشى فى قلب عرينه وزارة الداخلية، أُطلقت عليه رصاصات أودت بحياته، وكان الذى قام بهذا العمل طالبًا بكلية الطب البيطرى بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة اسمه عبدالمجيد حسن أحد طلاب الإخوان، ومن أعضاء التنظيم الخاص، وقد ارتكب فعلته وهو يرتدى زى طالب شرطة، لهذا لم يشك فيه حين دخل وزارة الداخلية وأطلق عليه رصاص مسدسه، وقابل عامة الإخوان اغتيال النقراشى بفرحة مشوبة بالحذر، ولقد قابلنا -نحن الشباب والطلاب- اغتيال النقراشى بارتياح واستبشار، فقد شفى غليلنا، ورد اعتبارنا، ومما أذكره أنى نظمتُ بيتين فى هذه المناسبة- يعبران عن ثورة الشباب فى هذه السن- خطابا لعبدالمجيد حسن قاتل النقراشى، كان الطلاب يرددونهما، وهما:
عبدالمجيد تحية وسلام أبشر فإنك للشباب إمام
سممت كلبا، جاء كلب بعده ولكل كلب عندنا سمَّام.
وحين ننظر في التاريخ نجد أن موقف القرضاوى وشباب الإخوان هذا مستنسخ من موقف الخوارج، ففى سنة أربعين من الهجرة النبوية قام عبدالرّحمن بن ملجم إلى الإمام على، وهو خارج إلى صلاة الفجر فضربه على رأسه ضربة أودت بحياته، وسال دمه الطاهر، فقام أحد غلاة الخوارج وهو عمران بن حطان بمدح القاتل عبد الرحمن بن ملجم بأبيات قال فيها:
لله در المرادى الذى سفكت كفَّاه شر خلق الله إنسانا
أمسى عشية غشاه بضربته مما جناه من الآثام عريانا
يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يومًا فأحسبُه أَوفىَ البرية عند الله ميزانًا
أكرِم بِقومٍ بُطُون الأرض أقبرهم لم يخلطوا دينهم بَغيًا وعدوانًا
فالقاتل عند الخوارج القدامى تقى نال رضوان الله، وأوفى الناس عند الله، والقاتل عند خوارج العصر له التحية والسلام، وله البشرى، ونموذج وقدوة وإمام للشباب، والمقتول من وجهة نظر الخوارج القدامى هو شر خلق الله الذي ارتكب الآثام والذنوب، والمقتول عند خوارج العصر هو كلب مات مسمومًا..وهكذا يبدأ التماس والتقارب بين الإخوان والخوارج القدامى منذ بدايات نشأة الجماعة.